غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

قراءة متعمقة في صميم المعركة

صواريخ عزم الصادقين
بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

بعد مرور قرابة شهر من معركة (وحدة الساحات) نستطيع أن ننظر للمعركة بعين ثاقبة وبعمق تحليلي من خلال الأهداف التي رسمها الاحتلال لهذا العدوان، مستدعين الظروف والتطورات السياسية للحالة المحلية والإقليمية والدولية، مستشرفين بذلك المعطيات السياسية البارزة لنجد أن شعورًا من الفضول المعرفي يدفعنا إلى حالة من التعمق المقصود والربط الجيد بين كل هذه المعطيات، التي هي بالضرورة جزء أصيل من هذا المشهد باتجاه تحليل دوافع ومقدمات ومخرجات هذه المعركة (وحدة الساحات)؛ لما لهذه المعركة من مكامن ومقصودات عميقة لابد من الغوص في بحرها وسبر أغوارها؛ لنخرج بالصورة الحقيقية التي تظهر حجم المعركة وأبعادها على مشروع المقاومة.
ربما يعتقد البعض أن معركة (وحدة الساحات) تعامل معها الاحتلال على أنها معركة عادية تأتى في سياق الصراع الدائر بينه وبين حركات المقاومة في غزة، وأن حكومة الاحتلال تريد من خلالها تحقيق مكاسب في الإنتخابات، وفرض مكتسبات سياسية على الأرض، وبذلك يرتفع منسوب التصويت لصالحها على حساب الدم الفلسطيني. وعلى الرغم من أن هذا الهدف قد يكون واردًا في حساباتهم، إلا أننا يمكننا القول بأن هذا الموضوع هو تحصيل حاصل أمام ما كانت تخطط له هذه الحكومة الصهيونية الماكرة بقيادة (لابيد) وبدافع وإصرار قوى من المؤسسة العسكرية بقيادة (بنى غانيتس) و(أفيف كوخافى).


الأهداف الحقيقية للمعركة:
الهدف الرئيسي للمعركة كان هو تحييد أكبر قوى المقاومة عسكرياً وجماهيرياً، واختبار قدرتها على ضبط النفس، ودفعها لعدم التعاطي مع هذه المعركة، ووضعها في خانة الالتفات إلى التسهيلات وتحسين الوضع الإنسانى في غزة للحفاظ على استمرار حكمها للقطاع، وذلك في إطار محاولة ماكرة وخبيثة من جانب الاحتلال لتحييد وإفراغ ساحة المقاومة وترك الجهاد منفردًا في مواجهة العدو بصورة واضحة وغريبة، الأمر الذي أدهش كل المراقبين الذى عايشوا فترة أربعة حروب كانت حماس على رأس المقاومة فيها، وهذا ليس قدحًا في حماس بقدر ما كان هذا الحدث جزءًا مفصليًا و هامًا من المشهد الذى له ما بعده.


إن القضاء على بنية الجهاد الإسلامي من خلال معركة خاطفة وسريعة يتم من خلالها اغتيال أهم وأبرز قادتها العسكريين، وبالتالي يسهل تدمير القدرات العسكرية الميدانية عبر حالة من التخبط وقطع الاتصال بين مجموعات ودوائر القوة العسكرية كان هو السمة الأبرز لهذه المعركة، إلا أنهم تفاجأوا بقدرات سريا القدس في الميدان، وسير خطة المعركة والمواجهة في تكتيك عال ينم على مقدرة واستبسال لدى ( سرايا القدس)، مما جعلها قادرة على التواصل في المعركة بتوازن عسكري مميز أدهش العدو وقلب موازينه وخططه وشل تفكيره.


وفى هذا الإطار لا ننكر أن الإحتلال قد أحرز نوعًا من التقدم الأمني والعسكري من خلال ضرب مراصد المراقبة والاستطلاع، واغتيال كبار القادة والكوادر، وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لدى الجهات المتابعة والمختصة، لكن السؤال المطروح هنا: هل عملية الاغتيال شلَّت الجهاد الإسلامي وأصابته في مقتل كما أراد الاحتلال ؟؟.


إن ما أتبثه الواقع والميدان أن الجهاد لم يتأثر بشكل جوهري، وقد أظهر إبان المعركة مقدرة عالية في التعافي من هذه الضربة بشكل سريع، وإفراز قادة جدد يتمتعون بقدرات عالية من القيادة، فقد تجاوزت سرايا القدس كل الأزمة باقتدار وحكمة وشجاعة، الأمر الذى أكسبها قدرة عالية على التركيز في المعركة، مما أدى إلى انكشاف قدرة الاحتلال العسكرية، وأظهر عدم قدرته على الانتصار على فصيل واحد (الجهاد الإسلامي)، وهذه معادلة جديدة في المواجهة.
وختامًا: لقد انتهت المعركة بكل تفاصيلها بما لها وما عليها، ولكن الجهاد الإسلامي خرج منها أكثر قوة وصلابة، وأكثر احتضاناً وتعاطفاً على المستوى الشعبي والجماهيري، وهذا ما رأيناه في عرس الشهادة الذى به توحدت الساحات الفلسطينية والعربية المقاومة، لقد خرج الجهاد من المعركة ليشكل حالة انتقال نوعية من كونه جزءًا من المقاومة إلى رقم لا يمكن تجاوزه في الصراع والمقاومة، وقد دفع الجهاد الإسلامي في سبيل ذلك ثمناً كبيرًا من التضحيات والدماء والإعداد.

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".