غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الانتخابات النصفية الأمريكية في دائرة الضوء

انتخابات امريكية.jpg
بقلم/ جلال نشوان

تتجه أنظار العالم كله إلى واشنطن،  حيث تبدأ في  8 نوفمبر من الشهر الحالي الانتخابات النصفية الأمريكية لتجديد  نصف مقاعد الكونغرس ومجلس الشيوخ.

الرئيس الأمريكي بايدن  كثف من زياراته ( لنيومكسيكو وكاليفورنيا وإلينوي وبنسلفانيا ) كمحطات أخيرة لكي  ينقذ الديمقراطيين من خطر هزيمة  شبه محققة  ومن سيطرة جمهورية على مفاتيح صنع القرار في البلاد. وفي المعسكر الآخر،   خاطب دونالد ترامب أنصاره بقوله (استعدوا... سأترشح على الأرجح لانتخابات 2024 الرئاسية.

ويحاول الديمقراطيون الاحتفاظ بالغالبية الضئيلة في الكونغرس، في حين يريد الجمهوريون إعادة السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب لما كان عليه الأمر قبل الرئيس جو بايدن.

الخبراء وقراء المشهد الأمريكي ، أعلنوا  عن تأثير فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي  على بايدن، وإن كان ذلك سيسبب عرقلة لسياساته، مؤكدا أنه يرجح فوزهم بالفعل.

الانتخابات النصفية الأمريكية  تمثل استفتاء على سيد  البيت الأبيض. فخلال أكثر من 160 عاما، لم يتمكّن حزب الرئيس إلّا نادرا من الإفلات من هذا التصويت الذي يوصف بـ العقابي

لكن الحزب خسر شعبيّته بسبب سخط شعبي من غلاء الأسعار وهذا يعني أن الناخب الأمريكي سيصوت  للاقتصاد....

الرئيس الأمريكي بايدن  أعلن في خطاب ألقاه في واشنطن قبل أيام  أن منافسة الانتخابات،  تتجاوز كونها مجرد سياسات انتخابية، مشيرا إلى أن مئات المرشّحين الجمهوريين لمناصب في  أنحاء أمريكا  انضموا إلى نظرية المؤامرة الكاذبة لليمين المتطرف التي يقودها ترامب ومفادها أن الانتخابات الرئاسية عام 2020 كانت مزورة.

ترامب يعود للمشهد مجدداً  ليبرز كأقوى شخصية في الحزب الجمهوري، حيث يتوقع كثيرون إعادة ترشحه في عام 2024، على الرغم من خضوعه للتحقيق بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرّية جدا في منتجعه في فلوريدا وتعرّضه للمساءلة مرّتين خلال ولايته الرئاسية.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب  يعد بطلا في نظر ملايين الأمريكيين،  الرافضين لسياسة منافسه بايدن

يوماً بعد يوم ، تتزايد انتقادات الجمهوريين لأداء إدارة بايدن التي تسببت فيى زيادة  ( التضخم والجريمة والهجرة غير الشرعية)

 بايدن استغل  خطاباته  لمهاجمة ترامب وأنصاره، واصفا إياهم بأنهم يشكلون  تهديداً  كبيراً للولايات المتحدة الأمريكية

وفي الحقيقة:

يحاول الديمقراطيون الاحتفاظ بالغالبية الضئيلة في الكونغرس، في حين يريد الجمهوريون إعادة السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب لما كان عليه الأمر قبل الرئيس جو بايدن.

 كافة المعطيات  تشير إلى أن هناك حكومة ظل تدير أمريكا من خلال العديد من  المنظمات الفاعلة والتي تتحكم في كل مناحي الحياة في أمريكا وهذا يرجع إلى أداء الرئيس  بايدن الذي ينسى عادة الأسماء ويعاني من الخرف الواضح )، ولا يمكنه بشكل مستقل التوقيع على عشرات  المراسيم التي تسببت في (التضخم المدمر وأزمات الهجرة والطاقة) ويبقى السؤال الأكثر الحاحاً:

