في غمرة الأحداث الدائرة وتصاعد عمليات المقاومة في الضفة المحتلة، وحالة الاستنفار التي أعلنها جيش الاحتلال في جنين ونابلس بوجه خاص، ظناً منه أن باقي ميادين الضفة في حالة هدوء فجاءته الضربة التي لم يحسب حسابها من أقصى الجنوب.
جيش الاحتلال كان مؤخرًا قد أرسل 4 كتائب إضافية من الجيش إلى شمال الضفة في أعقاب تصاعد عمليات إطلاق النار التي تستهدف جنوده وقطعان مستوطنيه على الطرق الالتفافية، ترافق ذلك مع عملية عسكرية نفذها الجيش قبل أسبوع في البلدة القديمة بنابلس واغتال عدداً من أبناء شعبنا ومقاوميه، وعلى رأسهم وديع الحوح من أبرز مؤسسي "عرين الأسود"، وسبقه القائد تامر الكيلاني، الأمر الذي جعل قيادة الجيش تتفاخر بتلك العمليات وتلوح بالمزيد.
على الجانب الآخر، وفي أقصى جنوب الضفة تحديدًا مدينة الخليل كان المجاهدون يعدون العدة للانقضاض على أهدافهم، فالخليل التي خبت نار ثورتها خلال الفترة الماضية نهضت الليلة من جديد لتصحح البوصلة وتستكمل طريق المواجهة جنباً إلى جنب مع جنين ونابلس.
الفارس محمد كمال الجعبري ذو الـ35 ربيعاً، وأحد مدرسي التربية الإسلامية في مدينة الخليل، كان صاحب القرار الحاسم بإعادة الخليل إلى موقعها الصحيح، فاستل بندقيته المباركة وقام بتنفيذ عملية إطلاق نار قرب مستوطنة "كريات أربع"، فقتل مستوطناً وأصاب 5 آخرين قبل أن يرتقي شهيدًا مدرجًا بدمائه الزكية.
تأتي هذه العملية في وقت حساس وفي ظل تشديدات أمنية صهيونية والتي أعلن الاحتلال زيادة الإجراءات الأمنية فيها على خلفية تصاعد عمليات كتيبة جنين ونابلس وعرين الأسود، ليصبح الاحتلال أمام معقل آخر من معاقل المقاومة.
جيش الاحتلال نشر عدة تقارير عن خشيته من تأسيس كتيبة جديدة من المقاومين في بلدة جبع بجنين على غرار "كتيبة جنين" تضم مقاومين من أبناء حركة الجهاد الإسلامي، إلى جانب "عرين الأسود" في نابلس، حيث نفذت هذه الكتائب العديد عمليات إطلاق النار نحو حواجز وجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين في نابلس وجنين.
عودٌ إلى بدء، فقد تجددت حالة المقاومة من جنين أواخر العام 2021م والتي كانت لها بصماتها الواضحة في التصدي لعدوان الاحتلال على المدينة ومخيمها، وامتدت لنابلس وطوباس وطولكرم واليوم إلى الخليل، والتي تبشر بانضمام العشرات من المقاومين لها، وما نتج عن تصعيد كبير من قبل العدو باغتيال المقاومين رغبة في الحد من هذه الظاهرة التي لا يرغب بها.
الحالة التي تمر بها الضفة اليوم من تصاعد للعمل المقاوم في كل المحافظات من شمالها لجنوبها على طريق القدس وتحقيق الأمل بتحريرها، مؤشر على الصحوة التي عادت من جديد في مواجهة عدوان الاحتلال.
لقد أصبحت اليوم ساحات المواجهة موحدة، أمام حالة ثورية جديدة يمثلها شبان في مقتبل العمر رفضوا الاحتلال وقرروا مواجهته رغم التضحيات الجسام واستشهاد وإصابة واعتقال وملاحقة العشرات منهم، إلا أن القافلة تمضي والمقاومون يواصلون الطريق.