حربٌ لسنواتٍ تسعٍ حاولت حنيَ ظهرِ اليمن وعرقلةَ تطوّره ودحض قوّته، فدمّرت بنيته التحتية، وفاقمت أوضاع شعبه الإنسانية، وزرعت الغُمّة في مجتمعه، وحاربت اقتصاده وقدراته المادية، إلّا أنّ اليمن وقف وقفة عزّ بدعمه الاستثنائيّ لقطاع غزّة شعبًا ومُقاومة، ابتداءًا بالمسيرات المليونية وصولًا لاستهداف السّفن "الإسرائيليّة" أو تلك المتعلّقة بالكيان المحتلّ في البحرَين الأحمر والعربي، وبضُلوعه في النّضال بإرسال صواريخه البالستية ومسيَّراته إلى مواقعَ في فلسطين المحتلّة، وإعطاء المقاومة الفلسطينيّة الحرّيّة الكاملة للتّصرّف بشأن أسرى سفينةٍ مُحتجزة، حتّى صارت عمليّاتُ القوّات المسلّحة اليمنيّة تشكّلُ حصارًا بحريًّا للكيان المحتلّ وتهديدًا يطالُ رأس واشنطن وتلّ أبيب.
وفي سياق التّهديد اليمنيّ للعدوّ "الإسرائيليّ"، فإنّ طاقم السفينة المحتجزة لدى القوّات المسلّحة اليمنيّة تم التعامل معه وفقًا للأخلاق الإسلامية والأعراف الإنسانية، كما تم السماح لهم بالتواصل مع أهاليهم، إذ أكّد المتحدث باسم حركة أنصار الله اليمنية محمد عبد السلام أنّ "احتجازها تم تضامنًا مع الشعب الفلسطيني ومساندة لمقاومته الباسلة في غزّة، وأنّ مصير السّفينة مرتبط بخيارات المقاومة الفلسطينية وبما يخدم أهدافها في مواجهة العدوان الإسرائيليّ".
هكذا وضعت حركة أنصار الله القرار بيد المقاومة، وسلّمت ملفّ السّفينة المحتجزة للمقاومة الفلسطينيّة في إشارةٍ إلى دعمِ أهدافها، وإلى المضيّ في خياراتها وسُبلها المطروحة للتّحرّر من نَيرِ المحتلّ وصَلَفه، فالتنسيق بين المقاومة الفلسطينيّة وجبهات المقاومة في لبنان واليمن والعراق مستمر منذ بدء معركة طوفان الأقصى، ثمّ فإنّ التّعاضدَ بينهم بوصلتُه واحدة: النّضالُ حتّى تحرير آخر شبرٍ من البلاد.
هذا في وقت، أكّد قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أنّ عمليات الإسناد لغزة المنفّذة من بداية معركة طوفان الأقصى حتّى السّابع من الشّهر الجاري بلغت 96 عمليّة، منها 64 عمليّة في البحرين الأحمر والعربي، و32 في فلسطين المحتلّة، أضف إلى أنّه تمّ إطلاق 403 صواريخ بالستيّة ومجنّحة، وطائرات مسيّرة في عمليّات الإسناد، مع استهداف 61 سفينة في عمليات معقدة ومحيّرة للعدوّ، فالسّفن تتحرك في أوساط البحر وبعيدة عن السّواحل اليمنيّة.
إنّ الموقف اليمنيّ الصّامد يدفع كُلًّا من الولايات المتّحدة الأميركيّة وبريطانيا يوميًّا لوضع "إسرائيل" في كنفهما خوفًا عليها من آثار الحصار البحريّ لسُفنها في البحر الأحمر، هذا ما أدّى إلى تشكيل "حارس الازدهار"، الّذي فشل أمام قدرة اليمن وعزيمته، وسيظلّ يفشل أمام الصّوت العالي للحقّ، المنطلق من فمِ يمنيّ انبلجَت شمسُ النّصر من بلاده فأضاءت قلبَ المقاومة في غزّة.