لم ينسَ ما حدث مطلقًا، فقد كان عامًا مليئًا بالأحداث القاسية والمؤثرة، بدأت بالاعتقالات، والملاحقات، والمنع، ثم الاستشهاد؛ تلك الأحداث القاسية تكسرت أمام قوة الإرادة والتحمل، بل منحت "فؤاد كممجي" ثقة وأملًا في تحقيق الانتصار على الاحتلال.
"فؤاد كممجي" هو والد الأسير البطل "أيهم" أحد القادة الستة الذين انتزعوا حريتهم عبر "نفق جلبوع"، يروي تفاصيل مؤلمة وموجعة، أصابت "القلب"، عاشها فؤاد وأبناءه وعائلته، خلال عام كاملٍ مر على عملية انتزاع الحرية.
يُقلب فؤاد ذاكرته بألم ووجع، متحدثًا لـ"شمس نيوز" عن تفاصيل الأحداث التي تلت عملية نجله ورفاقه الأسرى، وما تعرض له وعائلته من اعتداءات "إسرائيلية" قاسية، وإجراءات، وملاحقات؛ أدت لاستشهاد نجله شاس.
"فؤاد تعال أنت ومجد للمخابرات" هكذا بدأت الهمجية الإسرائيلية الشرسة بحق عائلة الأسير أيهم كممجي، وصل فؤاد ونجله بعد ساعات إلى مكتب مخابرات الاحتلال، وقبل جلوسهما طرحوا عليه أسئلة عدة، "أين أيهم؟"، "اعترفوا أين ذهب؟ هل تواصلتم معه؟"، أسئلة غاضبة توحي بأن كارثة أصابت قلب العدو.
أيام قليلة مضت على حادثة استدعاء فؤاد ونجله مجد، ليتم اعتقال نجله الثاني عماد، وفيصل ابن شقيقه؛ ليحقق معهما الاحتلال بشكل قاسِ، فقد تعرضا للشبح ووضعا في زنازين لأكثر من 13 ليلة.
كانت ليالي السجن قاسية، فقد أكد فؤاد أن نجله عماد وفيصل ابن شقيقه لم يتذوقا طعم النوم، فكانت رائحة الزنازين نتنة، وظلام دامس، ورطوبة عالية تأكل الحديد، فكيف لجسد إنسان من لحم وعظم، مع الإشارة إلى أن الاحتلال سحب تصريح عماد من العمل داخل الأراضي المحتلة.
لم تتوقف اعتداءات الاحتلال عند هذا الحد، بل اشتدت كثيرًا لتُصيب نجله الثالث "عهد" المعتقل أصلًا في سجن مجدو، أحدهم جاء غاضبًا لتنطلق كلماته العربية المكسرة، "عهد كممجي تعال هون"، بسرعة خاطفة من مجدو إلى مركز التحقيق في سجن الجلمة.
ثلاثة وعشرين ليلة قاسية عاشها "عهد" في زنازين "الجلمة" كانت من أقسى الليالي، لم يكن فيها نوم أو راحة؛ فقد كانت قوات الاحتلال تضربه بشدة وتهينه، وتشبحه في الزنزانة، بسبب تعرضهم وتعرض منظومتهم الأمنية للتآكل بفعل ما قام به "أيهم" ورفاقه الأبطال.
للحظة واحدة توقف "فؤاد" عن سرد الأحداث القاسية التي مرت على العائلة طيلة الشهور الماضية، فبدأ يشعر بالألم، ملأ رئتيه بالهواء الطلق، ثم أخرجه بغضب متحدثًا عن حادثة استشهاد شاس الذي كان ذراعه اليمين وحبه الذي لا ينضب.
عاش "فؤاد" أيامًا صعبة في العام الأول من معركة انتزاع الحرية، لكن تلك الأحداث لم تتوقف عند هذا الحد، فقد منعته قوات الاحتلال من السفر لأداء مناسك العمرة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
تحمل فؤاد بقلبه الصابر المحتسب كل تلك الانتهاكات الإسرائيلية بحق العائلة، لكنه لم يتمكن من الصبر كثيرًا بعد إعادة اعتقال "أيهم" دون أن يلتقي به في زنازين الاحتلال، مضى نحو 7 شهور ونيف من إعادة الاعتقال دون أن تتكحل عينيه برؤية نجله.
أصر فؤاد على رؤية نجله وتقدم بشكوى لأجهزة الاحتلال التي كانت تمنعه نهائيًا من زيارة "أيهم"، لكن إصراره على رؤية نجله كانت سببًا في انتزاع تصريح لزيارته.
رغم مرور 356 يومًا مضى على عملية انتزاع الحرية؛ إلا أن "فؤاد" لم يشبع من رؤية أو احتضان نجله، فقد زاره خلال تلك الأيام القاسية ثلاث مرات فقط، كانت مليئة بالقصص والحكايات المؤثرة التي رواها فؤاد كممجي سابقًا لـ"وكالة شمس نيوز" لقراءة القصة السابق (اضغط هنا)
أكثر ما يأمل فؤاد لتحقيقه في الذكرى الأولى لانتزاع الحرية، هي الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل الفلسطينية لتحقيق النصر على المحتل وتحرير جميع الأسرى من سجون الاحتلال، مؤكدًا أن جميع الأمور النفسية التي تعرضت لها العائلة أو المادية لن تكسر إرادتهم مطلقًا للدفاع عن فلسطين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم.