وصلت وفود حركتي فتح وحماس إلى العاصمة الجزائرية؛ للمشاركة في لقاءات إنهاء الانقسام الفلسطيني التي يرعاها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حاملة معها رؤية الحركتين لإنهاء هذا الانقسام.
اللقاءات التي ستعقد خلال الأيام المقبلة تأمل خلالها الجزائر أن تحدث اختراقًا واضحًا في هذا الملف، وأن تعلن عن التوصل لاتفاق مصالحة فلسطينية، وإنهاء حقبة الانقسام البغيض، إلا أن مراقبين يرون أن هذه الأمر سيواجهه عدة عقبات.
ماذا تريد الجزائر؟
الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، أشار إلى أن الجزائر بدأت جولات التعارف على المتناقضات في الساحة الفلسطينية فيما يتعلق بالانقسام منذ أشهر طويلة.
وقال سويرجو لـ"شمس نيوز": "الجزائر تواصلت مع معظم الفصائل، ووضعت تصورًا شاملًا للخلاف الفلسطيني-الفلسطيني، والآن وقبل عقد القمة العربية تريد لعب دور مهم ومحوري؛ لإعادة اللحمة للنظام السياسي الفلسطيني لعدة أسباب"
وأوضح أن الأسباب التي دفعت الجزائر لهذه الخطوة تكمن في أنها تبحث عن دور جديد في الساحة العربية، بالإضافة لدورها التاريخي؛ كونها من الدول التي ناصرت الشعب الفلسطيني وقضيته طوال سنوات.
ويرى سويرجو أن هذه الأسباب قضت على الاعتراضات الفلسطينية على أي تحرك جزائري بهذا الملف.
هذا الحديث أكمله الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد، الذي يرى نظرة أمل في عيون الجزائريين؛ لإحداث اختراق في هذا الملف، خاصة قبل انعقاد القمة العربية المقررة بنوفمبر المقبل.
وقال العقاد لـ"شمس نيوز": "الرئيس الجزائري يأمل بهذا الإنجاز له؛ حتى يزف بشرى المصالحة الفلسطينية على القادة العرب خلال اجتماعهم المرتقب، وبالتالي يأتي العرب ليكملوا دوره القائم على المبادرات واللقاءات السابقة، ويشرفوا على التطبيق".
وبحسب ما يشير فإن الجزائريين يبحثون عن كيفية تطبيق مبادرتهم المبنية على كافة الاتفاقيات السابقة، من خلال تذليل الصعوبات، وإشراك جامعة الدول العربية، والدول الصديقة كمصر؛ كونها الراعي الحقيقي لعملية المصالحة الفلسطينية، بالإضافة إلى الأردن والسعودية.
فيتو أمريكي
بالعودة إلى الكاتب سويرجو، إذ يرى أن مدى نجاح هذه اللقاءات احتمالية ضئيلة جدًا.
وبرر هذه الرؤية بوجود فيتو أمريكي على عودة حركة حماس للنظام السياسي الفلسطيني؛ إلا من خلال المدخل الذي وضعته مع الرباعية الدولية والقاضي بالاعتراف بـ"إسرائيل"، وتوقيع اتفاقيات معها، ونبذ الإرهاب.
وأضاف سويرجو " هذه المتطلبات ستقف عائقًا أمام قبول أمريكا، وحلفائها الغربيين، بأن يكون هناك مصالحة فلسطينية، على أسس مختلفة عن الأسس التي بني عليها النظام الفلسطيني والمتمثل باتفاقية أوسلو".
البيئة السياسية مختلفة
من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن البيئة السياسية هذه الأيام مختلفة عما كان في اللقاءات السابقة، والتي لم تحقق النجاح.
وأوضح الصواف لـ"شمس نيوز" أن أهم ما في هذه البيئة هو الإيمان الكامل بأن اتفاق اوسلو فشل، حتى ولو لم يعترف الرئيس عباس وفريق اوسلو بذلك؛ كونه فشل في تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني.
وأضاف "الاحتلال هو من أفشل أوسلو بما يمارسه على أرض الواقع، من قتل، وهدم، ومصادرة أراضٍ، وبناء استيطاني، وعدم اعتراف بدولة فلسطينية حتى وفق رؤية أصحاب أوسلو.
