غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الذكرى الحادية والعشرون لاستشهاد القادة أسعد دقة ووائل عساف وسفيان العارضة

شمس نيوز - إعلام الضفة

كانوا ثلاثة رجال، في شمال البلاد، يبتدئون المعركة والقتال، وينتصر دمهم على الجلاد، من عتيل إلى عرابة، حكاية الليوث التي صنعت بدايات المجد وبوابات الخلد، القادة: أسعد دقة ووائل  عساف وسفيان عارضة، في ذكرى ارتقائهم الجميل.

الشهيد القائد المجاهد أسعد عبد الرحمن دقة

أشرقت شمس العشرين من نوفمبر عام 1971م بميلاد القائد أسعد عبد الرحمن دقة في عمَّان بالأردن، ثم انتقل مع عائلته إلى موطنه عتيل بطولكرم، حيث تلقى تعليمه وأنهى الثانوية العامة بتفوق، مما أهله لدراسة الهندسة الكهربائية في جامعة بيرزيت، رغم عدم تمكنه من إكمالها بسبب المطاردة.

تعرًّف إلى الخيار الأمل أثناء دراسته الجامعية، حيث اهتدى إلى أفكار الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي التي زرعها في رحاب جامعة بيرزيت، ومارس نشاطه الطلابي في إطار الجماعة الإسلامية.

اعتقلته قوات الاحتلال إثر نشاطه المستمر، وعقب تحرره، أصيب بحالة حرجة من قوات الاحتلال في مظاهرة نظمها طلبة الجامعة، حـتـى أشـيع نبأ استشهاده، لكن ألطاف الله كتبت له عمراً جديداً، ثم توالت مرات الاعتقال.  

تعرض لمحنة الاعتقال في سجون السلطة وفي اعتقاله السادس قبيل انتفاضة الأقصى، اعتقلت أجهزة السلطة والديه وشقيقيه بهدف الضغط عليه لتسليم نفسه عقب تمكنه من الهرب برفقة عدد من القادة.

بـدأ مـع إخوانـه الشهداء إياد الحـردان وأنـور حـمـران وخالـد زكارنة ومحمـد بشـارات وأنور عبد الغني والأسرى زيد بسيسي وأحمد فني وجاسر رداد، في ترتيب صفوف سرايا القدس، وتشكيل الخلايا العسكرية، وتدريب المجاهدين على السلاح والعبوات والأحزمة الناسفة، لقيادة العمل الجهادي مع انتفاضة الأقصى. 

أشرف على سلسلة من العمليات البطولية التي شكلت باكورة السجل العسكري لسرايا القدس، ومن أبرزها تفجير سيارة مفخخة في المنطقة الصناعية بمدينة "نتانيا" المحتلة في 30-5-2001م، واستهداف قافلة عسكرية قرب بلدة باقة الشرقية، وإصابتها بشكل مباشر، ثم إطلاق النار عليها للإجهاز على الجنود في 17-4-2001م، والتي جاءت رداً على اغتيال القائد إياد حردان، ومباغتة دورية عسكرية من نقطة صفر وتفجير عبوتين ناسفتين في دوريتين عسكريتين شرق وجنوب مخيم نور شمس. 

حاولت قـوات الاحتلال اغتياله في عام 2001م في مخيم طولكرم إلا أنه أصيـب إصابات طفيفة ونجـا مـن المحاولة الجبانة للنيل منه.

الشهيد القائد وائل مطلق عساف

في ذلك الصباح البهي الذي شهدته عرابة كان مولد القائد وائل مطلق عساف في الثامن من ديسمبر عام 1981م، ليلتحق بمدارس بلدته وأتم الثانوية العامة في سجون السلطة حيث كان معتقلاً قبيل انتفاضة الأقصى. 

عرف طريقه إلى صفوف الجماعة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي في مدرسة عرابة الثانوية للبنين، على يد صديقه الشهيد القائد سفيان العارضة.

نشأ في المسجد الشرقي إلى جانب عدد من إخوانه المجاهدين من أهل بلدة عرابة، في حلقات التلاوة القراَن وحفظ الكثير من أجزاء القراَن الكريم، وتميز بالفقه الشرعي والثقافة العامة، وكتابة المقالات.

يعد من أوائل المشاركين في تأسيس سرايا القدس في جنين منذ بداياتها، تحت يدي القائد الفذ إياد حردان وإخوانه المجاهدين أمثال الشهيد سفيان العارضة والأسير محمد العارضة، وشارك في العديد من العمليات العسكرية البطولية. 

