شهدت القاهرة، خلال اليومين الماضيين، تواصل الاجتماعات واللقاءات مع مسؤولين فلسطينيين و"إسرائيليين" من أجل محاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، في الوقت الذي استمرت فيه زيارات الوفود "الإسرائيلية" غير الرسمية لمصر، لساعات فقط، قبل العودة إلى دولة الاحتلال. كما سُجّلت اتصالات مكثّفة مع مسؤولين أميركيين وصلوا إلى المنطقة في وقت سابق، وفقاً لما أفاد به مسؤولون مصريون مشاركون في الاجتماعات، «الأخبار».
ويأتي ذلك فيما من المرتقب وصول مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية، وليام بيرنز، إلى العاصمة المصرية، اليوم، للمشاركة في لقاء رباعي استكمالاً لاجتماع باريس، مع مسؤولين مصريين و"إسرائيليين" وقطريين، أملاً في التوصل إلى صيغة يمكن من خلالها تحقيق وقف سريع لإطلاق النار والبدء في إطلاق سراح الأسرى.
إلا أن مصر ترى، وفقاً لما يسوّقه مسؤولوها، أن التعقيدات الموجودة لدى الطرفين تعيق الدخول في هدنة إنسانية في وقت قريب، بالرغم من التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن قرب حدوث اتفاق. وبحسب المعلومات، ستشهد اللقاءات مناقشة ما توصّلت إليه الاجتماعات التي شهدتها القاهرة مع وفد حركة «حماس»، والاتصالات المشتركة مع باقي الفصائل الفلسطينية، في محاولة جديدة لتقريب وجهات النظر، وسط تنسيق مصري - قطري استمر حتى ساعة متأخّرة من مساء أمس، من خلال اجتماعات واتصالات مغلقة على مستويات عدة.
وحمل الوفد "الإسرائيلي" الذي زار القاهرة أمس، بشكل غير رسمي، ما قيل إنها رؤية متكاملة للتعامل مع الوضع في رفح عند تنفيذ اجتياح بري، تشمل مسارات إبعاد المدنيين عن الحدود المصرية، بدعوى أن ذلك هو «الخيار الوحيد القادر الآن على إخراج الرهائن، وفي الوقت نفسه تدمير ما تبقّى من قدرات عسكرية ومقاتلين لدى حماس والفصائل»، مستشهداً بعملية استعادة اثنين من الأسرى «تواجدا في منزل في رفح»، والتي وصفها بـ«الاختراق المهم»، ومدّعياً أنها «جاءت بناءً على معلومات يستند إليها الجيش في تحركاته التي تستهدف رفح».
إلا أن المسؤولين المصريين «لم يعطوا رداً على أي من التفاصيل التي قُدمت إليهم، وطلبوا الانتظار»، بحسب المصادر التي عزت عدم الرد إلى «تقييم الأمر ورفعه إلى مستوى أعلى أمنياً واستخباراتياً»، وسط «التأكيد على الاستمرار في محاولة عرقلة هذه الخطوة لأطول فترة ممكنة، ومتابعة الحشد الدولي لرفض أي عمل عسكري في رفح من دون تأمين سلامة المدنيين».
ونبّه المسؤولون المصريون، الوفد "الإسرائيلي"، إلى أن أي «اقتحام لرفح لن يضمن عدم نزوح الأسرى برفقة المقاتلين ضمن المدنيين»، مشيرين إلى أن «أي عمليات لإخلاء المنطقة ونقل أكثر من مليون و400 ألف مدني من دون ترتيبات، ستكون آثارها كارثية بعد الدمار الذي حلّ بالقطاع منذ بداية الحرب»، «وفي ظل افتقار باقي مناطق غزة إلى الخدمات الأساسية، واستحالة تأمينها بشكل سريع عبر المساعدات المحدودة التي تدخل يومياً من خلال المعبر»، وهو ما دفع القاهرة إلى «المطالبة بالبحث عن حلول عبر التفاوض»، وفق المصادر.
ويرى المسؤولون المصريون، بحسب المصادر، أن الضغط العسكري "الإسرائيلي" في رفح «ليس إلا وسيلة لمحاولة إجبار المقاومة على تقديم مزيد من التنازلات، خاصة مع استمرار الغارات الجوية من دون أي خروقات للخطوط الحمر التي حدّدتها مصر، مع الأخذ في الاعتبار استمرار لجنة التنسيق العسكرية في التواصل على الشريط الحدودي بشكل منتظم»، فيما قالت «قناة كان» إن الكيان أبلغ مصر بالعملية التي جرت أول من أمس في رفح، وأعلمها أنها «مجرد عملية محدودة». وأشارت المصادر إلى أنه «خلافاً للمعدات الثقيلة من دبابات وأسلحة، التي وصلت إلى مدينة رفح المصرية في الأيام الماضية، فإن عملية تعزيز مراقبة الشريط الحدودي صاحبها تزويد الكشّافات الموجودة بتقنيات متطورة، مع تشديد الرقابة وتعديل مواعيد تحركات الدوريات المصرية».