ووفق ما يرى الصواف، فإن البيئة الدولية فيها تغيرات، والحرب الروسية الأوكرانية، وما كشفته من حقائق كان البعض ينكرها، تشي بأن الأمر بات أكثر وضوحًا للازدواجية في المعايير، والموقف الدولي من قضية لها في الصراع نحو أربعة وسبعين عاما.
وأوضح أن هذه الحرب كشفت حقيقة أمريكا وأوروبا من القضية الفلسطينية، والاحتلال، والتي لم تكن غائبة عن أبناء الشعب الفلسطيني، وكشفت بشكل واضح أن الرهان على أمريكا وأوروبا رهان خاسر ولا يمكن التعويل عليه.
وأكمل الصواف "هذه مسألة المفترض أن تدفع إلى وحدة الموقف الفلسطيني، ووضوح الأمور بأن وحدة الفلسطيني، وإنهاء الانقسام عامل مهم للشعب، وللقضية، وأن الرهان على أمريكا وأوروبا فيه ضياع للقضية والحقوق، وأوسلو كارثة كبيرة يجب الانسحاب منها وتركها، والعودة للشعب بما يحقق مصالحه".
وجهة نظر المواطنين
حالة من عدم الاكتراث لتلك اللقاءات، ولا نتائجها تسود الشارع الفلسطيني، سيما بعد جولات عدة سابقة، لم يكتب لها النجاح، إلا أن المحللين أعربوا عن أملهم بأن تكون نتائج لقاءات الجزائر عكس التوقعات، وتحقق أمنيات المواطنين.
الكاتب الصواف أكمل في هذا الإطار قائلًا: "لقاءات الجزائر نأمل أن تحقق ما يريده الشعب الفلسطيني، رغم حالة الشك التي عليها نتيجة فشل كل اللقاءات السابقة في تحقيق إنهاء الانقسام، والتوافق على برنامج وطني فلسطيني متوافق عليه يحدد طريق المواجهة مع الاحتلال وتحقيق الحقوق".
وأشار إلى أن حالة التشاؤم في الشارع الفلسطيني كبيرة، مبديًا موافقته معها؛ كون فرص التوصل إلى ورقة تفاهمات تحقق المراد منها بعيدة، وفق ما يرى.
وأعزى الصواف حالة التشاؤم سبب ذلك أنه يعود إلى محاولات التمسك باتفاق أوسلو الكارثة، والبقاء على حالة الانقسام سيدة الموقف.
إلا أنه أعرب عن أمله بأن تكون اللقاءات في الجزائر مخالفة لحالة التشاؤم التي تسيطر على الشارع الفلسطيني، وتحقق ما يتمناه الفلسطينيون من إنهاء حالة الانقسام، والوصول إلى ما يعزز وحدة الصف.
أما الكاتب العقاد، فذكر أن كل الجولات السابقة للمصالحة الفلسطينية، كانت توحي للمواطنين أن الانقسام أصبح شيئًا من الماضي، وعلى الأرض لم يحصل أي شيء، مضيفًا "هذا الأمر ولّد انطفاءً لدى المواطنين في تحري المصالحة الفلسطينية".
وأضاف "الآمال لدى الفلسطينيين ولدى المراقبين منخفضة جدًا، واحتمالية الوصول لاتفاق ضعيفة".
ويعتقد العقاد أن هذه هي الفرصة الأخيرة للفلسطينيين، لإنهاء الانقسام، خاصة وأن الجميع يتحدث عن نهاية أوسلو، والكل مستهدف، موضحًا أن السلطة تواجه حربًا شرسة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والرئيس عباس متهم بالإرهاب، وكذلك حماس متهمة بالإرهاب.
وتابع "الدائرة تدور على رأس الشعب الفلسطيني، بينما المجتمع الدولي صامت، ومغيب، ولا يريد التدخل بالقضية الفلسطينية؛ في محاولة منه لتصفيتها".
ولفت العقاد إلى أنه في حال لم يتوحد الفلسطينيون، ويشكلوا حكومة وحدة وطنية، مبنية على ما يتم الاتفاق عليه، تستطيع التجهيز لحالة الانخراط، وتوحيد المؤسسات، والأجهزة الأمنية والإعداد للانتخابات الفلسطينية الشاملة، خلال 6 أشهر، هنا سيحكم الشعب الفلسطيني على أي لقاء قادم للمصالحة بالإعدام.