غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الشهيد نعيم الزبيدي.. ظل الكتيبة الذي رفض الذل والإهانة

الشهيد نعيم الزبيدي.JPG
شمس نيوز - مطر الزق

كان مبتسمًا كالقمر، رائحة المسك تفوح من جسده الطاهر، أحبابه وأصدقاؤه من حوله يذرفون الدموع؛ بعضهم قد علا صوت نحيبه؛ إلا والده الذي تقدم خطوة وراء خطوة، لا شك أن قلبه كان ينبض، وعينيه كانتا تلمعان، رأى سنده مسجى بدمائه، أمسك يده فوجدها باردة جدًا، وهو الذي كان يملأ البيت دفئًا وحنانًا عند وصوله من العمل.

طبع قبلة علها تدفئ جبين نجله، كانت ممزوجة بطعم الرضا والحب والحنان والدفء، رفع رأسه عاليًا وقال: "الحمد لله الذي أراني نعيم شهيدًا مقبلًا غير مدبر، جميعنا فداء لفلسطين ولمسرى النبي صلى الله عليه وسلم، ارفعوا رؤوسكم عاليًا هذا هو قدرنا وهذا هو سبيلنا".

كلمات قوية رددها جميل الزبيدي أثناء وداع نجله نعيم (35 عامًا) والذي استشهد خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، وقد أطلق عليه اسم "ظل الكتيبة".

لم يُطلق مصطلح "ظل الكتيبة أو سندها" عبثًا على نعيم؛ فقد كان ضابطًا في قوات الأمن الوطني، وحصل على ثلاث دورات عسكرية في الأردن، قبل أن يتم التخلي عن خدماته في جهاز الأمن الوطني؛ ليُصبح مطاردًا وينضم بعدها إلى صفوف كتيبة جنين منذ بدايتها.

ولد نعيم خلال الانتفاضة الأولى، كان والده جميل معتقلًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لينشأ في بيت تثور فيه الوطنية والإيمان بالله ومقاومة الاحتلال، تلقى تعليمه الابتدائي في مدارس الوكالة، وانتقل بعدها إلى المدارس الحكومية حتى وصل إلى الثانوية العامة.

أنهى نعيم تعليمه في الثانوية العامة، وانتسب لجهاز الأمن الوطني وتلقى تدريبات عسكرية في الأردن، ثم عمل في الكتيبة الخامسة في مدينة نابلس، يقول والد الشهيد لـ"شمس نيوز": "كان نعيم يحرس على حاجز عسكري قرب قبر يوسف بنابلس، وبعد فترة تم نقله إلى جنين".

لم يُنقل نعيم من نابلس إلى جنين عبثًا؛ فهو الثائر المناضل الذي يثور غضبًا كلما وجد صهيونيًا يعتدي على أبناء وبنات فلسطين؛ فكان اشتباكه الدائم مع المستوطنين وجنود الاحتلال سببًا لنقله إلى مكان آخر بعيدًا عن نابلس.

في تلك الفترة تزوج نعيم وأنجب طفلة كالقمر أسماها إيلياء نسبة إلى اسم بلدة فلسطينية يحتلها المستوطنون الإسرائيليون، كان يُحب أرضه ووطنه، وانتمى بكل جوارحه للقضية الفلسطينية، تعرض للاعتقال من جهاز الأمن الوطني لاستجوبه؛ لكثرة احتكاكه بالمستوطنين وانتمائه إلى حركة الجهاد الإسلامي.

كلما يخرج من استجوب للأمن الوطني يكون أكثر عنادًا وقوة في مواجهة جنود الاحتلال ومستوطنيه يقول والده: "نعيم حمل كفه بكفن، ورفض الذل والإهانة؛ فكان يتصدى للمستوطنين وجنود الاحتلال في جنين؛ الأمر الذي دفع قادة الأمن الوطني للاستغناء عن خدماته".

ومنذ اللحظات الأولى من الاستغناء عن خدماته أصبح نعيم مطلوبًا ومطاردًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وقد اعتقل نعيم (3 مرات) بلغ مجموع اعتقالاته (5 سنوات) كان آخر إفراج عنه من سجون الاحتلال قبل نحو (6 أشهر) أي بعد (25 يومًا) من استشهاد ابن عمه داوود الزبيدي.

تحول المعتقل الإسرائيلي إلى منحة كبيرة لنعيم الذي انتمى فكريًا إلى حركة الجهاد الإسلامي، وتأثر بشكل كبير ببطولات ابن عمه أحد أبطال نفق الحرية الأسير زكريا الزبيدي، وعندما خرج من المعتقل أصبح أكثر شوقًا للسلاح وقتال الاحتلال.

كثير هي النقاشات والحوارات التي جمعت جميل بنجله الشهيد نعيم حيث قال: "كان النقاش بيني وبينه لا يتوقف مطلقًا على الأوضاع السياسية والعسكرية والميدانية، ووجدته ذكيًا يملك الكثير من الوعي والحكمة، فكان خير قائد لكتيبة جنين، وأقولها مجددًا نعيم وأبنائي جميعًا فداء لفلسطين وأبناء شعبنا".

نعيم الزبيدي.jpg