من كلمات الشهيد وائل عساف: "أحمدك اللهم ربي وأسألك أعلى رتب الشهادة، أشهد أن لا اله إلا أنت، وأستودعك على هذه الشهادة.. أسألك الله كما يسرت لي كتابة هذه السطور أول مرة بمداد المجاهد، أن تيسر لي كتابتها مرة أخرى بدماء الشهيد".

الشهيد القائد سفيان أحمد العارضة وشقيقته الطفلة بلقيس

كانت عرابة تفتتح نهارها في ذلك اليوم التاسع من أغسطس عام 1975م، بميلاد فارسها سفيان أحمد عارضة، ليلتحق فارسنا بمدارس البلدة حتى أنهى الثانوية العامة عام 1993م في الفرع العلمي، ودرس التربية الإسلامية في جامعة القدس المفتوحة. وتـزوج مـن فتـاة صابـرة محتسبة رزقـه اللـه منهـا بطفـل.

كان يلقب بحمامة المسجد وعرف بصوته الجميل في تلاوة القراَن، وكان يؤم الناس للصلاة، وتميز مبكراً بوعيه الفكري والديني الذي أهله للالتحاق بالركب الطاهر ومسيرة الإيمان والوعي والثورة. 

كان له تأثير كبير على عدد من الطلبة والأصدقاء للانضمام إلى حركة الجهاد الإسلامي، من خلال عقد الندوات والدروس الدينيـة في مسجد البلدة، وأشرف على مجلة المسجد الدورية، وتزيين الجداران بالشعارات الجهادية. 

تعرض للاعتقال مـن قبـل الاحتلال ثـلاث مرات، فكانت فرصة الالتقاء والتعرف إلى عدد من قادة ومجاهدي الحركة، حيث بدأت اعتقالاته المتكررة في أغسطس عام 1993م، وأفرج عنه في فبراير عام 1999م. 

عقب تحرره من سجون الاحتلال، تلقفته سجون السلطة عام 1999م كما اعتقل مجدداً عام 2000م من جـهـاز الوقائي في سجن جنيد بمدينة نابلس بعـد ثمانية أيـام مـن زواجـه.

يعد من أبرز مجاهدي سرايا القدس في شمال الضفة المحتلة، ومن تلامذة القادة عصام براهمة وإياد حردان وخاض العديد من الاشتباكات المسلحة ضد قوات الاحتلال، كما شارك في العمليات البطولية. 

شهداء على طريق القدس:

في ليلة الثاني عشر من سبتمبر عام 2001م، حانت لحظة الارتقاء والشهادة، عقب خوضهم اشتباكاً مسلحاً قرب مستوطنة "دوتان"، وعودتهم إلى بلدة "عرابة"، حيث تم اقتحام البلدة بقوات صهيونية كبيرة من المشاة ومعززة بالدبابات والطائرات المروحية، ومحاصرة البيت الذي يتواجد فيه القادة الثلاثة، وطالبتهم بتسليم أنفسهم، إلا أن أنفسهم الكريمة والعزيزة أبت إلا الاشتباك الذي استمر لأكثر من 5 ساعات.

ونظراً لشراسة المعركة قصفت قوات الاحتلال المنزل بعدد كبير من الصواريخ. واستطاع القائد وائل عساف الاشتباك من مسافة قريبة وإصابة أحد الجنود إصابة مباشرة، فباغتته صواريخ الأباتشي ليرتقي شهيداً، أما القائد أسعد دقة فنجا من قصف المنزل، إلا أنه استهدف بعشرات الرصاصات فسقط مضرجاً بدمه، كما أصيب القائد سفيان العارضة إصابة بالغة، وأخرجه المواطنون من المنزل إلا أن قوات الاحتلال اختطفته وقامت بتعذيبه حتى استشهد، وكانت شقيقته الطفلة بلقيس قد استشهدت خلال محاولتها إنقاذ شقيقها. 

عقب انتهاء العملية العسكرية في عرابة، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال أنه تم القضاء على خلية عسكرية كانت تشكّل خطراً كبيراً، وأن استشهاد القادة الثلاثة كان من أكبر العمليات التي يقوم بها الجيش.

إنهم الشهداء يعودون اليوم، وقد امتدت ميادين الوعي والثورة، ومن ذلك الاشتباك كان عهد الرصاص حتى الطلقة الأخيرة، يلتحقون بمن سبقهم إياد وأنور وصالح وعصام، وينتظرون من يلحق بهم من زمن الانتفاضة إلى زمن الكتيبة، ويرسمون معالم الطريق إلى فلسطين.