أكد أكاديميون ومختصون بالإعلام الرقمي، على ضرورة العمل على تطوير الصحفيين لأدائهم في مختلف النواحي العملية والعلمية، سيما في طرق البحث عن المعلومات عبر وسائل الإعلام الرقمي.
جاء ذلك خلال محاضرة عملية عقدتها لجنة برنامج ماجستير الإعلام وعلوم الاتصال في جامعة الأقصى، عبر تطبيق جوجل ميت، حملت عنوان "البحث المتقدم للمعلومات عبر وسائل الإعلام الرقمي"، حاضر في المحاضرة أستاذة الإعلام الإلكتروني في الجامعة العراقية أ.د. بشرى الحمداني، وأدارها أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال أ.د. ماجد تربان
ودعا المتحدثون خلال المحاضرة للعمل بشكل مستمر ومتواصل من قبل القائمون بالاتصال لتطوير أنفسهم واستخدام المواد المتاحة من خلال وسائل الإعلام لتحري مصداقية الأنباء والأخبار التي يقدمونها
أهمية المصداقية والموضوعية
أكدت أستاذة الإعلام الإلكتروني في الجامعة العراقية أ.د. بشرى الحمداني، أن المصداقية والموضوعية أمران مهمان في عمل الصحفي أينما كان، إلا أنهما مرتبطان بأجندة المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها.
وذكرت د. الحمداني أن الصحافة الاستقصائية تتطلب الإجابة على الأسئلة الستة لتغطية الموضوع من كل جوانبه، داعية لعدم ربطها بأي حال من الأحوال بالأجندة الداخلية أو الخارجية المؤثرة على المؤسسة الصحفية التي يعمل الصحفي فيها.
وأبدت استنكارها لربط المؤسسات الصحفية والإعلامية بأجندات الممول، وتأثير الأجندات على مدى مصداقيتها وموضوعيتها.
ولفتت د. الحمداني إلى أن الصحافة الاستقصائية تبنتها الكثير من الجمعيات الدولية المحايدة، والتي تعمل للدفاع عن الصحفي، والحفاظ على حقه في الحصول على المعلومات، وحصوله على سند قانوني لأعماله
ودعت الصحفيين لضرورة العمل على تطوير أنفسهم، سيما في موضوع الصحافة الاستقصائية بمختلف أنواعها، مشددة على ضرورة عدم ربط الصحفي أعماله بالمؤسسة التي يعمل بها، وإنما تكون تلك الأعمال مرتبطة باسمه، ليتمكن من التطور في المستقبل.
أدوات تحري دقة الأخبار
وبشأن تحري دقة الأخبار ومصادرها، أشارت د. الحمداني، إلى أن محركات البحث توفر العديد من الطرق والأدوات لتحري دقة الأخبار، والبحث عنها بشكل سليم.
وقالت: "أكثر محركات البحث شهرة وشعبية هو محرك (جوجل)، يوجد به العديد من الطرق للبحث المتقدم والحصول على المعلومات بشكل سليم، تفوق البحث التقليدي".
وبيَّنت أن البحث المتقدم هو امتداد للبحث التقليدي، ولكن بشكل متطور أكثر يمكن الباحث التحكم فيه، إلا أنه يختلف في قدرة الباحث أو الصحفي على البحث للوصول إلى الموضوع بشكل دقيق ومتقدم.
وتابعت د. الحمداني "الصحفيون يعانون من الحصول على مصدر الصورة والفيديو"، ونفذت بشكل عملي تطبيق للبحث المتطور والمتقدم عبر محرك البحث "جوجل".
وأشارت إلى أن البحث المتقدم يمكنه إيجاد الخبر الأصلي، بالزمان والمكان، ومدى دقته وأول المواقع التي نشرته.
وبشأن البحث عن الصور والتأكد من دقتها، قالت: "عند استخدام عدسة جوجل يمكن الحصول على أصل الصورة ومن هو أول ناشريها، وكذلك من خلال العدسة يمكن تحديد مكان محدد في الصورة للبحث عنه والحصول على معلومات عنها".
وبشأن البحث عن الفيديو قالت د. الحمداني: "البحث بالفيديو يتم من خلال الكثير من البرامج لمعرفة مصدره ومصداقيته، إلا أنها تتبدل كل فترة من الفترة".
وأكملت "في اليوتيوب يمكن معرفة مدى مصداقية الفيديو بشكل أسهل من خلال إجابة هذا الفيديو عن الأسئلة الصحفية الستة".
وعن الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أشارت إلى أن العديد من هذه الفيديوهات تحمل عنوان الدعاية، داعية لضرورة التأكد منها والبحث عنها خلال المواقع الرسمية.
ورغم كل المميزات السابقة لجوجل، وغيره من محركات البحث، وفق ما تشير المختصة بالإعلام الالكتروني، فإنه يحمل في طياته العديد من العيوب، التي تؤثر في بعض الأحيان على المصداقية.
دور الذكاء الاصطناعي
المختصة في الإعلام الرقمي، د. الحمداني، أكدت أن دخول الذكاء الاصطناعي أمر مهم في تطوير البحث والتحري والتحقق من أي موضوع يتم البحث عنه.
