لمست أصبع "أحمد" لأول مرة منذ 7 سنوات، رعشة أصبعها أصاب جسدها بقشعريرة، وبكت عيناها كالنهر الجارف، غابت للحظات قليلة وهي تتلمس طفلها، وتتأكد من حرارة أصبعه، لأول مرة تشتم رائحة طفلها عن قرب، حاولت التمسك بأصبع طفلها لوقت أطول قدر المستطاع؛ لتمنحه جزءا بسيطا من الحنان الذي حُرم منه لأكثر من 7 سنوات داخل قضبان الاحتلال الإسرائيلي.

هذا مشهد مؤلم ومبكي لا يمكن وصفه بكلمات وعبارات أدبية أو صحفية، فهذا مشهدٌ للمسة الأولى بين أحمد مناصرة المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي ووالدته التي تتعطش لاحتضانه وتعبر عن حنانها وشوقها لطفلها الذي خطفته قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن في مدينة القدس المحتلة في الثاني عشر من أكتوبر عام 2015.

تكاد والدة أحمد تمسك دمعاتها أمام عدسات الكاميرات وهي تتحدث عن اللحظات الأولى للمس أصبع طفلها؛ فتخرج كلماتها مرتجفة: "الحمد لله ربنا وفقني ولمست اصبعوا مش مصدقة حالي مش قادرة أترك اصبعوا، الي سبع سنين ما لمستوا بالمرة".

وصول والدة أحمد إلى نجلها الذي يجلس في قفص حديدي يحيط به جنود الاحتلال الإسرائيلي لم يكن بالسهل مطلقًا، فلمسه يحتاج إلى موافقة من قاضي محكمة الاحتلال الإسرائيلي الظالمة، وفي بداية الأمر رفض القاضي قطعًا طلب والدة أحمد باحتضان نجلها؛ لكنها أصرت بطلب آخر عبر المحامي بأن تلمس أصبعا واحدا فقط، فهي تشتاق إلى لمس طفلها.

إصرار والدة أحمد والمحامي بطلب لمس أصبع طفلها فقط، لقي استجابة متأخرة من قاضي محكمة الاحتلال، وما أن سمح لها القاضي بلمسه حتى هرولت مسرعة صوب أحمد والدموع تتطاير من عينيها وصوتها يتقطع.

دقيقة أو دقيقتين فقط هذا ما سمح به قاضي محكمة الاحتلال الإسرائيلي لوالدة أحمد بلمس أصبع طفلها بعد 7 سنوات من الاعتقال الظالم لطفل لا يتجاوز حينها الـ 13 عامًا، في انتهاك صارخ للقوانين التي تضعها مؤسسات حقوقية وإنسانية تهتم بالأطفال.

أحمد مناصرة هو طفل فلسطيني اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في (12-10-2015) بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن في القدس المحتلة، برفقة ابن عمه حسن مناصرة الذي استشهد فور إطلاق قوات الاحتلال والمستوطنين النار صوبه.

وفي تلك الحادثة أصيب أحمد بطلقة نارية في القدم، وتعرض لضرب مبرح من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، وانتشر له مقطع فيديو أثناء التحقيق يسأله محقق جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل همجي وغير أخلاقي، ليرد عليه أحمد بالقول: "مش متأكد مش متذكر"، في وقت ظل المحقق يصرخ بصوت عال في وجه أحمد؛ بغية زعزعته ونيل اعترافات مجانية منه تعزز رواية الاحتلال.

وفيما يتعلق بآخر أخبار اعتقال الطفل أحمد مناصرة، فقد أجلت قوات الاحتلال الإسرائيلي البت في طلب إدارة السجون لدى الاحتلال بتمديد عزل الأسير أحمد مناصرة، إذ أن طاقم الدفاع عن الأسير أحمد مناصرة أفاد بأنه تم تأجيل البت حتى تاريخ 24/11/2022، حيث عقدت اليوم جلسة للنظر في طلب عزله لمدة ستة شهور أخرى في محكمة بئر السبع.

يشار إلى أن الأسير أحمد يواجه العزل الانفرادي منذ أكثر من عام، ويواصل الاحتلال اعتقاله وعزله رغم وضعه النفسي الخطير.