من الواضح ان القمة العربية الصينية التي عقدت في المملكة العربية السعودية وانتهت ببيان ختامي في 9/12/ 2022م جاءت كوسيلة يلوح بها محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في وجه الإدارة الامريكية والرئيس الأمريكي جو بايدن, بعد ان تأزمت الأمور بينهما رغم كل الوساطات التي تحركت لتقريب وجهات النظر, لكن موقف بايدن من بن سلمان فيما يخص مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي, وتعهد بايدن امام أنصاره ابان حملته الانتخابية بملاحقة المتورطين يبقي دائما حالة افتراق بينهما, فليس من السهل ان يتخلى بايدن عن وعوده لأنصاره, خاصة ان هناك انتقادات لاذعة وجهت لبايدن خلال زيارته للمملكة العربية السعودية ولقائه ببن سلمان.
محمد بن سلمان استدعى زعماء عرباً لحضور القمة العربية الصينية, واستحضر القضية الفلسطينية في القمة, ليس لأنه منحاز اليها لكنه يقامر بها امام بايدن ليقول له ان بأيدينا أوراق ضغط نستخدمها وقتما نشاء.
البيان الختامي للقمة العربية الصينية فيما يخص القضية الفلسطينية انتهى الى ( التأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط وهي التي تتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين»، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة, والتأكيد في هذا الإطار على عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة، وبطلان ممارسات إسرائيل الأحادية الرامية إلى تغيير الوضع القائم في القدس والتأكيد على ضرورة الحفاظ على المكانة التاريخية والقانونية للقدس الشرقية المحتلة، وعلى أهمية دور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس في حماية المقدسات وهويتها العربية والتأكيد أيضاً على أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وضرورة دعمها لتمكينها من الوفاء بولايتها الأممية، وعلى ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باللاجئين وحماية المدنيين الفلسطينيين، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وتأثير أكبر، وتثمين الرؤية ذات النقاط الأربع التي طرحها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ لحل القضية الفلسطينية، وسلسلة من المبادرات والرؤى التي طرحها الجانب الصيني حول القضية الفلسطينية، وتثمين وقوف الصين إلى جانب الحق والعدالة في القضية الفلسطينية، وجهودها الحثيثة لدفع عملية السلام، ودعمها المقدم للجانب الفلسطيني لتحسين معيشة الشعب وتنمية الاقتصاد، ومساعداتها الإنسانية المقدمة للجانب الفلسطيني، والعمل على حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة), وهذا ما جعل رئيس السلطة محمود عباس يتطاير فرحا بالنتائج ويتجاهل الغاية من طرحها هكذا.
لنر ما تبع القمة العربية الصينية حتى ندرك هل هناك جدية فيما تم طرحه في البيان الختامي للقمة، فمملكة البحرين التي تحدد سياستها المملكة العربية السعودية قامت عبر سفارتها في «تل أبيب»، بتوجيه دعوةٍ إلى ما يسمى بوزير «الأمن الداخليّ» الصهيوني إيتمار بن غفير لكي يُشارِك في حفلٍ تنظّمه السفارة بمناسبة يوم استقلال البحرين، وفق ما أفادت به إذاعة (كان) العبرية, ويعتزم ابن غفير تلبية دعوة سفارة البحرين، وأنّ دعوة مماثلة أرسِلت إلى جميع أعضاء الكنيست الصهاينة، وكان ابن غفير حضر حفل استقبالٍ نظمته سفارة الإمارات العربيّة في تل ابيب، فهل انتهت الأمور عند هذا الحد, بالتأكيد لا, فالإمارات نظمت جولة في حائط البراق بالقدس المحتلة بالتنسيق مع ما يسمى بسفير دولة الاحتلال في الأمم المتحدة غلعاد إردان، وبالتعاون مع سفيرة الإمارات في الأمم المتحدة لانا نسيبة, وذلك حسب موقع «واينت» الإلكتروني وبين الموقع أن أربع دول أوروبية قررت مقاطعة هذه الجولة «لأسباب سياسية» وذلك لأن الجولة جرت في البلدة القديمة في القدس المحتلة التي يقع فيها حائط البراق، والسفراء سيزورون كنيسة القيامة في القدس المحتلة, كما سيزورون مقر ما يسمى قيادة المنطقة الشمالية للجيش الصهيوني، حيث سيقدم ضباط هناك تقارير أمنية ويتجولون في «الأنفاق التي حفرها حزب الله تحت الحدود بين لبنان وإسرائيل».
وبحسب موقع «واينت»، فإنه تم دعوة السفراء الـ13 في الأمم المتحدة إلى «إسرائيل» والإمارات من إردان ونسيبة بالتعاون مع الفيدرالية اليهودية في نيويورك.
وبدأت الجولة في الإمارات، والتقى السفراء برئيسها محمد بن زايد, كما استقبلت الامارات والبحرين ما يسمى برئيس دولة الكيان إسحاق هرتزوغ, ووقعت اتفاقيات كبيرة في مجالات عدة مع الاحتلال, فهل يوحي البيان الختامي للقمة العربية الصينية بأي خطوات جدية وحقيقية لدعم القضية الفلسطينية, ام ان فلسطين وقضيتها وشعبها ستبقى ورقة قمار في أيدى زعماء الامة العربية, وقرابين يقدمها الزعماء العرب لأمريكا و» إسرائيل» من اجل استقرار عروشهم واستتباب امنهم وحفظ مواقعهم, انه أسلوب الخدام باستخدام سياسة شد الاقدام, فهم يشدون اقدام الفلسطينيين ويعرقلون مسيرتهم نحو التحرر والانعتاق والاستقلال, وكأنهم يعلمون ان في انعتاق وتحرر فلسطين, انتهاء لحقبتهم المشينة وزوال لحكم الطغاة المتجبرين.
فلسطين اكبر من ورقة قمار بأيديكم, واصلب واشد من ان تقع عندما يشدها الخدام بأيديهم من الاقدام , فهي ستتجاوزكم حتما حتى تنعتق مع عبوديتكم لها, وتتحرر من حليفكم الصهيوني الذي لا مستقبل له في المنطقة مهما فعلتم, فهو جسم غريب منبوذ ومطرود منها.