كانت أمامه فرصة كبيرة، جاءت في الوقت الأكثر فظاعة، لكن كان يمكنه استغلالها بقليل من التعقل. لو نقل وزير المالية ووزير الأمن الوطني الفاشلين من منصبيهما، وضم يائير لبيد وأفيغدور ليبرمان للحكومة، وألغى الوزارات العشر الزائدة وأقال جميع أعضاء الكنيست النرويجيين، وألغى الأموال السياسية، والقى خطاباً تأسيسياً، لو فعل ذلك لأمكنه القول في نهاية الحرب: “سأعتزل، لا يهم من هو المذنب، أتحمل المسؤولية، أنا متحرر من الاعتبارات السياسية، وسأكرس نفسي خلال الأشهر الأخيرة لي في هذا المنصب لإدارة الحرب فقط”.
أثناء الحرب، كان يعطي الأمريكيين موافقة مستقبلية (فارغة من المضمون) بدولة فلسطينية منزوعة السلاح. كان هذا سيجلب لنا اتفاق تطبيع تاريخياً مع السعودية، مع احتفال الرسمي في البيت الأبيض وإنشاء محور عربي معتدل يشكل وزناً مقابلاً للمتطرفين. في الوقت نفسه، كان سيعطي عناقاً دافئاً لرئيسَي الأركان و”الشاباك”، ويدعمهما ويساعدهما ويعمل على إسكات من يتجرأ على مهاجمتهما. أشخاص مثل عميحاي إلياهو، كان سيقيله في اليوم الذي تحدث فيه عن القنبلة النووية، وكان سيجري مقابلة مع القنوات "الإسرائيلية" وحتى مع مراسلين معادين، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن الفشل، ويشرح كيف سيتم الخروج من الحرب إلى واقع أفضل.
هذا النتنياهو كان سينزل عن المنصة مثل غولدا مئير، مُهان ومكروه من قبل جزء كبير من الشعب، لكنه كشخص، يقولون عنه بأنه “استيقظ وفعل ما يجب فعله في الحرب، بعد 7 أكتوبر على الأقل. حظيت غولدا بالأفلام والكتب التي برأتها بعد خمسين سنة على الحرب. بالطريقة التي يسلكها نتنياهو، ستتظاهر عائلات ثاكلة في حديقة في “أور يهودا” بعد خمسين سنة، إذا أراد أحد تسمية هذه الحديقة باسمه.
قريباً، سينطلق ضده احتجاج هو الأكبر في تاريخ "الدولة". سيظهر الاحتجاج ضد الإصلاح القانوني مثل تجربة أدوات مريحة مقارنة بما سيحدث في هذه المرة. الذين سيخرجون، ربما الملايين، سيصرخون “ارحل”. لن يتركوا الشوارع، بل سيجلسون عليها، وسيقف على رأس كتائب المتظاهرين رجال الاحتياط الذين عرضوا حياتهم للخطر وفقدوا أصدقاءهم وأبناء العائلات الثاكلة وأبناء عائلات المخطوفين. وحتى الرياح الداعمة من قبل بن غفير، لن تخلق في الشرطة استعداداً أو قدرة على تفريق هذه المظاهرات.
سيكون هذا شيئاً صعباً وقبيحاً، وسيتدهور أحيانا إلى أعمال عنف وسيشل "الدولة"، التي هي في الأصل تلعق الجراح وتجد صعوبة في العودة إلى الحياة الطبيعية. أتباعه وأبواقه سيحاربون، بدرجة معينة باسم الفكرة، وكثيرون باسم كسب الرزق. سيقولون له إن هذا سيمر، وإنه احتجاج سياسي، وإن الإدارة الأمريكية ستدفع ثمن ذلك، وإن إيران هي التي تقف وراء ذلك، وإنه احتجاج مقنع لكابلان. ستتطاول السيدة وستتصل مع اييلاه (زوجة بن غفير) وسيتحدث نتنياهو مع إيتمار، وربما مع المفتش العام للشرطة. سيصرخون ويهددون وسينفثون السم. سينثر يئير غبار السحر من الأعلى، وسيشرح إسحق غولدكنوفف بأنها هراءات.
سيواصل نتنياهو ألاعيبه كالعادة. سيشكل لجنة تحقيق رسمية وسيلتقط صورة مع قاضي المحكمة العليا الذي سيترأسها، وسيتعهد بموافقته على استنتاجاتها، وأنه “سيتحمل المسؤولية”، لكن ذلك كله لن يساعده. سينتهي هذا. وفي نهاية المطاف، الشخص الذي تعود على التباهي بجلد الفيل خاصته سيضطر إلى الاستسلام. سيقدم استقالته وسيرحل بإهانة أكثر من أي وقت مضى، محتقر ومنبوذ، وسيذكر أنه رئيس الحكومة الأسوأ في تاريخ "الدولة".
الكثيرون نفد صبرهم. يريدون الخروج إلى الشوارع. ليس الوقت المناسب الآن. يعد نتنياهو بأن “الانتصار المطلق” قادم. ما زال غانتس وآيزنكوت في الحكومة. سيتلاشى الخوف من كون الاحتجاج أمراً مدحوضاً. يجب أن يكون بعد استقالة قادة الجيش و”الشاباك”. وبعد أن يغادر غانتس وآيزنكوت ويبقى نتنياهو وحده في القمة. الوحيد الذي لم يدفع الثمن. لسنا بحاجة إلى البحث عن توقيت دقيق. غضب الجمهور أكبر من أن يتمكن أحد من وقفه.
--------------------
الكاتب: رفيف دروكر
المصدر: هآرتس
التاريخ: 12/2/2024