تُحيط مجموعة من المواطنين بجثمان المُسن طلعت زيدان في ساحة مستشفى شهداء الأقصى، كان الحزن كبيرًا على وجوههم والحسرة تؤرق قلوبهم، والعيون تتجه نحوهم تواسيهم بفراقه، فـ"طلعت" لم يستشهد بصاروخ إسرائيلي، إنما توفي نتيجة تداعيات إغلاق المعابر ومنع السفر وعدم توفر الأدوية المناسبة لعلاجه من مرض السرطان.
يعاني طلعت زيدان (54 عامًا) من سكان مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، منذ عام تقريبًا من مرض السرطان الذي انتشر في جسده كالنار في الهشيم، وحصل على علاجات أولية في المستشفى التركي بغزة، وبعد أسابيع حددت له إدارة مستشفى المقاصد أول جرعة من الكيماوي بتاريخ (15 أكتوبر 2023).
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة، تدهورت حالته الصحية شيئًا فشيئًا؛ إلا أن وصل إلى مرحلة لا يمكن الرجوع عنها، وزادت حالته تدهورًا مع نزوحه قسرًا بفعل جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي دفعته للانتقال من منطقة سكناه في بيت حانون شمال القطاع إلى جنوب وادي غزة حيث استقر في مدينة النصيرات التي يعتقد أنها منطقة آمنة.
حاول زيدان منذ اليوم الأول للنزوح نتيجة الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة، الحصول على أدوية مناسبة تساعده في استعادة حالته الصحية، إلا أن المستشفيات كانت خالية من الأدوية ولم يتمكن من توفير أي نوع يساعده في الحفاظ على نفسه وفقًا لنجله.
وتعرض زيدان كما قال نجله لمراسل "شمس نيوز": "إلى أزمات عدة قبل 10 أيام فقط"، مع إشارته إلى أن والده كان من المفترض أن يسافر إلى مستشفى المقاصد ليتلقى جرعة كيماوي؛ إلا أن الحرب حالت دون أن يحصل على العلاج المناسب.
ولفت إلى أن عدم حصول والده طلعت على العلاج المناسب سواء في مستشفى التركي أو السفر الى المقاصد أدى إلى وفاته في مركز إيواء في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، محملًا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن وفاة والده.
المستشفى الوحيد توقف عن العمل
يُشار إلى أن مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني الوحيد لعلاج السرطان في قطاع غزة توقف عن العمل يوم الأربعاء (1 نوفمبر 2023) بسبب نفاد الوقود.
وقال صبحي سكيك مدير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني في مؤتمر صحفي: "إن المستشفى الذي يعالج مرضى السرطان بشكل رئيسي، توقف عن العمل بعد نفاد الوقود".
وأضاف سكيك "نقول للعالم لا تتركوا مرضى السرطان للموت المحقق بسبب خروج المستشفى عن الخدمة".
وأكدت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة في بيان "توقف مستشفى الصداقة التركي في قطاع غزة عن العمل، جراء قصفه من قبل قوات الاحتلال، ونفاد الوقود فيه بشكل كامل" وأضافت أنه بذلك يرتفع إجمالي عدد المستشفيات المتوقفة عن العمل في القطاع إلى 16 من أصل 35.
وقالت في بيان إن "حياة 70 مريضا بالسرطان داخل المستشفى مهددة بشكل خطير".
وأضافت "يبلغ عدد مرضى السرطان في قطاع غزة نحو 2000 مريض، يعيشون في ظروف صحية كارثية جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع ونزوح عدد كبير".
وموّلت الحكومة التركية بناء مستشفى الصداقة التركي (2011-2017) الذي يعد من أكبر المشافي في فلسطين والوحيد لعلاج مرضى السرطان في غزة، وتبلغ مساحته 34 ألفا و800 متر مربع، ومؤلف من 3 طوابق، ويحوي 180 سريرا.