مزاعم الاحتلال بإضعاف الجهاد أجابت عنها الساعة الأخيرة من المعركة
سرايا القدس قدمت أداءً جهادياً لافتاً ومميزاً وتألقت في إدارتها للمعركة وتوجيه الرسائل
معركة "ثأر الأحرار" انعكست بشكل إيجابي على الحركة عربياً ودولياً
أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محمد حميد، اليوم الاثنين، أن الدور الريادي لحركة الجهاد في ممارسة المقاومة والتأكيد على ثوابت الشعب الفلسطيني وإذكاء جذوة الصراع في فلسطين المحتلة وفي دول الجوار، والصمود الأسطوري لأسراها، جعلها محلاً الاستهداف من قبل الاحتلال الاسرائيلي.
وقال حميد في حوار مع "الاستقلال" إن:" الاحتلال الصهيوني آلة إرهابٍ وإجرامٍ مستمرة، تمارس القتل والتطهير العرقي والإبادة للشعب الفلسطيني منذ عقود، فهي تستهدف الهوية الفلسطينية الإسلامية، وتلعب دور الطغيان والاستعمار والغطرسة الغربية".
وأضاف حميد:" الجهاد جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية والعربية التي كانت على طول الزمان محلاً للعدوان الصهيوني".
وذكر حميد، أن الاحتلال أراد التفرد بالحركة خلا لمعركة "ثأر الأحرار" معتقداً أنها الخاصرة الأضعف بين متغيراتٍ عدة، إلا أن إيمان الحركة بالله عز وجل والتفاف الشعب الفلسطيني ومقاومته حولها أجهض هذا المشروع الخبيث، وأربك حسابات الاحتلال حول الحركة.
وأشار حميد إلى، أن توقيت العدوان الصهيوني واغتيال قادة العمل العسكري في الجهاد الإسلامي الذي تزامن مع أزمة نتنياهو الداخلية الذي ظن أن هذا العدوان سيكون رافداً له في أزمته الداخلية وقلاقل حكومته المتطرفة، مضيفاً:" إلا أنني أرى أن قرار العدوان على غزة اتخذ بعد أن أدرك الاحتلال حجم الخطورة على وجوده من جهاد هذه الحركة ومقاومتها".
وتابع حميد:" سياسة الجهاد الإسلامي الواضحة في وحدة الساحات والحيلولة دون الاستفراد بساحة دون أخرى من جهة، وإعادة بعث العمل العسكري المقاوم في الضفة المحتلة عبر كتيبة جنين وغيرها من جهة أخرى، وتجهيز جبهات الشمال بل وإطلاق الصواريخ منها، كل هذه العوامل جعلت الحركة ناقوساً أحمر يؤرق أمن الاحتلال وأدمغته".
ولفت حميد إلى، أن الاحتلال قرر الغدر بقادة سرايا القدس ظاناً أن ذلك سيضعف الحركة عن مواصلة عملها واستئناف جهادها في دحر المحتل، إلا أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس ظهرت موحدةً قادرة على ضرب قلب هذا المحتل الغاصب، والإثخان فيه.
اضعاف الجهاد
وردًا على ادعاء الاحتلال بتمكنه من إضعاف الجهاد الإسلامي باستهداف قادتها، قال عضو المكتب السياسي بالجهاد:" إن فقدان إخواننا الأعزاء في قيادة سرايا القدس في غزة والضفة ترك فراغاً كبيراً، إلا أن عزاؤنا بتركهم خلفهم منظومة عمل جهادي منظم، وقيادة مؤسساتية ساروا عليها".
وأضاف" برهنت الأيام اللاحقة على جريمة الاغتيال وهن رهان العدو على إضعاف الحركة، فقد قدمت سرايا القدس أداءً جهادياً لافتاً وسجلت حضوراً مميزاً وأبدعت في استخدام ترسانتها الصاروخية والمدفعية، وتألقت في إدارتها للمعركة وتوجيه الرسائل خلالها".
وأكد حميد، أن عقل الحركة المفاوض قد أبدى تصميماً منقطع النظير على تحقيق شروط المقاومة وفرضها بالقوة على المحتل الذي اعتقد أن عدوانه على الجهاد الإسلامي سيكون نزهةً.
وشدد على أن مزاعم الاحتلال حول إضعاف الجهاد الإسلامي أجابت عنها الساعات الأخيرة قبل سريان اتفاق وقف إطلاق النار، فقد دكّت صواريخ سرايا القدس قلب الاحتلال وأربكت العدو الصهيوني في الساعة الأخيرة.
كيف انتصرت الجهاد؟
حول إدارة حركة الجهاد للمعركة وتمكنها من الصمود أمام عدوان الاحتلال قال:" يستحضرني في هذا المقام قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"".
وأضاف " حركة الجهاد الإسلامي وذراعها الضارب سرايا القدس تؤمن بالله عز وجل حق الإيمان وتتوكل عليه حق التوكل، وتأخذ أسباب العزم، وتبذل وسعها في تنفيذ الأمر الرباني بالجهاد في سبيل الله، وتدعو الله أن يكون نصرها فضلاً من الله على التزامها بأوامره".
وتابع:" الله عز وجل ألهم قيادة الحركة أسباب القوة، فمكنها من مراكمة القوة طيلة فترة عملها، واهتدت بفضله إلى إتباع تكتيكات عسكرية متمرسة من خلال التنسيق مع الغرفة المشتركة والعمل من خلال الإجماع الوطني وفق قواعد اشتباك محددة سلفاً".
