يسعى الاحتلال الإسرائيلي باستخدام أساليب مخادعة وأحاكم جائرة ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل عام (1948) إلى إنهاء وحدة الساحات، وعزل فلسطينيي الداخل عما يجري في الضفة والقدس وغزة، والتي ترسخت تلك الوحدة الوطنية في هبة الكرامة عام (2021).

وكانت محاكم الاحتلال الإسرائيلية أصدرت أحكامًا عدة ضد معتقلي هبة الكرامة، أعلاها للشاب محمد عمر إغبارية بـ (17 عامًا)، إذ أن قوات الاحتلال اعتقلت نحو (17) فلسطينيًا بتهمة مشاركتهم في مواجهات هبة الكرامة التي اندلعت في المدن المحتل، اللد والناصرة وحيفا، عام (2021) والتي تزامنت مع معركة سيف القدس وهبة الشيخ جراح.

رئيس الهيئة الوطنية لدعم وإسناد فلسطينيي الداخل محسن أبو رمضان، أكد أن هبة الكرامة كانت حدثًا مقاومًا بث حالة الرعب والقلق لدى قادة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هبة الكرامة أكدت على وحدة النسيج الفلسطيني وفشل جميع محاولات الاحتلال لأسرلة وتهويد فلسطيني الداخل.

وقال أبو رمضان لـ"شمس نيوز": "إن الاحتلال حاول تعزيز الفرقة في صفوف الفلسطينيين وإلهاء كل ساحة بهمومها ومشاكلها؛ لكن هبة الكرامة أفشلت تلك المخططات، إذ تزامنت مع هبة الشيخ جراح بالقدس ومعركة سيف القدس التي خاضتها المقاومة في قطاع غزة، وما شهدته من مظاهرات واحتجاجات على امتداد كامل تراب الوطن".

وأوضح أن الأحكام الصادرة ضد معتقلي هبة الكرامة تأتي في توقيت صعب، حيث تشكيل حكومة يمينية إسرائيلية فاشية بقيادة بن غفير وسموتريتش اللذين يسعيان لحسم قضايا الصراع والتي تتمثل بأسرلة وتهويد فلسطيني الداخل وإلغاء ما يُسمى مدنا مختلطة في "إسرائيل"، إضافة إلى تكثيف الاستيطان والسيطرة التامة على القدس والأقصى.

ولفت إلى أن الأحكام الجائرة ضد فلسطينيي الداخل المحتل هي محاولة إسرائيلية لمنع أهلنا بالداخل المحتل من المشاركة في النضال الوطني الفلسطيني وبرامج الكفاح، والإبقاء عليهم كـ"سكان" يعيشون بمعزل عن القضايا الوطنية التي ترسخت في الهبات الشعبية، ومواجهة شرطة الاحتلال، وعمليات هدم المنازل.

وأشار إلى أن الاحتلال يسعى وراء تلك الأحكام لردع الشباب الفلسطيني الثائر والمناضل في الداخل المحتل، مشددًا أن الشباب لن يتنازلوا عن قضيتهم الوطنية وعن وحدة الساحات مهما كلفهم ذلك من تضحيات.

وأوضح بأن هبة الكرامة كانت عاملا مهما ودافعا قويا للتأكيد على أن فلسطيني الداخل المحتل هم أحد العوامل الفاعلة للحفاظ على الهوية الفلسطينية.

واستدرك أبو رمضان بأن الأسباب التي أدت إلى ضعف فلسطيني الداخل من مواجهة الاحتلال هو تفكك القائمة المشتركة الذي خيب آمال الفلسطينيين لافتًا إلى أن وحدة الأحزاب الفلسطينية في الداخل المحتل مهمة جدًا لمواجهة العدو الذي يتربص بكل مظاهر الوحدة سواء داخلية أو خارجية، داعيًا لجنة المتابعة العربية لتوحيد الطاقات على أسس تشاركية وديمقراطية لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي ضد فلسيني الداخل المحتل.

واتفق الكاتب والمحلل السياسي إيهاب جبارين مع سابقه حول أهداف الاحتلال الإسرائيلي من إصدار أحكام عالية ضد الشباب المعتقلين في الداخل المحتل بتهمة المشاركة في هبة الكرامة 2021، إذ أكد أن الهدف الأساسي هو محاولة ردع للشباب الفلسطينيين في الداخل المحتل؛ لعزلهم وابعادهم عن المشاركة في القضايا الوطنية الفلسطينية؛ سواء في قضية القدس أو الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا في الضفة وقطاع غزة.

ولفت جبارين لـ"شمس نيوز" إلى أن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل الشبان الفلسطينيين عام 2021، مع اعتقاله عدداً من المستوطنين لإيهام العالم بعدم عنصريته، مع الإشارة إلى أنَّ الأحكام الصادرة ضد الفلسطينيين عالية جدًا ومرتفعة بينما الأحكام ضد المستوطنين مثيرة للضحك، إذ تمت تبرأة بعضهم، بينهم وقع على الآخرين احكام لأشهرٍ معدودة فقط.

وأوضح أن الأحكام الصادرة ليست قانونية أو مدنية مطلقًا إنما أحكام أمنية يتم إسقاطها من قبل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضد الشبان الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن تلك الأحكام لا يمكن الاعتراض عليها أو التخفيف منها.

وقال: "إن هبة الكرامة في الداخل المحتل جاءت للتأكيد على تواجد فلسطيني الداخل في قلب القضية الفلسطينية، وفي الميدان بل زادت اهتمام أبناء شعبنا العربي بقضيتهم الأساسية"، مستذكراً أن آخر هبة شعبية كبيرة كانت عام 2000؛ لذلك فإن هبة الكرامة 2021 كانت خطيرة جدًا على "إسرائيل".

وأضاف: "هبة الكرامة كانت هبة شاملة لشعبنا الفلسطيني الذي ثار نصرة لقضاياه وثوابته وعلى رأسها قضية القدس وما تعرض له حي الشيخ جراح في المدينة المقدسة، مشيراً إلى ان الهبة لفتت أنظار العالم إلى مقاومة أبناء شعبنا بالداخل المحتل، وهذا الأمر أدى إلى زيادة الأحكام الصادرة ضد المشاركين في هبة الكرامة؛ بهدف ردع الشبان من المشاركة في أي هبة قادمة".

وشدد جبارين على أنَّ الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه بعزل فلسطيني الداخل المحتل عن القضية الفلسطينية، متوقعًا عدم نجاح الاحتلال في سعيه بفصل وعزل فلسطيني الداخل عن قضيتهم الأساسية.