تحليل مضمون الكثير من التصريحات التي يدلي بها التجار ورجال الأعمال الفلسطينيين لوسائل الإعلام يشير إلى حديثهم عن انخفاض دخلهم بسبب التصعيد الأخير. وبات واضحا أن مواصلة المقاومة لعملياتها وسياسات الاحتلال واقتحامه للمخيمات في الضفة الغربية له انعكاسات خطيرة على الوضع الاقتصادي ، وفي هذا الصدد يخشى التجار أن يستمر هذا الوضع الأمني السيئ حتى شهر رمضان عندما تكون مداخيلهم مرتفعة نسبيًا.
ما الذي يجري؟
تتواصل عمليات الاجتياح الإسرائيلية للمخيمات ، وبات واضحا أنه ومع نجاح المقاومة في القيام بالكثير من العمليات ورد إسرائيل على هذه العمليات باقتحام المخيمات فإن الفاتورة الاقتصادية لهذا التصعيد باتت باهظة ومرتفعة ، وهو أمر لافت خاصة مع الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن الفلسطيني ، وهي الحالة التي تزداد سواء خاصة مع تواصل الاحتفالات الدينية والاجتماعية ، سواء شهر رمضان المقبل وعيد الفطر المبارك اللذان سيقبلان خلال الأسابيع المقبلة .
وتزداد دقة هذه الأزمة الاقتصادية مع :
1- قرب حلول شهر رمضان ومن بعده عيد الفطر ، وهو ما يفرض على الفلسطينيين الكثير من الالتزامات المادية
2- دفع الكثير من التجار وأصحاب الأعمال ثمنا باهظا للتصعيد الحاصل في الضفة الغربية وجنون الاقتحامات ، خاصة في أوقات الاحتفال بأعياد رأس السنه الميلادية وعدم قدوم الكثير من السائحين إلى فلسطين بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية ودقة الموقف بالضفة الغربية عموما.
3- الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الأزمات الأمنية التي تعيشها فلسطين تضاف لحالة الشلل والتصعيد الاقتصادي الذي يصيب الكثير من القطاعات الفلسطينية ، حيث يسود الشلل عدة قطاعات حكومية في الضفة الغربية، نتيجة إضرابات مطلبية أو إجراءات عرقلة العمل التي أعلنتها نقابات واتحادات تمثل الموظفين، طلبا لحقوق مالية وإدارية أو لتنفيذ اتفاقات سابقة، وزعمت بعض من تقديرات الموقف الفلسطينية إن الفجوة تزداد بين الكثير من الغاضبين في بعض من القطاعات الاقتصادية الفلسطينية وبين الحكومة ، خاصة عقب انضمام قطاعات متعددة للإضرابات في فلسطين.
وبينما يدخل إضراب المعلمين المفتوح شهره الثاني، فإن نقابات المحامين والمهندسين والأطباء والتمريض والصحفيين أعلنت في بيانات منفصلة الانضمام للاحتجاجات المطلبية والإضراب في أيام محددة.
تقديرات استراتيجية
للأسف بات الوضع الاقتصادي الفلسطيني صعب للغاية ، وهو ما بات واضحا منذ مطلع العام الجاري 2023، حيث قررت إسرائيل -ضمن عقوبات للسلطة الفلسطينية- اقتطاع نحو 40 مليون دولار من أموال "المقاصة" لصالح متضرري العمليات الفلسطينية، تضاف إلى اقتطاعات سابقة تقدر بمليار دولار سنويا. ومنذ أكثر من عام تصرف السلطة الفلسطينية لموظفيها رواتب منقوصة، كما عجزت عن الإيفاء باتفاقيات وقعتها مع عدة نقابات واتحادات، أو سداد مستحقات الموظفين المتأخرة، لنقص الأموال. ويقدر عدد موظفي السلطة بنحو 240 ألفا، يتقاضون شهريا نحو 300 مليون دولار أجورا وشبه أجور، وفق معطيات أواخر 2021.
وبالتالي ومما سبق يجب مساعدة الفلسطينيين حكومة وشعبا اقتصاديا ، من أجل توفير حياه إنسانية لهم ، سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة . وكما هبت الدول العربية من أجل إنقاذ سوريا ونجدتها عقب الزلزال الذي ألم بها ، بات واضحا أيضا أن فلسطين تحتاج أيضا لمساعده عربية ودولية عاجلة في ظل جنون الاجتياح للمخيمات والتصعيد الذي تعاني منه فلسطين وشعبها الصامد تحت هذا الحصار الاقتصادي نتيجة للتطورات الأمنية التي لا تتوقف .