وذكر عضو المكتب السياسي للجهاد، أن المعركة بدأت بصمتٍ غاضب باغتت فيه حسابات الاحتلال طيلة 35 ساعة متواصلة وأرغمته على فرض حظر التجول دون إطلاق رصاصة واحدة، ثم استمرت في الإبداع عبر رشقات صاروخية متناسقة ومتوازنة دكت معاقل جميع المدن المحتلة المحاذية لقطاع غزة.
وأكد حميد أن سرايا القدس ضربت مركز الاحتلال الاقتصادي "تل أبيب" عدة مرات، ونجحت في رصد قوات الاحتلال المتمركزة على مقربة من حدود القطاع وشنت هجوماً مباركاً بصواريخ موجهة وبقذائف الهاون.
وأشار حميد على، أن قيادة الجهاد ومن خلفها المقاومة الفلسطينية ممثلة بالغرفة المشتركة وعلى رأسها كتائب القسام امتلكت بصيرة نافذة في قراءة موقف الاحتلال الذي لم يكن يرغب في أن تمتد المعركة لأيام أخرى.
وأردف:" هذا كله ساهم في صناعة هذا الأداء المميز وصورة الانتصار الختامية للحركة"، مؤكدًا على أن الحركة ماضيةٌ في تعزيز لحمتها مع إخوانها من فصائل المقاومة تحت الغرفة العسكرية المشتركة والتي قدمت إسناداً كبيراً لها في هذه المعركة.
صمود الجهاد وشروطها
وحول الفترة الزمنية التي كان بإمكان الحركة مواصلة المعركة فيها، أوضح حميد أن حركته صمدت لأكثر من 50 يوماً في معركة البنيان المرصوص عام 2014 وضربت فيها مدن الاحتلال ومغتصباته طيلة هذه المدة، بل شهدت الأيام الأخيرة من تلك الحرب زخماً صاروخياً لافتاً للحركة دكت فيه قلب الاحتلال ومستوطناته وغلافه بمئات الصواريخ".
وأضاف " ما تزال الحركة منذ ذلك التاريخ تراكم القوة وتعد العدة وتسابق الزمن في تطوير إمكاناتها العسكرية كماً ونوعاً، واليوم وقد مر ما يقارب 10 سنوات على معركة البنيان المرصوص لم تألوا فيها الحركة جهداً في تطوير قدراتها، وهي قادرة اليوم -بفضل الله تعالى- على الصمود لمدة لا يتوقعها الاحتلال وتخرج عن حساباته".
وأكد حميد على أن معركة المقاومة وعلى رأسها الجهاد الإسلامي مستمرةٌ مع هذا الاحتلال لا يوقفها إلا دحره وتطهير فلسطين المحتلة من دنسه، مشددًا على أن المقاومة تقف منتصرةً وقد فرضت شرطاً هاماً وجوهرياً على الاحتلال بوقف الاغتيالات والاعتداءات على الشعب الفلسطيني.
وأضاف" ولن تدخر المقاومة جهداً في سبيل خوض جولاتٍ وجولاتٍ حتى فرض إرادتها ورغبتها بمحو الاحتلال من الوجود وليس فقط فرض شروطها".
تعزيز مكانة الجهاد
ولفت عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إلى أن معركة "ثأر الأحرار" البطولية كان لها عوائدها الإيجابية التي انعكست على الحركة، وذلك على الصعيد العربي والدولي والمحلي.
وأوضح حميد أن المعركة عززت ثقة الحاضنة الشعبية بالحركة وبأدائها، كما أنها عززت دور الحركة الطليعي في مقاومة الاحتلال، فضلًا عن أنه كان لها خلال المعركة صدىً على المستوى العربي، عَبّر عنه المؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية بإعجابهم بأداء المقاومة وعلى رأسها الجهاد الإسلامي.
وعلى المستوى الدولي فقد وثقت الحركة موقعها الرائد لمحور المقاومة، وجذبت أنظار جميع أحرار العالم نحو حق الشعب الفلسطيني في مقارعة الاحتلال، وفق عضو المكتب السياسي للحركة حميد.
ماذا بعد ثأر الأحرار؟
وأكد حميد، أن الأيام القادمة بعد معركة "ثأر الأحرار" تحمل معها عبئاً ثقيلاً للوفاء بدماء الشهداء القادة ومواصلة طريقهم.
وقال حميد:" الوفاء للشهداء يدفعنا جميعاً لبذل الجهد تلو الجهد للوفاء بعهدهم والطريق التي سلكوها، وتدفعنا إلى مواصلة الإعداد والجهوزية لمجابهة الجولات القادمة لصد عدوان الاحتلال ودحره من أرضنا المحتلة".
ووجه حميد برقية تهنئةٍ للشهداء الذي ارتقَوْا بعد اصطفاءٍ ربانيٍ مبارك وخص بالذكر الشهداء القادة/ خليل البهتيني "أبو هادي" وجهاد غنام "أبو محمد" وطارق عز الدين "أبو محمد" وإياد الحسني "أبو أنس" وعلي غالي "أبو محمد" وأحمد أبو دقة "أبو محمد".
كما وتقدم حميد بالتعزية لذوي الشهداء بارتقاء أحبائهم إلى العلا بعد معركة فرقانية بذلوا فيها الغالي والرخيص نصرةً للإسلام ولأرض فلسطين، سائلًا المولى عز وجل بأن يرزق أهلهم الصبر وأجره.