المختص في الشأن الأمني
هدأ ضجيج الطائرات وعادات الي أدراجها . وبدأ الحديث حول سلوك الاحتلال في طبيعة الرد على إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان وكذلك قطاع غزة . وظهر لكل المتابعين أن الاحتلال في حالة من التوتر وعدم تقدير الموقف عملياتيا وأمنيا بالشكل المطلوب.
ما حدث في شمال فلسطين لم يكن حدثا عاديا بل صادما بكل المقاييس الأمنية والعسكرية خاصة وأنه حمل زخما كبيرا في قوة البارود وعدد الصواريخ التي انطلقت نحو مستوطنات الشمال .. الصدمة الأمنية كبيرة جدا للمؤسسة العسكرية والاستخبارية للاحتلال
في ضوء ذلك كان أمام الاحتلال عدة خيارات وسيناريوهات اقلها واضعفها هو إساءة وجه المؤسسة الأمنية والعسكرية في تحديد طبيعة الرد ..
ومن هذه السيناريوهات ..
السيناريو الأول . هو الرد المباشر وبقوة نارية تدميرية ضد حزب الله وقدراته العسكرية في لبنان وهذا في ظل متغيرات إقليمية ودولية يعدو صعبا وفيه ارتدادت نحو الاحتلال تسوء وجهه . من خلال تقديرات الاحتلال نفسه أن لدي حزب الله قدرات عسكرية متطورة جدا ولم يعد الحزب كما كان عليه الحال قبل سنوات . كذلك فان الإدارة الأمريكية وبعض قوي الإقليم لم يقبلوا أن يعود مسرح العمليات من جديد في منطقة الشرق الأوسط وخاصة قضية فلسطين .
السيناريو الثاني. وهو قد يكون مرجحا لسهولة تنفيذه ولقلة مردوده على الاحتلال وهو اللجوء إلي استهداف قواعد وأماكن تابعة للحزب في سوريا ومناطق تقع تحت سيطرته هناك .
السيناريو الثالث. وهو الاكثر قبولا وتشجيعا لدي المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية وهو تحميل حماس المسؤلية وتجهيز ضربة لها تعيق تطوير قدراتها العسكرية وهذا السيناريو فيه مجازفة كبيرة وفيها ارتداد على الكيان خاصة وأن المقاومة الفلسطينية قد حذرت الاحتلال من استغلال الحدث في الشمال وتبرير قصفه لغزة . وكأن المقاومة تقول إنها مستعدة لكافة الخيارات أن أقبل الاحتلال على ارتكاب حماقة كبيرة .
السيناريو الرابع. وهو الأقرب ميدانيا للتنفيذ من قبل الاحتلال وهو توجيه ضربات محددة سواء في غزة أو خارجها تحافظ على قواعد الاشتباك والا يبالغ في الرد حتي يحفظ ماء وجهه لدي مجتمعه وأمام حكومته الفاشية التي تطالب برد قاسي ومبالغ فيه وهذا ما حدث ليلة أمس وفي المقابل كانت المقاومة حاضرة وحافظت على قواعد الاشتباك ولم تعطي للاحتلال أية فرصة ليسجل أي نقطة لصالحه فكانت الصواريخ تدك مستوطنات الغلاف حتي بداية عسقلان ولو تمادي لزادت بقعة الاستهداف لتطال مدنا كبيرة وحساسة ..
وفي ضوء ما حدث كان سلوك الاحتلال هو من يحدد طبيعة عدوانه والذي بات واضحا أن الاحتلال لايريد الخوض في معركة مفتوحة سواء مع غزة أو حزب الله لأنه يدرك تماما أن هناك حلفا استراتيجيا لمحور المقاومة وان الامور لم تعد في سابق عهدها ودليل ذلك حجم القوة الصاروخية التي انطلقت من جنوب لبنان الذي يقبع تحت سيطرة الحزب . كذلك تصريحات اعلي هرم قيادي في حزب الله ان الحزب لن يقف مكتوف الأيدي أمام تغول الاحتلال على المسجد الأقصى وكذلك أن أقدم بحماقة علي استهداف جنوب لبنان.
كذلك ما زال الخلاف سيد الموقف في المؤسسة الأمنية والعسكرية لدي الاحتلال هناك خلاف حقيقي لذلك تمت الاستعانة امس برئيس الشاباك في جلسة الكابنيت وجلسة تقييم و تقدير الموقف وكان واضحا أن الاحتلال لا يرغب في فتح جبهة قتال متعددة أو لا يريد الدخول في موجة مفتوحة فقد كان يبحث عن رد يحفظ ماء وجهه أمام حكومته الفاشية المتطرفة وامام جمهوره .
وفي هذا السياق اري ان الاحتلال لم يسكت طويلا على ما حدث وان رده ليلة أمس ليست هي التي تقنع قادته المتطرفين فهو يعتمد على أسلوب الغدر والتضليل لذلك ما زالت هناك ضبابية في سلوكه بمعني أنه ما زال يبحث عن هدف ثمين قد يلجأ إلي أسلوب الاغتيال خاصة وأنه يحمل أشخاصا بعينهم في المقاومة المسؤلية عما حدث . كذلك ما زال في حالة تخبط استخباري حول من يتحمل المسؤولية عن إطلاق الصواريخ فقد مني بفشل أمني استخباري معلوماتي رغم قدراته الكبيرة والمتطورة .
ويمكن القول...
اولا . إن المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة هو من خرج ليلة أمس و قد سجل نقاط في مرمي الاحتلال فقط حافظت المقاومة على تثبيت قواعد الاشتباك .
ثانيا . حافظت المقاومة الفلسطينية على إدخال سلاح جديد وبكثافة هو سلاح المضاد للطيران وقد عمل على تشتيت ضربات الطيران وجعله في حالة تخبط وقد عمل الف حساب لذلك .
ثالثا. عملت المقاومة على تثبيت أن الفعل المقاوم لم يعد منفردا بل ثبتت مبدأ توحيد الساحات ما بين غزة والقدس والضفة ولبنان وسوريا وهو الأمر الذي جعل الاحتلال يحسب حسابات كثيرة في طبيعة الرد.
وفي ضوء ذلك ما زال الحذر مطلوب واليقظة خاصة وأن جراح العدو ما زالت مفتوحة وشهيته للانتقام لم تغلق بعد
حفظ الله المقاومة وقادتها من كيد الاحتلال .