لم تكتفِ حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، منذ نشأتها بالعمل السياسي والمقاوم فقط، وإنما بذلت قصارى جهدها لمساندة الجبهة الداخلية ودعمها، من خلال مختلف اللجان والأطر الحركية التي تعمل لخدمة مختلف فئات المجتمع الفلسطيني؛ لتعزيز وتمتين الجبهة الداخلية.
الجهاد الإسلامي كانت منذ طليعتها تولي اهتماماً كبيراً بالجبهة الداخلية، فتقف إلى جانب عوائل شعبنا من أهالي الشهداء، والأسرى، والجرحى، إلى جانب الفقراء والمساكين، والفئات المجتمعية المختلفة مثل: الطلبة، المرضى، المتضررين، المعوزين، ..الخ
مع الطالب
فالحركة التي أسسها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، ومعه مجموعة من الطلبة في جامعة الزقازيق، أولت الطلبة اهتمامًا بارزًا، فأنشأت منذ بداياتها الإطار الطلابي، الذي عمل وتطور وصولًا إلى أن أطلقت عليه اسم الرابطة الإسلامية.
فكانت الرابطة الإسلامية ومن خلال الشعار الذي رفعته أن المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر، كما كان يقول الشهيد الشقاقي، هي الرافد الأساسي للطلبة لإنشاء جيل مقاوم، كما أشار الموجه العام للرابطة سامي البسيوني.
البسيوني أكد أن هذا الإطار عمل منذ النشأة -بالإضافة إلى حث الطلبة على الجهاد والالتحاق بركب المجاهدين-على إسنادهم في مدارسهم وجامعاتهم، والتصدي لأي قرارات مجحفة بحقهم.
وشدد على أن عمل الإطار الطلابي للجهاد الإسلامي، منذ النشأة لم يقتصر على داخل أسوار الجامعات والمدارس، أو لتثبيت حقوق الطلبة والدفاع عنهم، بل كانت رافدًا أساسيًا للثورة بالعقول والرجال طوال العقود السابقة.
وأضاف البسيوني "كان شباب الرابطة الإسلامية وطلابها وقودًا للانتفاضات والهبات المتتالية إن لم يكونوا شهداء، فهم في المطاردة والإعداد".
ذراع نقابي فتي
العمل الطلابي كان بحاجة لعمل نقابي؛ ليكون هذا العمل سدًا منيعًا أمام مختلف الفئات المجتمعية، فأنشأت الحركة إطارها النقابي تحت اسم الاتحاد الإسلامي في النقابات المهنية.
هذا الإطار وفق ما يشير نائب مسؤوله سامي أبو غالي، فإنه من أهم الأسس التي يبنى عليها التنظيم الناجح الذي يشق طريقه، ويضع هدفًا له تحرير الوطن.
وقال أبو غالي لـ"شمس نيوز": "العمل النقابي له العديد من الإنجازات في المجالات كافة"، مبينًا أن الاتحاد الإسلامي كإطار أساسي لحركة الجهاد الإسلامي، يقود 5 نقابات أساسية.
وأضاف "الاتحاد الإسلامي يتشارك مع أطر فصائل المقاومة النقابية الأخرى في العديد من النقابات، كالأطباء، والمعلمين، والصيادلة، والمحاسبين، والممرضين، وغيرها من النقابات التي تقود شعبنا الفلسطيني".
وشدد أبو غالي على أن هذه الوحدة النقابية هدفها التأكيد على ضرورة وحدة الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة والنقابية.
الإصلاح بين الناس
كما عملت الحركة على تمتين الجبهة الداخلية، من خلال لجان الإصلاح والتواصل، ولجنة العمل الخيري، واللجنة الدعوية.
ففي لجان الإصلاح، أكد مسؤول اللجنة تحسين الوادية، أنها تعمل وفق مبدأين، الأول وهو تمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية، من خلال الإصلاح ذات البين، وإنهاء الخلافات، والشجارات، والمشاكل العائلية، مبينًا أنها أنهت عشرات الخلافات والشجارات العائلية الكبيرة، ومنها الشجارات الكبرى الناتجة عن القتل بمختلف أنواعه.
كما أنها -وفق الوادية-تعمل على تطوير رجال الإصلاح من خلال العديد من الدورات التدريبية في مختلف المجالات وورشات العمل؛ لإضافة خبرات نوعية لهم.
عمل خيري متواصل
وبجانب ذلك، عملت الجهاد ومن خلال لجنة العمل الخيري، على دعم ومساندة المواطنين خلال العدوان الذي يشنه الاحتلال على قطاع غزة، بالإضافة إلى مساندتهم في الأوقات الصعبة، كالمنخفضات الجوية وجائحة "كورونا".
مسؤول لجنة العمل الخيري في الحركة منذر عزام، أكد أن هذا الدور نابع من إيمان الحركة بضرورة تعزيز الجبهة الداخلية، والحاضنة الشعبية للمقاومة في كل الساحات.
