غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ثقافة الوحش الغربي

محمد مشتهى
بقلم/ د. محمد مشتهى

منذ زمن ويردد البعض مصطلح الغزو الثقافي أو الفكري، أو مصطلح التغريب، أو مصطلح صراع الحضارات، ويُشير الكثيرون سواء بآراءهم أو نظرياتهم او في كتبهم على أن الغرب بإحتلاله للبلدان أو غزوها إنما يريد من ذلك فرض ثقافته على الآخر، وإن الآخر يرفض تلك الثقافة الغربية على إطلاقها. 

من هو الذي قال بأن الاحتلال أو الانتداب الغربي أتى لفرض ثقافته على من يحتله؟!!!

أمريكا لم تفرض ثقافتها لا على العراق ولا على أفغانستان ولا سوريا ولا على أي بلد احتلته، أمريكا عندما احتلت العراق اغتصبت الرجال قبل النساء في أبو غريب، فهل هذه هي ثقافة الديمقراطية التي أراد الغرب تعميمها وفرضها؟!! أمريكا عندما تحتل أي بلد فإنها تحضر معها ثقافة القتل والاغتصاب والمؤامرة، وهي لم تأتِ لتعليم الناس الديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل جاءت كما الوحش على منطقتنا لتنهب وتسرق وتقتل، الأمريكي والأوروبي في بلده يكون "جنتلمان" ويحترم ثقافته ويهتم لتعزيزها، لكن عند احتلاله لبلد آخر فإنه يصبح وحش بلا قيم، وبالتالي لا يجوز تعميم أن الغرب جاء للمنطقة من أجل نشر ثقافته على إطلاقها سواء كانت إيجابية أو سلبية، وما يجب قوله بأن الغرب جاء لنشر ثقافته السلبية فقط، لم يأت الغرب لنشر ثقافة الحريات والبحث العلمي والديمقراطية، بالعكس تماما هو احتكرها وحصرها في مجتمعاته ثم نشر في المجتمعات الشرقية ثقافة القتل والتآمر والنهب والسرقة، وكل دولة دخلها الغرب نشر الخراب فيها، الغرب لم ينشر ولم يعزز ولم يدعم الفصل بين السلطات (التشريعية، والتنفيذية والقضائية) كما يحدث في بلدانه، بل نشر وعزز ودعم الديكتاتوريات في منطقتنا، وبالتالي الغرب ما جاء ليعطينا ثقافته أو ليدافع عن ثقافته، بالعكس تماما الغرب دافع عن القتلة ودعم المجرمين والعصابات أمثال العصابات الصهيونية.

 لذلك برأيي؛ الحديث عن الغزو الثقافي الغربي على إطلاقه غير دقيق، وكان حرياً بمن يروج لذلك أن يعادي الثقافة السلبية للغرب، وأن يقف ضد قيم الاستعمار التي جاء بها الغرب بكل ما تعني هذه الكلمة من فظاعات، ولا يجوز القول أن الغرب يريد أن ينشر ثقافته ونحن ضد ثقافته ولا نريدها، ثم كفى!!

نحن ضد قيم الاستعمار وضد الاستبداد وضد نهب وسرقة خيرات البلدان وضد دعم القتلة والمحتلين وضد الدكتاتوريات وضد كل القيم الثقافية السلبية الغربية وضد ثقافة الوحش الغربي، لكننا لسنا ضد التسامح والحريات ورفع الظلم ومحاربة الفساد، وحقوق الإنسان والشورى والتطور العلمي والتي هي بالأصل هي قيم إسلامية حث عليها القرآن الكريم.

في العراق؛ الغرب احتلها وقام بحل جيشها وأدخل الفساد فيها ونشر القتل والخراب في كل شارع من شوارعها ثم سرق خيراتها، وكذلك الحال في أفغانستان وسوريا وليبيا.

الانتداب، ماذا يعني الانتداب؟

بالشكل الرسمي الانتداب يعني أن دولة قوية تنتدب نفسها على بلد آخر ضعيف والحجة هي تطوير تلك البلد، أي أن هذا الغربي يقدم نفسه على أنه المنقذ، لكن ما جرى في فلسطين أن الانتداب البريطاني الغربي المتوحش جاء إلى فلسطين وطرد أهلها وعاث فيها الفساد وحارب التقدم و التطور فيها ثم سلمها إلى العصابات الصهيونية وأخيراً جاء بالاحتلال "الإسرائيلي" والذي يعاني منه أهل فلسطين إلى يومنا هذا، وبالتالي الانتداب أتى وفرض نفسه كأنه صورة ناصعة لكن في ممارسته كان عكس تلك الصورة تماما، وتلك هي ثقافة الغربي المتوحش عندما يخرج من بلده ويدخل إلى بلد آخر.

الغربي المتوحش ينظر للشرقي بأنه لا يستحق الديمقراطية ولا يستحق حتى الاحترام، لذلك الأصل التعامل مع هذا الغربي بالتصدي لقيمه السيئة، ولمحاولته تدمير ثقافة الغير، وتدمير معتقدات الغير، ولنهبه خيرات البلاد، وليس ضد الغرب بالمطلق.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".