يرى محللان سياسيان، أن الاحتلال الإسرائيلي، أخطأ التقدير مجددًا، من خلال محاولته شن عدوان جديد على مدينة ومخيم جنين، ظانًا أنه يمكن احتواء المقاومة في الضفة الغربية، أو الخروج بصورة ترمم حالة الفشل الذي منيت بها الحكومة في "الإصلاحات القضائية".
واتفق المحللان في أحاديث منفصلة مع "شمس نيوز"، أن الخطأ في تقدير الاحتلال، ظهر من خلال ما تمكنت من تحقيقه المقاومة وعلى رأسها كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، خلال تصديها للعدوان.
ليست لقمة سائغة
الكاتب والمحلل السياسي حسن لافي قال: "في ظل بحث حكومة الاحتلال، على ضوء فشل المفاوضات بخصوص التعديلات القضائية، والحديث عن تجدد المظاهرات الاحتجاجية، حاولت الذهاب إلى جنين وشمال الضفة كقضية أمنية، تحرف الأجندة الإعلامية والشعبية الصهيونية، ظنا منها أن جنين لقمة سائغة من السهل تسجيل انتصارات عسكرية سريعة هناك تخدم أهداف الحكومة ورئيسها نتنياهو".
وأضاف لافي لـ"شمس نيوز" "المفاجأة أن التقديرات لم تتوقع تطور الفعل المقاوم هناك، وإدخال العبوات الناسفة الموجهة على خط الخدمة القتالية، وتطور التكتيك القتالي لجنود كتيبة جنين، وبقية الكتائب في صنع كمائن معقدة، واختيار أماكنها بدقة، والاستفادة من التفوق الجغرافي لأصحاب الأرض، مما صنع المشهد البطولي للمقاومة في جنين، الأمر الذي قلب السحر الإسرائيلي على حكومته".
وذكر أن استخدام القصف الجوي من الطائرات المقاتلة الاسرائيلية لأول مرة منذ سنوات انتفاضة الأقصى، وتفجير مركبتين مصفحتين واصابتهما اصابات مباشرة، وتدحرج عملية اعتقال عادية إلى حرب شوارع يستدعي قوات كبيرة لإنقاذ الإصابات الإسرائيلية، وسحب المدرعات المشلولة، كل ذلك دليل فشل للتقديرات الاسرائيلية للمقاومة في جنين وفي شمال الضفة.
وتابع لافي "الأمر يقودنا إلى القول إن خطة حرف الانظار عن الإشكالات الداخلية الاسرائيلية بتجاه جنين وشمال الضفة، سيكون ثمنها الإسرائيلي كبير ميدانيا في جنين، والأهم تداعيات ذلك على الوضع الأمني برمته في الضفة والقدس خاصة، وبقية الساحات لاحقا، مما يسهل لخلط الأوراق داخل المشهد السياسي الاسرائيلي داخليًا".
من ثأر الأحرار لبأسهم
من ناحيته الكاتب والمحلل السياسي شريف الحلبي أشار إلى أنه قبل أسابيع قام الاحتلال بشن عدوانًا همجيًا على حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس مستهدفاً قيادتها العسكرية في غزة والضفة.
وقال الحلبي لـ"شمس نيوز": "ظن الاحتلال أن رد السرايا يمكن احتوائه وسيكون سقفه لا يتجاوز ما حدث في معركة وحدة الساحات، التي عالج العدو نقاط ضعفه فيها (كما ادعى)، فشكل الرد في شعاعه وتكتيكاته ومنظومة القيادة والسيطرة صدمة للعدو وأجهزته الأمنية والعسكرية، والنتيجة خطأ في التقدير وفي قراءة السيناريوهات المتوقعة، وأُجبر على وقف عدوانه".
وأضاف "مجدداً يخطئ العدو التقدير للجهاد الإسلامي وسراياها المظفرة، وفي هذه المرة في جغرافيا أخرى (جنين) حيث ظن العدو برئاسة المجرم نتنياهو أنه بالإمكان حرف مسار الانقسام الداخلي الصهيوني الذي يتعمق من خلال تحقيق إنجاز أمني في جنين، يضع الملف الأمني كأولوية لدى الحكومة والجبهة الداخلية".
ولفت الحلبي إلى أن التقدير لدى الاحتلال أن التنفيذ سيكون في متناول يد أذرع الجيش العسكرية والأمنية، إضافة إلى التقدير بأن اغتيال القائد طارق عز الدين أحدث ارباكاً في عمل سرايا القدس في الضفة.
وأردف حديثه "النتائج جاءت عكسية، والفشل الذي حدث في (ثأر الأحرار) يتكرر في (بأس الأحرار)، ويلخص كبار ضباط الجيش الصهيوني المشهد بالقول لقد تغيرت قواعد اللعبة"، مكملًا "نعم نستشهد بما يقوله الأعداء المجرمون، قواعد اللعبة مع الجهاد الاسلامي تغيرت، وما يظنه العدو فرصة للإنجاز يتحول إلى تهديد حقيقي سيُعمق الأزمة للحكومة وللداخل الصهيوني".