أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إحسان عطايا أن المعركة مع العدو الصهيوني لم تنته بعد؛ فنحن نخوض معركة مفتوحة معه، بأشكال مختلفة، والجهاد الإسلامي وسراياها استطاعت أن توجه ضربة قوية جدًّا للعدو في معركة ثأر الأحرار، وأفشلت أهدافه في كسر معادلة الرد على الاغتيالات بقصف عمق كيانه".
وأوضح عطايا خلال حديث صحفي على أن العدو الصهيوني من خلال عمليات الاغتيال لقادة "سرايا القدس" والاستهداف المباشر لحركة الجهاد أراد كسرها وإضعاف قوتها، لأنه أدرك أهمية دورها في تشكيل كتائب المقاومة العسكرية المقاتلة في الضفة المحتلة، وتطور قدراتها العسكرية والتقنية في غزة، وتنامي قدراتها البشرية واللوجستية خارج فلسطين المحتلة، وتَمَيُّزِ أدائها في إدارة المعارك العسكرية وحضورها السياسي المؤثر والفاعل، وأنها باتت تشكل رقمًا صعبًا في معادلة المواجهات مع جيشه.
وحول صمت المقاومة وإدارة النار من قبل سرايا القدس في معركة "ثأر الأحرار"، قال عطايا: "إن قيادة حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس نجحت في إثبات قدرتها على إدارة معركة ثأر الأحرار بجدارة وحنكة واقتدار، سواء على مستوى إدارة النار، أو على مستوى الحرب النفسية -هدوء ما قبل العاصفة- قبل بدء الرد العسكري على المجزرة، التي ارتكبها العدو باغتياله ثلاثة من قادة الجهاد والسرايا مع أطفالهم ونسائهم وجيرانهم من المدنيين، وأفشلت أهدافه في ترميم صورة الردع، وشق الصف الفلسطيني، وكسر معادلة المقاومة في الرد على الاغتيالات، وهشمت صورته مجددًا، وأجبرته على إخلاء المستوطنات في غلاف عزة، وشل حركته في أكثر من منطقة، وزيادة تصدعه الداخلي".
وأوضح عطايا، أنه "على الرغم من استشهاد عدد من قادة حركة الجهاد وسرايا القدس، إلا أن إدارة المعركة وإدارة النار لم تتأثر، وبقيت تحت السيطرة والتحكم بشكل أذهل العدو وأربكه؛ فالصواريخ لم تتوقف، وكان يتم إطلاقها بتوقيت دقيق، وتوجيهها إلى مناطق مختلفة من كيان الاحتلال بشكل مدروس".
وأضاف عضو المكتب السياسي للجهاد، أن العدو باغتيال قادة المجلس العسكري لسرايا القدس أراد أن يكسر القوة العسكرية لحركة الجهاد، ويضعف قدرتها على تهديد أمن كيانه أو خوض معارك منفردة ضد جيشه، تسهم في تهشيم صورته أمام العالم، مبيِّناً أن أسلوب الاغتيال الذي استخدمه العدو، بقتله القادة مع عائلاتهم هو أسلوب خبيث جدّا، إذ أراد أن يوجه رسالة تخويف وترهيب لقادة حركة الجهاد على وجه الخصوص، وفصائل المقاومة الفلسطينية بشكل عام. إلا أنه فشل حتمًا في تحقيق هذا الهدف.
إنجازات المعركة
وحول ما حققته معركة "ثأر الأحرار"، أشار عطايا، إلى أن أبرز الإنجازات التي حققتها حركة الجهاد الإسلامي تكمن في تحقيق وحدة الموقف الفلسطيني المتمثل بغرفة العمليات المشتركة، وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني المتمثل بوحدة الساحات، وتأكيد التفاف جماهير الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده حول مقاومته.
وأضاف: "فضلًا عن تجسيد شراكة حقيقية في المقاومة، بين الشعب الفلسطيني في غزة وسرايا القدس بشكل خاص، والفصائل الفلسطينية عمومًا، وتثبيت معادلة الرد على الاغتيالات بقصف عمق الكيان، وتعزيزها بعناصر قوة جديدة في هذه الجولة القتالة، عبر أداء سرايا القدس المبدع في إدارة النار، وأداء قيادة الحركة العليا المميز في إدارة المعركة على المستويين العسكري والسياسي".