غير أنها أشارت إلى أنه أصبح مشكلة أكثر من كونه أداة مساعدة، مبينة أن هذا الأمر يكمن في إمكانية إلغائه لعقل الانسان، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل.
وأبدت تخوفها من الوصول لمرحلة تكون فيها المؤسسات الإعلامية عبارة عن أرشيف، لأدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة، الذي قد يحل في عمله مكان العديد من الوظائف الصحفية.
تطوير الكادر
د. الحمداني شددت على ضرورة العمل على تطوير الكوادر الإعلامية سواء بشكل فردي، أو حتى المؤسسات التي يعمل بها الصحفيين، ليواكبوا التطورات القائمة.
وأوضحت أن الأمر مهم للمؤسسات والصحفيين لما له من دور في تطوير التثقيف الإعلامي، وأهمية استخدام التقنيات في خدمة المعلومة الإخبارية.
نصائح مهمة
وقدّمت د. الحمداني عدة نصائح مهمة للعاملين في وسائل الإعلام، ليتمكنوا من الوصول إلى مصداقية وموضوعية في العمل، كذلك تطوير ذاتهم.
وأشارت إلى أن أهم النصائح تكمن في خلق المهارة والعمل على تثقيف نفسك، من خلال عمليات البحث عن المعلومة وتطوير المهارات للحصول عليها.
وقالت "الانترنت يأتي بالمعلومات من كل حدب وصوب، وتحصل على معلومات من كل مكان، وكذلك عمليات البحث هي عمليات قراءة من مختلف المصادر سواء الكتب او المواقع والصحف، وغيرها".
وشددت على أهمية القراءة ووضع النقاط على الحروف، للحصول على المعلومة بشكل سليم وللتمكن بالإيفاء بالغرض المطلوب.
المصداقية مرتبطة بعدة عوامل
بدورها أستاذة الإعلام الرقمي في جامعة الجنان في بيروت، الدكتورة بتول السيد مصطفى، لفتت إلى أن المصداقية مهمة كذلك الحال في الموضوعية، والعمل الصحفي مرتبط بهما، وبإمكانية الحصول على المعلومة.
وقالت: "بطبيعة الحال الموضوعية والمصداقية في حديث الوسائل الإعلامية أو الصحفيين، مرتبط بنظرية صحفية معروفة لنا جميعًا وهي نظرية حارس البوابة الإعلامية".
وشددت على ضرورة وجود الضمير الإعلامي في العمل الصحفي، مبينة أن وجهة نظر الصحفي تحدد مدى مصداقيته ومدى موضوعيته.
وأشارت إلى أن نسبة ذكاء الصحفي تحدد ومهنيته، لهما تأثير كبير على قدرته في نقل الأخبار بموضوعية ودقة ومصداقيتها، ذاكرة أن الحزبية تؤثر بشكل كبير على عمل الصحفي.
ودعت د. السيد لضرورة العمل على التحري بشكل سليم من الأخبار التي تنتشر في ظل انتشار صحافة المواطن، والذي لم يعد متلقي، وإنما أصبح صانع للخبر، ومعد للمعلومة ومدرك لما يحدث حوله.
إشكاليات الحصول على المعلومة
وفي مداخلة لرئيس برنامج الإعلام والاتصال الدولي في كلية الإعلام بجامعة الأقصى أ.د. ماجد تربان، تحدث عن إشكاليات الحصول على المعلومات، ومدى ارتباطها بالمصداقية والموضوعية في العمل.
وقال د. تربان: "ما هو مؤكد أن المصداقية والموضوعية في الإعلام أمر لا يمكن تطبيقه بصورته الكاملة".
وذكر أن وسائل الإعلام الغربية التي تتحدث عن نفسها أنها وسائل إعلام موضوعية ومصداقية، تتعامل مع المصداقية في نقل الأخبار فقط.
وأضاف د. تربان "تلك المؤسسات التي تدعي المصداقية تعمل على تحليل الأرقام والحديث عما بعد الأخبار الأساسية، والتلاعب فيها وفق رؤيتها وأجنداتها".
وعن الإشكاليات في ظل الإعلام الرقمي، ذكر أنه من خلالها يتم التحايل على البحث العلمي والإعلامي، مستدركًا "هذا التحايل يمكن التغلب عليه من خلال العديد من الطرق المتوفرة في أيدي المحاضرين والمختصين".
وأضاف "البحث المتقدم عن المعلومات من أهم سبل التوثيق، كذلك وجود مصادر لهذه المعلومات، وتوثيق المعلومات، حتى لو تعرضنا للسرقة نستطيع العمل على مراجعة سارقها".
وأوضح د. تربان أن من أهم الإشكاليات التي تواجه وسائل الإعلام، عدم وجود معلومات رسمية في الكثير من القضايا الذي يسبب ظهور الكثير من الشائعات.
وتابع "مواقع التواصل الاجتماعي موثوقة بمصداقية قائلها، ومن غير الدقة في المحرر أن ينقل الأخبار عن مواقع التواصل الاجتماعي إن لم يكن صاحبها موثوق".