حرب «الاستئصال» التي تقودها «إسرائيل» في الضفة الغربية المحتلة, والتي تستهدف من ورائها قطف رأس المقاومة, بلغت اشدها, فهذه الحرب تشارك بها جهات عدة, فالمقاومة تمثل خطراً على كل الطغاة, وتمثل خطراً على السيادة الامريكية على العالم, وتمثل خطراً على المجتمع الدولي الذي يسمح بحرق نسخ من القرآن الكريم, ويعتبر ذلك انه يندرج تحت بند حرية الرأي والتعبير, بينما قتل الفلسطيني على يد مستوطن صهيوني ينظر اليه المجتمع الدولي على أساس انه فعل مباح للدفاع عن النفس حتى وان كان الضحية طفلا صغيراً لم يتجاوز السنوات السبع, حرب الاستئصال التي يقودها الاحتلال تشارك فيها السلطة الفلسطينية, التي تكفر بالمقاومة وتجرمها, وتتعاون امنيا مع الاحتلال الصهيوني, وباتت اليوم شريكاً رئيسياً في العمليات العسكرية التي يشنها الاحتلال على مدن الضفة, ويستهدف من ورائها المقاومين وسلاحهم ومخازنهم ومستودعاتهم وانفاقهم, هي حرب لا هوادة فيها, ومن يحاول ان يلبس ثوب «الواقعية» ويطرح نفسه انه ينشد السلام والاستقرار والامن والأمان مع هذا الاحتلال, فهو يعبث بمصيرة, ويمنحهم فرصة لاستهدافه والنيل منه, والتجارب امامنا كثيرة ومتعددة, أي تيار مقاوم يؤمن بالكفاح المسلح وسيلة من وسائل التحرير, ويسعى لمواجهة «إسرائيل» ومخططاتها العدوانية, واستئصال مشروعها في المنطقة فهو في دائرة الاستهداف والتصفية والقتل, المعيار العالمي للرضى وعدم الرضا عنك هو علاقتك «بإسرائيل» فان كانت علاقة متينة وراسخة ومستسلمة لإرادتها فانت في امان, اما ان كانت علاقة متوترة ومحرضة وتؤمن بالقضية الفلسطينية وتدعمها وتتبنى الحقوق والمواقف الفلسطينية فانت في دائرة الاستهداف والتحريض والتوتر, فايران محاصرة عالميا لأنها تؤمن بالقضية الفلسطينية وتدعمها, وما يحدث في سوريا والعراق واليمن والسودان من صراعات داخلية واشتباك مع الجوار, مرتبط بالمواقف الرسمية السابقة من القضية الفلسطينية, وما يحدث في لبنان مرتبط تماما بمواقفها من القضية الفلسطينية ودعمها للشعب الفلسطيني ومقاومته, اذا فمعيار الرضا وعدم الرضا مرتبط بمدى قربك من القضية الفلسطينية.
اسوق هذه الشواهد لأدلل على ان القضية الفلسطينية لا تحتاج الى مواقف مترددة, ولا انصاف حلول, ولا مواربة او تسويف او مراوغة, فالعلاقة مع فلسطين أصبحت اليوم علاقة مفصلية, تماما كما قالها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن, من ليس مع أمريكا فهو ضدها, واليوم «إسرائيل» تقول من ليس معي فهو ضدي, ومن لم يطبع معنا سنزلزل اركانه, ونهز عرشه, ونعصف بكيانه, اليوم الموقف من القضية الفلسطينية اما ابيض واما اسود, اللون الرمادي ليس له مكان في اللعبة السياسية, لذلك يجب ان يدرك الجميع وتحديدا فصائل المقاومة الفلسطينية وللتحديد اكثر الفصائل الإسلامية التي تبحث عن مسار لإقناع العالم بقبولها, والتعامل معها, والتقرب منها انها تنفخ في قربة مقطوعة, وانها تدور في حلقة مفرغة, وانها تشتت جهدها عبثا, فبينها وبين المجتمع الدولي جدار سميك, اصلب من السد الذي بناه ذو القرنين ليحمي قومه من يأجوج ومأجوج, وان قبولك في الحكم والتعامل الدولي والإقليمي معك محكوم عليه بالفشل’ لذلك لا يجب ان تستنزف قدراتك وجهودك في شيء مستحيل, فالعالم ينظر الى كل ما هو إسلامي على انه «إرهابي» الم يستهدفوا ايران, الم يستهدفوا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان, الم يستهدفوا جبهة الإنقاذ في الجزائر, والسودان, هذه الشواهد تدلل على العقلية التي يتعامل بها هذا العالم «الظالم» مع كل ما هو إسلامي, انا متأكد تماما من ان هذه الأمور ليست غائبة تماما عن الحركات الإسلامية, لكنها تعمل وفق نظرية إطالة عمرها لعل وعسى ان يحدث الله امرا كان مفعولا, ومع ايماننا الراسخ بان الله عز وجل قد يغير الأمور في لحظة وينصر عباده المستضعفين, الا اننا نجد الحل أيضا في ان تتمسك بالمقاومة المسلحة كنهج استراتيجي لا بديل عنه, وان خيار مشاغلة الاحتلال, واستنزافه هو الذي يمكن ان يحافظ عليك من الفناء, خاصة انك تملك ايمانا راسخا لدى الشعب الفلسطيني العظيم ان خيار المقاومة هو الخيار الأمثل والاجدى والانجع لمواجهة الاحتلال, واحباط مؤامراته ومخططاته العدوانية.
حالة التحدي بيننا وبين الاحتلال الصهيوني تكبر وتحتاج الى موقف موحد, وتوافق داخلي, وقدرات خاصة, والعالم كله يساند ويدعم «إسرائيل», ويمنحها الضوء الأخضر للقتل وسفك الدماء وازهاق الأرواح, وقد اصبح هذا العالم الظالم شريكاً في الجريمة, لأنه يمد «إسرائيل» بأدوات القتل والاجرام ضد شعب اعزل, فدعونا نسأل هل هناك حالة استسلام اكبر من تلك الحالة الانهزامية والاستسلامية لسلطة محمود عباس امام الإسرائيليين؟ ورغم ذلك فهناك من ينادي بطرد السلطة من الضفة, ومحاكمة قادتها, وادراجها على قوائم الإرهاب, هم لن يرضوا عنك حتى تصبح جزءا منهم, كجيش لحد الجنوبي وميليشيات سعد حداد اللبنانية, «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم...» هذا النص القرآني يقطع الطريق تماما على كل من يحاول ان يستخدم «التكتيك» والتحايل لتعطيل الاشتباك مع الاحتلال, اليوم «إسرائيل» وبوضوح لا يقبل المواربة تطالب السلطة وأجهزتها الأمنية بملاحقة المقاومة واستهداف المقاومين, وحتى لا تنحرف بوصلتك وتدخل في صراع ليس صراعك, فالحل يكمن في التصعيد ضد الاحتلال الصهيوني ما امكن, ومشاغلته بالعمل الفدائي المتواصل, فخير وسيلة للدفاع الهجوم, وما يراد للمقاومة من شر, لن يوقفه الا مشروع نضالي مستمر ومتواصل ضد الاحتلال.