بعد انتهاء معركة وحدة الساحات وارتقاء الشهداء القادة الجعبري والمنصور... كان هناك جدلا عميقا عن جدوى هذه المقاومة والتضحية بخيرة القادة...وبمدى واقعية استراتيجية وحدة الساحات...في لحظتها كانت حركة الجهاد وسرايا القدس تقاتل وحدها في الميدان.
على الجهة الأخرى كانت الضفة الغربية تشتعل وتقدم حركة الجهاد الإسلامي بسراياها العشرات من القادة والمقاتلين في عمليات اغتيال شبه يومية.
على الرغم من حجم الجدل العميق...كانت حركة الجهاد الإسلامي بقيادتها وعلى رأسها الأمين العام أبو طارق النخالة والقائد العسكري أبو محمد العجوري وكوادرها ومقاتليها...تسير بخطى ثابتة كالجبال الراسيات...لا تلتفت لكل التشكيك والتهديد والتهويل...تسير بمواكب الشهادة والعشق والفداء...بالدماء الراعفة من الجراح...وبروح فلسطين المتجددة في أرواح العاشقين...تحلق في سماء هذا الوطن.
مع كل شهيد...ومع كل قطرة دم... كانت تتجسد فكرة وثقافة الدم الذي هزم السيف...ومع كل يوم كان يزداد السائرين في موكب الشهداء...ويزداد اليقين بصدق هذا الخط وبهذا الطريق...
من لحق بنا فقد استشهد...ومن لم يلحق بنا لم يدرك الفتح.
هذه الأمة كما قال الشهيد المفكر الشقاقي على موعد مع الدم...وعلى موعد مع القتال كموعدها مع الصلاة... كما قال الأمين العام أبو طارق.
حتى وصلنا إلى حقيقة وحدة الساحات فعلا مقاوما أرعب العدو وأربك حساباته بصواريخ لبنان وسوريا وغزة وقتال الضفة...ووصولا إلى معركة ثأر الأحرار...التي قاتلت فيها حركة الجهاد الإسلامي بسراياها المظفرة قتال الاستشهاديين...بشعار إما النصر أو الشهادة...فكان حقا على الله أن ينصر عباده المؤمنين...ويسوء وجوه بني صهيون...لتتحطم كل الأهداف المعلنة والخفية للعدو...ولتبدع المقاومة في تكتيكاتها التي أذهلت العدو على الرغم من الفارق الهائل والكبير بين إمكانات العدو وتفوقه العسكري والأمني مقارنة بالإمكانات المتواضعة للمقاومة.
معركة ثأر الأحرار هي المعركة الفارقة الفاصلة بين مرحلتين وبين منهجين وبين مشروعين.
مرحلة الذل والخنوع والاستسلام... ومرحلة التحدي والمواجهة والعزة.
وبين منهج المكاسب ومطامع الدنيا... ومنهج التضحية والفداء والاستعلاء والطمع في رضوان الله وجنته.
وبين مشروع التفاوض التطبيع والقبول بالعدو...ومشروع المقاومة والتحرير الكامل لكامل التراب الفلسطيني.
لقد حقق أبناء الجهاد الإسلامي تحولا وتغييرا حقيقيا في المعادلات...فقاتلت قتالا استشهاديا...لم تبخل فيه بخيرة قادتها وكوادرها ومفاتليها...وصبرت وتحملت وعضت على جراحها وظلمها وتكالب الظالمين عليها...حتى الرمق الأخير لتحفظ للأمة عزتها وكرامتها...وتشق طريق الانتصار بوحدة الساحات...وتقدم نموذجا لكل الأمة في التضحية والصبر والقتال.
ختاما...يمكن القول أنه كان مطلوبا في هذه المرحلة أن تقدم حركة الجهاد الإسلامي كل هذه الدماء والتضحيات والقادة الشهداء...كي تبصر الأمة حقيقة واقعها... وتعيد ثقتها بنفسها وبأحرارها ومجاهديها...خاصة مع حركة الجهاد الإسلامي التي تبذل الغالي والنفيس وليس لها طمعا في مكاسب من مال وكراسي وسلطة.
وأن هؤلاء المجاهدين مثلوا وبحق ضمير شعبنا ونبض قلبه المفعم بحب القدس وفلسطين.