خالد صادق
ليس لدى «إسرائيل» ما تخفيه من نوايا تجاه السلطة الفلسطينية، وتجاه مسار التسوية العبثي، فهي تصارح الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي بنواياها، وغيبت حتى المساق السياسي من تصريحاتها وتنكرت لكل القرارات الدولية، ومسارات التسوية واتفاقيات «السلام» العبثية, ما نقلته إذاعة «كان» العبرية، ، بأنّ رئيس وزراء حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو قال، في اجتماع مغلق في الآونة الأخيرة، إنّ إسرائيل تستعد لمرحلة ما بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، كما تحدّث عن «ضرورة كبح تطلعات الفلسطينيين لدولة مستقلة». مضيفا «نحن نستعد لليوم الذي يلي أبو مازن. نحن بحاجة إلى السلطة الفلسطينية. يجب ألا نسمح بانهيارها ونحن لا نريدها أن تنهار. نحن على استعداد لمساعدتها من الناحية الاقتصادية. لدينا مصلحة بأن تواصل السلطة عملها. في الأماكن التي تنجح بالعمل فيها فإنها تقوم بالعمل نيابة عنا. وليس لدينا أي مصلحة في انهيارها». وفي نفس الوقت «يجب القضاء على تطلعاتهم لإقامة دولة». يجب اجتثاث فكرة إقامة دولة فلسطينية وقطع الطريق أمامها، ورغم عبارات نتنياهو الواضحة التي أكد فيها رفضه فكرة الدولة الفلسطينية، فإن ريتشارد غودستاين، المستشار السابق في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، يرى أنه ربما يعني أنه لا يقبل أن يعلن الفلسطينيون عن دولتهم بشكل أحادي، وإنما ينبغي أن يتم الإعلان عنها عبر المفاوضات, وهذا استخفاف واضح بالسلطة وقيادتها, ويحمل من المهانة والاذلال والتخلي عن كل الالتزامات ما يدفع السلطة الى حالة الخنوع والاستسلام والقبول بسياسة الامر الواقع, طالما انها اختارت طريقها عبر مسار التسوية من اجل تحقيق الأهداف, الامر الذي يدعو الى الاستغراب والحيرة والتوقف طويلا عند سياسة السلطة في التعامل اللامسؤول مع قرارات الحكومة الصهيونية بزعامة المجرم المتطرف بنيامين نتنياهو الذي تسوقه مجموعة من قادة الصهيونية الدينية موصومين بالتطرف والعنصرية والنازية والقتل وسفك الدماء, ولا يؤمنون «بالسلام».
تصريحات نتنياهو التي دعا خلالها لاجتثاث فكرة حل الدولتين، تجاوزت الرسالة الموجهة الى سلطة محمود عباس, وامتدت الى «المبادرة العربية» التي أعلنتها المملكة العربية السعودية, لتنسفها من جذورها, ولم تبق النافذة مفتوحة امام المملكة العربية السعودية للولوج منها في مستنقع التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم, ولم يعد للمجتمع الدولي أي مجال للمناورة ومحاولة التبرير المستمرة لسياسة الاحتلال تجاه سلطة محمود عباس, وليس هناك من وسيلة امام المجتمع الدولي سوى الدخول في مرحلة صمت, والرهان على الوقت لأجل اقناع السلطة بالقبول باي شيء تطرحه «إسرائيل» عليها حتى وان كانت مجرد حلول اقتصادية كما يقول نتنياهو, فالسلطة مطالبة اليوم امام حكومة الصهيونية الدينية بزعامة نتنياهو ان تحافظ على وجودها من خلال التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال الصهيوني, وتقديم الخدمات «لإسرائيل» وهذا ما اوصلتنا اليه سياسة رئيس السلطة محمود عباس القائمة على خيار التسوية فقط, والتي لا تتعدى الاستعطاف والاستجداء والتوسل للعالم, كي يمنح السلطة دولة على جزء يسير من ارض فلسطين التاريخية, ولان العالم لا يحترم الضعفاء, ولا تقنعه سياسة التوسل والاستجداء والاستعطاف, فانه لا يحترم السلطة ولا يتعامل معها ولا ينظر اليها, وهى بالنسبة له لا تعدو كونها سلطة «مأمورة» بالالتزام بسياسة «إسرائيل» والعمل على ارضائها لأجل السماح لها بالبقاء, واعتبارها السلطة الشرعية التي تمثل الشعب الفلسطيني, ولم يعد امام محمود عباس الا ان يمسك بالخيط والمغزل كما فعل المهاتما غاندي, وان يسوق نفسه كحمامة سلام تعيش حالة الخوف والرعب والفزع بين الصقور والنسور والغربان, لكن محمود عباس لا يمتلك ورقة الشعب الفلسطيني بيده, فهو فقدها تماما عندما اسقط خيار المقاومة, واستمر بالتنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال, واحال الموظفين من سن 35 عاما الى التقاعد, وحدد مساره السياسي وفق رؤيته ومنطقه الخاص الذي يتناقض مع رؤية الشعب الفلسطيني ومقاومته.
حركة المقاومة الفلسطينية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ردتا على تصريحات نتنياهو، بالقول أنها تأكيد على وضوح أهداف «الكيان الفاشي القائم على فكرة الإبادة والتطهير العرقي، والاستيطان الإحلالي، بعيداً عن شعارات السلام المزعوم والزائف», واشارت حركة الجهاد في بيان لها أن هذه التصريحات بمثابة «صفعة في وجوه المطبعين العرب والفلسطينيين, وتستدعي «موقفاً وطنياً من قيادتي السلطة والمنظمة يستجيب للإجماع الوطني بإلغاء العمل بجميع الاتفاقات الأمنية والسياسية مع العدو، وسحب الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، ووقف كل أشكال العلاقة معه بما في ذلك وقف التنسيق الأمني». ودعت الجهاد الإسلامي «العرب والمسلمين لمقاطعة كيان العدو، ووقف كل أشكال التطبيع معه، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في المقاومة والدفاع عن نفسه بكل السبل، خاصة في ظل التصعيد الخطير لإرهاب المستوطنين وعدوانهم على المسجد الأقصى والقدس وقرى الضفة المحتلة، بحماية ودعم من حكومة العدو وجيشها المجرم». بينما طالبت حركة حماس في بيان من «قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، إعادة النظر في التزاماتها مع الاحتلال، وفي مسار التسوية والمفاوضات العبثية، ووقف كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني معه، وتحويل البوصلة باتجاه تعزيز الموقف الوطني ضد الاحتلال، على قاعدة استمرار الثورة حتى زواله عن أرضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية، فدولتنا وحقوقنا الوطنية تُنتزع بالقوة ولا تستجدى من الأعداء» فهل تستجيب السلطة؟!.