هل  يخضع لسيطرة حكومة الظل وتم عزله فعليا عن السلطة ؟

يشير كل شيء إلى مشاركة شبكة مؤسسات و قوى سياسية نافذة

 وأن بايدن أصبح رئيساً للبيت الأبيض  بفضل جهود منسقة واسعة النطاق من تلك القوى

وبالنظر إلى ما يحدث الآن، ومن خلال استقاء العبر والدروس من الماضي وعدم إدارة السياسة الخارجية بحكمة ، وكل ذلك سيدفع ثمنه الحزب الديمقراطي في صندوق الاقتراع

ويرى الكثير من الخبراء  أن أولوية القضايا الاقتصادية لدى أغلبية الناخبين تضر بفرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة، حيث أن قطاعاً كبيراً من الناخبين يلوم الرئيس وحزبه على ارتفاع الأسعار وتراجع معدلات النمو. كذلك فإن محاولات الحزب الديمقراطي تركيز اهتمام الناخبين على قضايا مثل حرية الإجهاض والخطر الذي يمثله ترامب وأنصاره على الديمقراطية قد يكون غير كافٍ لإقناع الناخبين المستقلين والمتأرجحين بالتصويت لصالح الحزب الديمقراطي في ضوء تراجع الأوضاع الاقتصادية في الفترة الأخيرة.

الأنظار نتجه صوب الانتخابات النصفية في الداخل الأمريكي إلى الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب ويطلق عليها هذا الاسم لأنها تتم دائما بعد عامين تقريبا من بدء ولاية جديدة لأي رئيس أمريكي، حيث يتم انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب بمقاعده الـ435 لمدة عامين  حاليا يشغل الديمقراطيون 221 مقعدا مقابل 212 مقعدا للجمهوريين). أما أعضاء مجلس الشيوخ والبالغ عددهم 100 فيتم انتخاب ثلث أعضائه الآن وعددهم 35 نائبا، حيث يتم انتخابهم عادة لفترة مدتها ست سنوات بمعدل الثلث كل عامين، وكذلك سيتم انتخاب 36 حاكم ولاية من إجمالي الـ50 ولاية أمريكية (حاليا 16 حاكم ولاية ديمقراطيا و20 من الجمهوريين) فضلا عن عدد من المناصب المحلية.

وقدرة أي رئيس أمريكي على إنجاز برامجه السياسية، يعتمد بشكل كبير على سيطرة حزبه على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ. وتعد الانتخابات النصفية نوعا من الاستفتاء على أداء الرئيس الحالي وإدارته بعد عامين من توليه للمنصب، ويسيطر حاليا الحزب الديمقراطي على أغلبية محدودة في مجلس الشيوخ، حيث يشغل الحزب الجمهوري 50 مقعدا والحزب الديمقراطي 50 مقعدا، ما يعطي كلمة الفصل لنائبة الرئيس كاميلا هاريس، التي تشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ، وهي الصوت الفاصل للحزب الديمقراطي.