وبين عطايا، أن الحركة أدارت مفاوضات وقف إطلاق النار بحكمة وذكاء، وفرضت شروط الجهاد بالصيغة التي أرادتها، في ظل إمكانية مواصلة الرد العسكري وإطالة أمد القتال لأسابيع عديدة، وعدم قدرة العدو على تحمل ذلك؛ ما أربك قادته ووضعهم في مأزق المدى الزمني لاستمرار المعركة، وكان عاملاً ضاغطًا عليهم، ما أدى في نهاية المطاف إلى إفشال أهداف العدو في هذه المعركة.
ولفت إلى أن المعركة كسرت هيبة جيش الاحتلال الذي يمتلك ترسانة من الأسلحة المتطورة والنووية، وكبَّدته خسائر بشرية ومعنوية ومادية كبيرة، وعملت على كيّ الوعي الصهيوني.
واستطاعت معركة "ثأر الأحرار" الحفاظ على ما تحقق من إنجازات خلال جولات القتال السابقة مع العدو الصهيوني، وتعزيزها بشكل أكبر، -كما أوضح عطايا، ولا سيما أنها منعت العدو من تحقيق أهدافه في هذه المعركة، وفرضت شروطها، وحققت إنجازات مهمة على مستويات مختلفة، كون أن حركة الجهاد تصدت لكيان الاحتلال، وتصدرت سراياها، بكل كفاءة واقتدار، قيادة الرد العسكري على عملية الاغتيال التي استهدفت ثلاثة من قادتها.
وأشار إلى أن نتيجة المعركة جاءت استكمالًا لما تحقق خلال المواجهات السابقة، ولا سيما في معركة "وحدة الساحات"، مؤكداً أن القيادة العليا لحركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس قد بدأت بتقييم دقيق لما حصل خلال المعركة، وستدرس نتائج هذا التقييم، وتستخلص الدروس والعبر. وبالتالي سيتم البناء على نتيجة ما حصل فيها، والاستفادة منها في المعارك القادمة.
رسائل الجهاد
ووجه عطايا عدة رسائل للمقاومة وشهدائها، قائلًا: "إن كان من رسالة أوجهها إلى مجاهدي سرايا القدس البواسل، فهي رسالة تقدير واعتزاز بملاحمهم البطولية التي سطروها في جولات القتال والمعارك التي خاضوها ضد كيان الاحتلال، ولا سيما المعركة الأخيرة "ثأر الأحرار"، ورسالة محبة وافتخار بإنجازاتهم المبهرة، على مستوى القيادة والأداء، ورسالة شكر واحترام لدورهم الرائد في الجهاد والمقاومة، وتقديمهم التضحيات الجسام على طريق التحرير والعودة، وتحملهم مسؤولية حفظ الأمانة في متابعة مسيرة الشهداء، والسير على دربهم، ورسالة شوق لأرواح الشهداء الأعزاء الذي فارقونا، وهم في صدارة ركب المجاهدين الأبطال، ورسالة امتنان لمن يحملون عبء مشروع الجهاد، من الأسرى والجرحى والمقاتلين الأشاوس".
وختم عطايا حديثه، برسالة إلى الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية: "نحن نعتبر أن الشعب الفلسطيني شريك في المقاومة، وليس مجرد حاضن لها، ولا سيما أهلنا الكرام في غزة العزة والإباء، فهم يقدمون الشهداء والجرحى والأسرى، ويتحملون ما يتحملون من تضحيات، ومن أعباء الحروب، بخسائرها وأرباحها، فرسالتي إلى شعبنا الفلسطيني الصامد والصابر والمضحي، هي رسالة أمل بقرب الانتصار على عدونا، لأن شراكته مع مقاومتنا تمنحها القوة والمنعة، ودعمه وإسناده للمقاومين عامل دفع لهم، واحتضانه للمقاومة تعزيز للوحدة والتكامل بينهما".