يومان فقط من القتال في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، كانا كافيين ليقرّ جيش العدو بأن قواته جُوبهت بمقاومة شرسة، وما زالت تخوض معارك عنيفة هناك. الهدف الذي أعلن هذا الجيش أنه يسعى إلى تحقيقه، هو الوصول إلى عدد من الأنفاق الاستراتيجية، وتدمير ورش ومعامل تصنيع السلاح، فيما كشفت بيانات المقاومة المشفوعة بالتوثيق المصوّر، حجم الضغط الميداني على العدو.
العشرات من العمليات، والتي تنوّعت ما بين القنص والالتحام المباشر وتدمير الدبابات بالقذائف المضادة للدروع والعبوات الناسفة والاستهداف بقذائف الهاون النظامية، نفذتها كل من «كتائب القسام» و«سرايا القدس» و«كتائب المجاهدين» و«كتائب شهداء الأقصى»، خلال 24 ساعة. أوحت تلك العمليات، بأن حي الزيتون الذي يُعرف أهله بالجلَد والعناد الشديدين، لم يتعرّض أبداً لأي عملية عسكرية “إسرائيلية” في وقت سابق، على رغم أنه كان من أولى المناطق التي حاولت الدبابات "الإسرائيلية" الدخول إليها في الأيام العشرة الأولى من العملية البرية.
وفي جنوب القطاع، وتحديداً في القاطع الغربي لمدينة خانيونس، كشفت عودة المقاومين من خطوط التماس والمواجهة عن تنفيذ عدد من المهام القتالية، حيث أعلنت كل من «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، استهداف نحو 14 آلية، خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من المهام القتالية التي تسبّبت بمقتل عدد من الجنود.
في مقابل ذلك، كثّفت طائرات العدو من استهداف المناطق الآمنة المكتظّة بمئات الآلاف من النازحين، حيث توغلت نحو 30 آلية في منطقة المواصي غرب خانيونس، وداست على خيام النازحين وهم نيام. كذلك، ارتكبت قوات الاحتلال 11 مجزرة راح ضحيتها 118 شهيداً و163 جريحاً خلال 24 ساعة.
وتوحي العودة إلى حيّ الزيتون بعد ثلاثة أشهر من نهاية العملية البرية فيه، وفق تقديرات ميدانية، بأن العدو حصل على معلومات استخبارية من عملائه، أو نتيجة التحقيقات مع بعض المعتقلين. غير أن الزعم بأن الهدف هو الوصول إلى ورش تصنيع السلاح، يوحي بأن العدو لا يمتلك أي معلومة دقيقة تسمح له باستهداف تلك الورش من الجو، ما يعني، أن العملية التي قال جيش الاحتلال إنها ستستغرق بضعة أسابيع، لن تصل بتلك السهولة إلى مرحلة العمل المريح، الذي يسمح بالبحث من بيت إلى آخر.
ويوم أمس، أكدت «سرايا القدس» أنها أوقعت عدداً من دبابات العدو في حقل ألغام برميلية، وتمكنت من تفجير عبوتَي «ثاقب» في دبابتين، ما تسبب بتدميرهما. كما دكّت تحشّدات العدو ودباباته بوابل من قذائف الهاون من عيار 60 ملم. أما «كتائب القسام»، فأعلنت تفجير دبابة «ميركافا 4» بقذيفة «الياسين 105»، وتمكّنت من قنص جنديين، واستهدفت تحشّدات العدو بوابل من قذائف الهاون النظامية الدقيقة. ونشر «الإعلام العسكري لكتائب القسام» مقطعاً مصوراً يُظهر مقاوميها وهم يقنصون قناصة العدو ببنادق «الغول» محلية الصنع. كذلك، ظهر أحد المقاتلين وهو يستهدف دبابة من مسافة لا تتجاوز بضعة أمتار. كما أعلنت «كتائب شهداء الأقصى» أن مقاوميها تمكّنوا من تفجير آلية عسكرية بعبوة «عاصف»، ثم أتبعوها بقذيفة «آر بي جي».
زخم كبير في خانيونس
وفي مدينة خانيونس، التي يواصل العدو سحب قواته منها، في إشارة إلى اقتراب العملية فيها من النهاية، شهد نهار أمس كثافة في بيانات المقاومة، ما يدلّل على تمكّن العشرات من المقاومين من العودة بسلام من العُقد القتالية التي يرابطون فيها منذ أيام، حيث أعلنت «كتائب القسام» تفجير دبابة بعبوة «شواظ»، في منطقة الحاووز غرب المدينة، كما استهدفت «كتائب القسام» دبابتين بقذيفتي «الياسين 105»، في منطقة حي الأمل غرب المدينة. كذلك، استهدفت الكتائب مجموعة من جنود الاحتلال تحصّنت داخل منزل في حي الأمل بقذيفة مضادة للتحصينات من نوع «تي بي جي». ووثّق الإعلام العسكري لـ«القسام» قتل ثلاثة جنود وهبوط مروحية لإخلائهم. كما أعلن عن تنفيذ مهمتين استهدف فيهما المقاومون قوتين راجلتين تحصّنتا في منزلين في المنطقة نفسها بقذائف «تي بي جي». وأخبر مقاومو «القسام» الذين عادوا، أمس، من العُقد القتالية التي كانوا يرابطون فيها، عن تمكّنهم من الإجهاز على أربعة جنود، تحصّنوا في أحد المنازل في منطقة الحاووز.
وسط ذلك، لم تهدأ محاور القتال البعيدة، حيث واصل المقاومون ملاحقة جنود الاحتلال في المناطق الطرفية شرق مخيم جباليا، إذ استهدفت «سرايا القدس» تحشّدات العدو بالعشرات من قذائف الهاون الثقيلة من عيار 120ملم. ودفع ذلك الضغط الميداني، «القناة 12» العبرية إلى الإقرار بأنه بعد 136 يوماً من القتال، لا تزال الصورة على حالها، سواء في شمال القطاع أو جنوبه. (المصدر: يوسف فارس / الأخبار)