وتشير الدراسات التحليلية التي يجريها العديد من المؤسسات والجامعات  إلى أن القضايا الرئيسية ذات الأولية لدى الناخب الأمريكي هي بالترتيب: الاقتصاد، الجريمة، الإجهاض، حيازة الأسلحة، التعليم، الهجرة ومرض كورونا. وفي هذه الدراسة أشار 80% من المصوتين إلى أن حالة الاقتصاد ستكون لها الأولوية على قرارهم في التصويت، وما يشغل بالهم هو حالة التضخم (التي وصلت لأكثر من 8%) وغلاء أسعار الوقود وارتفاع أسعار الأغذية والمواد الأساسية والخوف من الركود، كما تشير استطلاعات الرأي  تشير  إلى أن الناخب الأمريكي يثق بالجمهوريين أكثر من الديمقراطيين في قضايا الاقتصاد. ولا ننسى أن مديونية الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت الـ (31 تريليون دولار)  والناتج المحلي الأمريكي في 2021 وصل إلى ما يقرب من( الـ23 تريليون دولار)  ومن المؤشرات الإيجابية مستوى البطالة في أمريكا، الذي وصل مؤخرا فقط إلى 3.5% ويعتبر من المستويات المنخفضة والجيدة. وتأتي الجريمة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية ويشير معهد الإحصاء إلى أن نسبة الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية زادت بنسبة 28% في عام 2020 مقارنة بعام 2019. وتأتي قضية الإجهاض في المترتبة الثالثة بنسبة 53% فقد فقدت ملايين النساء في الولايات المتحدة الحق القانوني في الإجهاض، بعد أن ألغت المحكمة العليا حكما صدر منذ 50 عاما جعله قانونيا في جميع أنحاء البلاد، حيث غيّر الحكم حقوق الإجهاض في أمريكا وأصبح من حق كل ولاية على حدة حظر عملية الإجهاض. وفي هذه القضية تميل الكفة للديمقراطيين الذين يحمون حق الإجهاض ضد الجمهوريين الذين يناهضونه. وتأتي قضية حيازة الأسلحة في المترتبة الرابعة بنسبة 53% وهي تعتبر وباء للصحة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقتل ما يقرب من 40 ألف أمريكي بالبنادق سنويا (منهم 23 ألفا ينتحرون بسلاح ناري) ورغم أن الدستور الأمريكي يكفل حيازة السلاح، إلا أن هذا الموضوع صار قضية تقسم الجمهور الأمريكي بين الداعم لها، ومن يريد فرض ضوابط ونظم تحد من هذه الظاهرة ويميل الجمهوريون إلى حماية هذا الحق الدستوري بكل قواهم، وبدعم من اللوبي لصناعة الأسحلة النارية في أمريكا. وقضية التعليم تأتي في المرتبة الخامسة بنسبة 50% فضيق الميزانيات على مستوى الولايات للتعليم الأساسي والعالي، ومشاكل عدم المساواة في الدخل وتأثيرها في فرص التعليم العالي والإعفاء من القروض الدراسية كلها تشكل هواجس لدى الناخب الأمريكي. وفي المرتبة السادسة وبنسبة تصل إلى 50% أيضا يأتي موضوع الهجرة كمؤثر أساسي في الناخب الأمريكي، حيث يميل الناخب الأمريكي إلى الجمهوريين في إصلاح قوانين الهجرة وزيادة أمن الحدود وضبطها واعتماد مستوى المهارة للمهاجرين، بسبب تأثيرها الكبير على دافعي الضرائب الأمريكيين. وعلى سبيل المثال تشير انتخابات 2020 إلى تحسن كبير حققه الرئيس السابق ترامب بين اللاتينيين، وهذا يشكل خطرا على الديمقراطيين الذين طالما استمالوا الطبقة العاملة ومنها الطبق الناخب الأمريكي لديه الكثير من القضايا ذات الأهمية والأولوية، وحدث الشيء ذاته في الانتخابات الرئاسية 2020 فعلى سبيل المثال قال آنذاك ثلثا الناخبين لمركز استطلاع الرأي إديسون ريسيرش، إن تغير المناخ كان مشكلة خطيرة ولكن 29% من المجموعة نفسها صوتت للرئيس آنذاك دونالد ترامب الذي ما لبث أن انسحب من معاهدة المناخ ببارس. ويشهد للرئيس بايدن ربطه قانون خفض التضخم بقانون إنفاق الرئيس الذي يتضمن عددا من الإعفاءات الضريبية واللوائح الجديدة والتمويل والحوافز، التي تركز على الحد من انبعاثات الكربون في البلاد وعلى المدى الطويل. قال أحد المحللين السياسيين «إن من يفهم الطبقة العاملة متعددة الأعراق سيكون الحزب المهيمن في العقد المقبل». وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى تراجع شعبية الرئيس بايدن بشكل كبير حيث انخفضت إلى 38% في أكتوبر 2022 ما يعزز فرص وصول الحزب الجمهوري المعارض لمقاعد الأغلبية في الكونغرس، كما جرت العادة في معظم الانتخابات النصفية.

هناك احتمال كبير لأن يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب وأن يبقى مجلس الشيوخ مناصفة بين الحزبين مع أفضلية الحزب الديمقراطي بفضل الصوت المرجح لكاميلا هاريس وستختلط الأوراق مجددا، وتلقي بعضا من الشكوك على حظوظ الحزب الديمقراطي وخططه للفوز بولاية رئاسية ثانية بعد عامين.

الحزب الديمقراطي في أزمة ، بسبب الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها بايدن سواء كانت سياساته الاقتصادية الفاشلة أو أخطاؤه في السياسة الخارجية

الأيام القادمة ستوضح الكثير وأن غداً لناظره قريب

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".