تأتى هذه الجريمة فى الوقت الذي تتكاتف فيه الجهود الأمنية والدبلوماسية في المنطقة بدعم أمريكي سياسي وأمنى واضح لدولة الاحتلال، وقد تمثل ذلك فى الزيارة الأمنية للمنطقة من خلال مسؤول الأمن القومي ومسؤولو المخابرات الأمريكية (CIA)؛ لتنهي بزيارة لأرفع شخصية دبلوماسية أمريكية، وهي زيارة وزير الخارجية الأمريكي (بلينكن) وبمشاركة إقليمية مصرية وأردنية؛ وقد جاءت هذه الزيارات المتسارعة بعد عمليات القدس المتتالية التي هزت وعرَّت صورة الكيان وكشفت مدى هشاشة منظومته الأمنية فى مواجهة المقاومة الفلسطينية.
كل هذه الوفود الرفيعة كان لها مهمة واحدة ومحددة، وهى القضاء على حالة تنامى المقاومة فى الضفة، والتي باتت تشكل خطراً أمنياً على دولة الاحتلال، وبالتالي إزعاجاً للإدارة الأمريكية، الأمر الذى استدعى الاخيرة للتحرك السريع لحماية أمن إسرائيل.
ثم كانت اليوم مجزرة أريحا، فهذه المجزرة التي جاءت بعد الحراك الأمني الأمريكي والإقليمي الكبير الذي شهدته المنطقة مؤخراً، مما يدلل بشكل واضح على أن جيش الاحتلال قد أخذ الضوء الأخضر وتلقى الدعم الكامل في زيادة بطشه واستمرار عملياته في ضرب المقاومة والقضاء عليها، والجدير بالذكر أن هذا التحرك يأتي ضمن حالة متناغمة من التوافق والتكاتف بين الاحتلال والسلطة وبدعم أمريكي وإقليمي واضح في ضرب المقاومة في الضفة الغربية واستئصالها، وما المطالب التي تم طرحها على حركة الجهاد فى القاهرة لتهدئة الأوضاع وخفض وتيرة التصعيد إلا انعكاس لحالة التوافق والتنسيق الأمني بين هذه الأطراف بما فيها الإقليمية.
جاءت هذه الجريمة المتكاملة، وعملية الإعدام الواضحة فى ظل تفاخر قيادة حكومة الاحتلال النازية الفاشية المتطرفة التي تسعى لترميم هيبة جيشها، ومعالجة التآكل الذى أصاب منظومتها الأمنية والعسكرية التي انهارت أمام عزيمة وبطولة وشجاعة الشهيد المارد الفلسطيني (خيرى علقم) فبفعله المقاوم الشجاع الذى بذل فيه روحه ودمه، ليثبت للجميع أن هذه الدولة المارقة يمكن الانتصار عليها بإرادة المقاومة، فكانت الهزيمة التى خلفها الشهيد واضحة على وجوه قادت الإحتلال المضطربة خلال اجتماعهم فيما يسمى (مجلس الأمن المصغر)، وقد ظهر جبنهم فى قرارتهم الانهزامية والانتقامية الجبانة التي جاءت بعد تلك جلسة.
كن هل الامر انتهى بعد هذه الجريمة الجبانة؟؟. لا، بل إن العدو الآن بات أكثر رعباً وخوفاً وهو يدرك بأن الرد قادم، لكن أكثر ما يقلقه أنه لا يعلم كيف وأين سيكون الرد على جرائمه. وأعتقد بأن هذه المجزرة على بشاعتها ولدت للمقاومة معطيات وقوة جديدة تتلخص بالتالي:
- أن الحصار الذى دام (10) أيام، والاشتباك البطولي الذى دار فى منطقة أريحا مخيم (عقبة جبر)، هذه المنطقة التي كانت تعتبر ولفترة طويلة من الزمن غائبة عن الحضور في ميدان الاشتباك والمقاومة، بل كانت تعد معقلاً لنفي المقاتلين والمقاومين فى سجونها المشهورة، باتت اليوم أحد أذرع المقاومة المسلحة، وهذا يحسب للمقاومة.
- الخلية المستهدفة تتبع لكتائب عز الدين القسام، وهذا مؤشر جديد يضيف للمقاومة زخماً وقوة يعطي ساحة الميدان مزيدًا من التوسع الفصائلي الفاعل فى العمل المقاوم، وبالتالي هذه إضافة نوعية تحسب للمقاومة -والجهاد الإسلامي على وجه الخصوص- الذى يقود ويرعى هذه المقاومة، عبر كتائبة الفاعلة فى عموم الضفة الغربية، وبالتالي باتت المقاومة اليوم تسجل انتصاراً وتقدماً كبيراً فى استراتيجيتها، وهى توسيع المواجهة؛ لتصل وتشمل كل الفصائل وكل الساحات الفلسطنية.
الخلاصة......
"اتسع الخرق على الراقع"
كلما حاول الاحتلال القضاء على المقاومة من خلال استخدام القوة
زادت رقعتها واتسعت...