بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: "وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين".
في ظلال شهر ربيع الأول الدروس والعبر المستوحاة من ميلاده صلى الله عليه وسلم.
بقلم / وليد خالد حلس
قال تعالى: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر).
ليكن يوم ذكرى ميلاد الهادي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ميلاداً متجدداً لقلوب وأرواح وسلوك من ادّعى حب محمد، يوماً لإحداث البعث المحمدي المتجدد من خلال اتباع هديه صلى الله عليه وسلم، والتأسي به في الصورة والسيرة والسريرة، مصداقاً لقوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببْكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)، نذكر بعض النماذج المشرقة والصور الرائعة في تعامله صلى الله عليه وآله وسلم مع أهل بيته وزوجاته ، مع أصحابه ومع أعدائه وخصومه بالأدب الرفيع والخلق القويم وإنك لعلى خلق عظيم يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلاَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ" وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، وَلاَ مَسَسْتُ خَزًّا قَطُّ وَلاَ حَرِيرًا وَلاَ شَيْئًا كَانَ أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ شَمَمْتُ مِسْكًا قَطُّ وَلاَ عِطْرًا كَانَ أَطْيَبَ مِنْ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وكان حبه لوطنه شديد حيث خاطب مكة المكرمة زمن الهجرة قائلا "وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ "وكان يلقب بالصادق الأمين من أعدائه معتدلاً ومتوسطاً ليناً سمحاً في جميع أموره، ففي الحديث الصحيح: " ما خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أمرين إلا واختار أيسرهما ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم"
صور رحمته صلى الله عليه وسلم بالإنسان والجماد والحيوان حادثة أنين جذع النخلة، وحادثة جبل أحد حينما اهتز "أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" ذلك جبل يحبنا ونحبه ورفقه بالطير لقوله: من أفجع هذه بصغارها وبالحيوان حينما اشتكى الجمل من صاحبه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لحابس بن الأقرع: حينما قال إن لي عشرة من الولد لم أقبل أحدهم قط فيقول له صلى الله عليه وسلم: (من لا يَرحم لا يُرحم)، وممازحته لأصحابه حين أمسك بالصحابي زاهر بن حرام الأشجعي من خلفه في السوق ونادى بصوت مرتفع: من يشتري هذا العبد؟ فيلتفت زاهر فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيبتسم ويقول أتراني كاسداً يارسول الله؟ فيجيبه صلى الله عليه وسلم بل ربيح بل ربيح بإذن الله، أين الروايات المخفية عن عوام الناس التي فيها فضحك حتى بانت نواجذه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتلطفه مع زوجاته وممازحته لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وغير ذلك الكثير الكثير من المواقف الإنسانية النبيلة والتي لا تعد ولا تحصى، فكم نحن بأمس الحاجة اليوم، للتأسي بأخلاقه والسير على هداه واقتفاء أثره.
فأين نحن نقف اليوم من هذه الأخلاق العظيمة؟
فالاحتفاء الحقيقي بمولده يكمن بإحياء سنته والسير على منهجه واتباع هديه ، هذا هو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليس كما يحاول الأغبياء والحمقى بإثارة الكراهية وإظهار العداء للإسلام والمسلمين بحقدهم الدفين وبصحفهم المنحرفة، وأقلامهم المسمومة بالكذب والإساءة المتكررة والمتعمدة لتشويه صورته وسيرته صلى الله عليه وآله وسلم مستغلين حالة الهوان والضعف الذي تحياه الأمة، وانشغال العرب والمسلمين بصراعاتهم الداخلية وحروبهم الطاحنة، والركض وراء وهم وخديعة التطبيع المهين مع أعداء الإنسانية.
في الختام هذا قليل من كثير وغيض من فيض وزهرة من بستان كبير من صور هديه وعظم أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
اللهم شفعه فينا يوم نلقاك فيه يارب العالمين.
وكل عام وأنتم إلى الله أقرب باتباع سنته والسير على هديه صلى الله عليه وآله وسلم.