وسط حشود جماهيرية غاضبة، تقف طفلة صغيرة يمتلئ وجهها بالحزن والألم، كلما تحركت يمينًا ويسارًا تساقطت قطرات دمعاتها الساخنة على وجه والدها المسجى بدمائه الطاهرة، تنحني الطفلة قليلًا لتطبع قبلة حارة على جبين والدها علها تمنحه قُبلة الحياة.

مشهد طفلة الشهيد محمد أبو بكر مؤلم جدًا فقد أبكت كل من شاهده، بل ارتجفت قلوب الجميع مع صوتها الدافئ وهي تقول للحشود الجماهيرية التي جاءت تودع والدها: "هيو بابا مبسوط"، فور قولها تلك الكلمات ضرب أحد كبار السن يده على رأسه من شدة الألم والحزن على فراق محمد.

فمحمد أبو بكر (45 عامًا) يُعيل ثلاثة أبناء (أكبرهم في الثانوية العامة التوجيهي، وطفل في الصف السابع وطفلة في الصف السادس) استشهد محمد صباح اليوم الاثنين 3 ابريل 2023 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

وفي مشهد أخر للطفلة في وداع والدها كانت تتحدث عن أخر شيء اشتراه والدها لها فقالت: "في اليوم الثالث من رمضان اشترى لي ملابس العيد"، تلك الكلمات فجرت نبع الدمع النازف من عيون جدها.

أمسك جدها نفسه وحاول قدر المستطاع أن يخفي دموعه وسط الحشود الكبيرة، ثم قال: "الوطن غالي يحتاج إلى صبر والاحتلال لن يستطيع نزع جذورنا من أرضنا نحن باقون".