على امتداد شاطئ بحر شمال قطاع غزة، ومع بزوغ الفجر، ورغم الأجواء الشتوية الباردة، اعتادت مجموعة من كبار السن والرياضيين ممارسة رياضة السباحة، بجانب تمارين العدو والإحماء، وغيرها من التمارين التي تساعدهم على تنمية وتقوية عضلاتهم أو الحفاظ عليها.
هم نحو 1500 رياضي جمعهم حب وهواية السباحة، فأسسوا فريق "عشاق وهواة السباحة" أو "عشاق الأزرق الجميل"، ليمارسوا سويا رياضة السباحة في جميع الفصول، بما في ذلك فصل الشتاء ورغم الأجواء الباردة.
ويقسم الفريق نفسه لعدة مجموعات، تعمل كل مجموعة على ممارسة نشاطاتها على طول الشاطئ، كما يقومون بتمرينات ويمارسون هواية الغطس في المياه، خاصة في أوقات المربعانية (الأربعينية التي تتميز بالبرد القارس.(
وحسب مدرب الفريق محمد مهرة، فإن المجموعات تكوَّنت بجهد شخصي على طول الساحل، من بيت لاهيا شمالا حتى رفح جنوبا، مبينًا أن هناك لكل مجموعة كابتن ومدرباً للفريق. وكل مجموعة تتواصل عن طريق واتساب لتجتمع للسباحة التي تكون دائما في فترة الصباح.
يكمل حديثه: "عمليات السباحة لا تجري بشكل يومي، وإنما يتم فحص درجات الحرارة، وارتفاع الموج، ثم يتم تحديد إذا ما كان هناك دوامات بحرية، وبعدها تتم دراسة المواقع المناسبة للإبحار والسباحة وإبلاغ المشاركين بالمستجدات".
ونظرًا للعدد الكبير للمشاركين في الفريق، فإنه يمنع نزول أي شخص إلى البحر دون مدرب، كما يؤكد مهرة، مضيفًا، "دائماً يُنصح المشاركون بعدم البقاء في المياه لمدة تزيد عن 10 دقائق؛ حتى لا تنخفض درجة حرارة الجسم، ولتفادي المضاعفات الصحية خاصة لدى كبار السن".
هل من فوائد صحة؟
للوهلة الأولى حين تشاهد أشخاص يمارسون السباحة خلال المنخفض الجوي، فإن تفكيرك سيذهب إلى أن أمراضًا قد تصيب هؤلاء بعد الخروج من المياه، لكن الطبيب الاستشاري رائد طبيل يقول عكس ذلك.
ويؤكد طبيل أن السباحة من أفضل الرياضات والهوايات، إذ يقول: "نحن كأطباء نشجع أي انسان عليها، إذ أنها لا تحمل أي مشاكل للإنسان في الأوقات الباردة".
ويتفق استشاري جراحة العظام الدكتور عدنان البرش مع الطبيب طبيل، ويؤكد أن السباحة فيها تنشيط للدورة الدموية والمفاصل والعضلات، كون أن الانسان يعتمد فيها على قوة جسده ومقاومته.
وفيما يتعلق بالسباحة في الشتاء، فبين البرش أن ذلك يكون فيه نشاط للدورة الدموية، وتحفيز للعضلات، وتحفيز للنفس، ويستطيع الإنسان أن يقوي نفسه، وعضلاته ويفيد الجسم بشكل عام.
وبشارك البرش الفريق في ممارسة السباحة، وذلك من باب التشجيع على ممارسة هذه الرياضة، والإشراف على المرضى وكبار السن الذين يمارسونها بهدف العلاج، ومتابعة حالتهم الصحية وتطورها.
وبحسب خبرته، يؤكد البرش أن مياه البحر مفيدة للمفاصل، وتخفف من الالتهابات، وكلما كانت المياه باردة تكون أفضل للمفاصل الملتهبة، مستدركًا "لكن ذلك مشروط بضرورة الاستماع إلى تعليمات المدرب الميداني الذي يحدد مدة السباحة وطريقتها".
بالإضافة إلى الفوائد الجسدية، فإن للسباحة بالمياه الباردة فوائد صحية ونفسية، كما يؤكد استشاري الصحة النفسية نبيل جودة، موضحًا أن لها تأثيرا إيجابيا على تحسين الحالة المزاجية للصحة النفسية للفرد.
وقال جودة" "توصف السباحة بالمياه الباردة لعلاج الاكتئاب والقلق، وتعمل على سحب الطاقة السلبية".
تجربة واقعية
وفي تجربة واقعية لما للسباحة من آثار إيجابية بشكل عام خلال فصل الشتاء، يتحدث أحد أعضاء الفريق حسن قرموط عن كيفية تمكنه من التخلص من آثار جلطة أُصيب بها قبل نحو عشر سنوات.
يقول قرموط: "السباحة بالمياه الباردة أصبحت تجربة للكثير ممن اعتادوا عليها وتكيفوا معها من أجل الاستشفاء من بعض الأمراض من أجل جسم سليم وصحة أفضل".
ويوضح أنه خلال عام 2012 أصيب بتلك الجلطة الدماغية، ومن خلال نصائح الأطباء أنه لا بد من المشي والسباحة، توجه إلى شاطئ البحر في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ووجد مجموعة السباحة، وبدأ بالتعرف عليهم.
في بداية الأمر كان فقط للتعرف، والاطلاع على نشاطاتهم، والمشاركة ببعضها، إلى أن توسعت المشاركة، وبدأ يأتي كل يوم إلى شاطئ البحر، واستمر بالسباحة والتمارين دون انقطاع إلى أن تمكن من التغلب على آثار الجلطة، وتعافى جسمه وشفي من جميع الأمراض.