ولفت إلى أن لجنة العمل الخيري تقوم ومنذ سنوات طويلة على تعزيز صمود المواطنين في مواجهة الحصار الإسرائيلي القائم على قطاع غزة، مبينًا أن أهم مشاريعها، مشروع إفطار الصائم الذي تقدمه خلال شهر رمضان، والذي يستفيد منه بشكل يومي نحو 6 ألاف مواطن.
كما تقوم اللجنة بتوفير احتياجات الفقراء والمحتاجين من تغطية المنازل بالنيلون خلال فصل الشتاء، وتوفير القرطاسية والمستلزمات المدرسية للأسر الفقيرة، كما أكد عزام.
اللجنة الدعوية حارسة القيم
ولأن الجبهة الداخلية مهمة، ولا بد من توعيتها إيمانيًا، اهتمت الجهاد الإسلامي، باللجنة الدعوية؛ لتعمل ومن خلال المساجد والدوائر الداخلية على تخريج حفظة كتاب الله، والاهتمام بالأصوات الندية والقراء.
مسؤول اللجنة الدعوية وليد حلس أكد أن "الانطلاقة الجهادية والدعوية تعني أن هذه الحركة هي حركة مقاومة وحركة دعوة إلى الله، بكل الوسائل الممكنة والمتاحة والمشروعة؛ كون المقاومة جزءاً من هذه الوسائل؛ لأننا نخضع لاحتلال غاشم، وعدو مجرم، يستهدف الحجر، وكل مكونات شعبنا".
وأوضح حلس أن اللجنة الدعوية هي امتداد وجزء من هذا النسيج الذي بدأه الدكتور فتحي الشقاقي، ورفاقه من خلال الاهتمام بالدين الإسلامي الذي تحدث عنه الدكتور أنه دين فريد من نوعه، يخرج من ثنايا سورة الإسراء؛ ليسوء وجه بني إسرائيل.
المرأة والأشبال
ولم تغفل الجهاد الإسلامي أهمية الدور المنوط بالأشبال والمرأة ودورهم بالمجتمع، فأنشأت الإطار النسوي، ومجموعات الفارس الكشفية.
مسؤولة الإطار النسوي في الجهاد أسمهان عبد العال أشارت إلى أن هدف الإطار جاء انطلاقًا من دور المرأة الفلسطينية البارز، والمميز في صياغة مجتمع راقٍ واعٍ بحقوقه وقضايا أمته وهمومها.
وقالت عبد العال: "الهدف العام للإطار النسوي بناء جسم تنظيمي فعال مؤثر في الوسط النسائي الفلسطيني بشكل كامل، ينبثق من فكر حركة الجهاد الإسلامي، وثقافتها، وحضارتها المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية".
أما مجموعات الفارس الكشفية، التي سميت تيمنًا بلقب الدكتور فتحي الشقاقي – عز الدين الفارس – أشار قائد عام المجموعات تامر مهنا إلى أنها انطلقت في عام 2007، وعناصرها منتشرون في كل محافظات قطاع غزة.
وقال مهنا "ما تقوم به مجموعات الفارس الكشفية، نابع من أساس العمل الكشفي، التربوي، والاجتماعي، وتقوم بالعديد من الأدوار أهمها المشاركة في التصعيدات والحروب من خلال الإسعافات الأولية في المشافي".
ولفت إلى أن هذه المجموعات كان لها دور في المنخفضات الجوية من خلال إغاثة المنكوبين، والمشاركة في مساعدة المؤسسات الأهلية والمحلية في المناسبات الوطنية والدينية.
الوفاء للشهداء والجرحى والأسرى
ولأن الشهداء والجرحى والأسرى، هم أصحاب كل ما تسجله المقاومة من إنجازات، وانتصارات في كل الساحات، لم تغفل الحركة الاهتمام بهم وبذويهم، من خلال دائرة الشهداء والجرحى والأسرى، ومؤسسة مهجة القدس.
القيادي في الحركة، ومسؤول الدائرة د. جميل عليان، أكد أن الحركة ومنذ التأسيس أولت هذا الموضوع أهمية كبيرة، ليس في العقدين الأخيرين، أو منذ تأسيس مؤسسة مهجة القدس، وإنما منذ اللحظات الأولى.
وشدد د. عليان على أن الحركة لم تغفل بيوم من الأيام عن تلبية احتياجات الأسرى، وذويهم، كذلك الحال للجرحى، وذوي الشهداء.
وذكر أن ذكر أن مهجة القدس تقدم للأسرى كل ما يتعلق بالشؤون القانونية، وكل ما يحتاجونه في هذا الجانب، بالإضافة إلى توفير المحامين والدفاع عن الأسرى.
وقال د. عليان "مهجة القدس كانت الأكثر حضورًا خلال السنوات الأخيرة في تناول قضايا الأسرى إعلاميًا وسياسيًا، ومواكبة إضراباتهم خاصة، وأن جل إضرابات الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال، كانوا من الجهاد الإسلامي، وبالتالي كان واجباً علينا تسويق هذه الحالة للمجتمع الدولي، والعربي، وكذلك الفلسطيني؛ لتكون قوة ضغط جديدة ودعم لإسنادهم".