كثيرًا ما يمر علينا أشخاص يقال إنهم مصابون بالاكتئاب، نظرًا لبعض الأعراض والتصرفات التي تظهر عليهم خلال تلك الفترة، غير أن الأخصائيين الاجتماعيين يجمعون على أن وصول الشخص لمرحلة الاكتئاب يمر بالعديد من المراحل، التي يصعب الوصول إليها بشكل سريع.
وخلال الساعات الماضية أفادت مصادر محلية بوفاة الشاب محمد النجار من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بعد إقدامه على الانتحار، عقب معاناته من اكتئاب شديد حاول على مدار سنوات عديدة التخلص منه.
وأشارت المصادر إلى أن الشاب محمد نبيل النجار 27عاماً فجر بنفسه قنبلة يدوية بقصد الانتحار وقد فارق الحياة.
اكتئاب أم تقلبات مزاجية
وبحسب الأخصائية الاجتماعية هند بركة فيوجد فرق كبير الفرق بين الاكتئاب، والتقلبات المزاجية، موضحة أن الثانية عابرة وتنتهي بانتهاء الحدث أو الموقف الضاغط، مبينة أن هناك العديد من الأعراض للشخص المصاب بالاكتئاب، بالإضافة إلى أنه يوجد العديد من الطرق للتعامل معه.
تقول بركة "إذا استمرت التحديات والظروف الضاغطة لفترة طويلة، ينتج عنها اضطرابات في المزاج وفقدان الاستمتاع بملذات الحياة، وفقدان الاهتمام بالشخصية، وبالتالي يؤثر على جميع جوانب الحياة في هذه الحالة تتطور الأعراض ويدخل الشخص تدريجيا في حالة اكتئاب".
وذكرت أن الاكتئاب يعد من الأمراض النفسية الشائعة، وهو اضطراب من اضطرابات الشخصية ويؤثر على المزاج والتفكير والسلوك، ويكون مصحوباً بالشعور بالحزن والذنب ونقص التركيز، وعدم الأهمية، ونقص تقدير الذات.
وأشارت بركة إلى أن الأعراض السابقة ينتج عنها مشكلات نفسية وجسدية، تؤثر على الأنشطة اليومية، موضحة أن الاكتئاب يغير كل المفاهيم والموصلات العصبية، بتفكير الشخص، ويسلب منه غريزة الحياة، ويجعله يؤمن بأنه لا فرق بين الحياة والموت.
وبحسب ما تشير الأخصائية الاجتماعية فإن استجابة الشخص للاكتئاب تختلف بناء على معايير منها العمر والجنس والخبرات السابقة، والتكوين النفسي للشخصية والبيئة الاجتماعية، مكملة "يعد الاكتئاب من الأمراض النفسية التي تحتاج إلى جلسات نفسية (تدخل نفسي) أو علاج بالأدوية (تدخل طبي)".
هل يؤدي للانتحار؟
وعما إذا كان الاكتئاب يؤدي إلى الانتحار، ذكرت بركة أن خطورته تكمن في حال تطورت الأعراض، وبدأ المريض تدريجياً في فقدان الشغف، والحب في الحياة، ومن ثم المعاناة من وجود اضطرابات في النوم، وفقدان التركيز والانتباه، الأمر الذي يدفعه لرفض الحياة التام ويرى بأن الموت، هو القرار الصحيح الصائب.
وتابعت "يصبح الاكتئاب أشد خطوة في حال كان تأثيره على حالة الانسان المزاجية، وبالتالي يراه الغالبية بأنه فترة من الحزن والضيق، وضعف في الشخصية، ولكنه اضطراب نفسي يحتاج إلى تدخل من قِبل أخصائي نفسي للتخفيف والسيطرة تدريجياً على الأعراض المصاحبة والتي قد تدفع بالشخص إلى الانتحار".
وعن أعراض توجه الشخص المكتئب للانتحار ذكرت انه يمر بالعديد من الأعراض النفسية والجسدية على حد السواء، مبينة أن النفسية منها تكمن في الحزن الشديد والقلق والتفكير السلبي والبكاء الدائم واضطرابات في النوم مثل الأحلام المزعجة والكوابيس.
أما الأعراض الجسدية كما تقول الأخصائية بركة فتكمن في التعب والخمول والصداع ومشاكل في الجهاز التنفسي والهضمي والمعدة والارهاق.
السيطرة عليه والتخلص منه
وبشأن الطرق السليمة للتخلص من الاكتئاب والسيطرة عليه قدمت بركة مجموعة من النصائح أهمها كما تقول: "الحصول على قسط من النوم الكافي، وتناول الطعام الصحي والمتوازن والغني بالفيتامينات كـ(فيتامين د) والخضروات والفواكه، والتفكير الإيجابي".
وأضافت في طرق التخلص من الاكتئاب "ممارسة التمارين الرياضية كالمشي وخاصة في ساعات الصباح الأولى، وممارسة تمارين اليوغا، والابتعاد عن التفكير السلبي، من خلال التعرف عليها ومحاولة إيجاد الحلول لها، وعدم التفكير في أسباب المشكلة أو الحدث الضاغط".
وأكدت أن الشعور بالرضا والراحة النفسية يولدان التقبل وعدم الرفض للواقع، بالإضافة إلأى تقوية الوازع الديني كقراءة القرءان الكريم، والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية، والصبر على الابتلاء، والأمور الدنيوية.
وتابعت في نصائح التخلص من الاكتئاب "التحكم بالنفس عند التوتر والقلق والضيق من خلال تمارين التنفس والاسترخاء (الشهيق والزفير)، وعند الشعور بالضيق عليك بالوضوء وصلاة ركعتين لله، والابتعاد عن شرب التدخين، والكحول والمنبهات، لما لها من دور لتفاقم أعراض الاكتئاب والقلق وبالتالي تصعب عملية علاجه".
ودعت لتجربة أشياء جديدة، وأنشطة غير معتادة مثل الرسم والنقش والتشكيل والمسرح، والتحدث مع شخص أو صديق مقرب، مضيفة "في حال كان الشخص المصاب بالاكتئاب بحاجة للحديث فلا يكتم مشاعره كون الكتمان يولد شخصية ثانية، وبالتالي يؤدي إلى طرق لا نهاية لها في حال لم يتم السيطرة عليها وهذا يجعل الشخص في التفكير بالموت وانتهاء الحياة".
وأردفت بركة "في حالة تفاقم الأعراض فيجب الذهاب إلى أخصائي نفسي للسيطرة عليها، وعدم التردد في زيارة أهل الاختصاص، بين الحين والآخر حتى وإن كنت لا تشعر بأعراض خطيرة، ففي كل الأحوال الزيارة ستساعدك على استعادة التوزان النفسي المفقود بين ضغوط الحياة اليومية".