رغم أن "إسرائيل" كانت في البداية رافضة وبشكل قاطع، فكرة تولي أي من رجال السلطة الفلسطينية أو حركة “فتح”، مسؤولية إدارة قطاع غزة، بعد “انتهاء الحرب والقضاء على حركة حماس”، إلا أن هذا التشدد بدأ يلين تدريجيًا كون الخيارات التي أمامها لمستقبل غزة لا تزال ضبابية وضعيفة.
وبعد التهديد الصريح والوعيد المتصاعد، بالقضاء على حركة “حماس” وإنهاء المقاومة في غزة، وهو الأمر الذي لم يتحقق رغم مرور أكثر من 158 يومًا على الحرب الطاحنة، إلا أن الإعلام العبري بدأ يُسرب تفاصيل ما يدور في الغرف المغلقة، للمرحلة التي ستلي انتهاء الحرب على القطاع.
الإعلام العبري بدأ في تسريب النقطة الأصعب والأخطر في هذه المرحلة الحساسة، وهي “من سيتولى حكم غزة”، إلا أن هذا الأمر لم يعد سرًا وحبيس الأدراج المخفية، فقد تم الكشف عن هوية الشخص الذي يحظى “بقبول” "إسرائيلي" لإدارة حكم القطاع، بعد ما أسموه بـ”القضاء على حماس وانتهاء الحرب”.
اللواء “ماجد فرج”، مدير مخابرات السلطة الفلسطينية، يعود بقوة على الطاولة "الإسرائيلية" كأحد أهم وأبرز الشخصيات لتولي إدارة القطاع، رغم معارضة بعض الشخصيات "الإسرائيلية" على هذا الاسم.
ونقلت هيئة البث العبرية الرسمية (كان) أن وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج إدارة قطاع غزة مؤقتا، بعد انتهاء الحرب، وقالت الهيئة إن "إسرائيل" تدرس استخدام رئيس المخابرات الفلسطينية لبناء بديل لحكم حركة “حماس” في اليوم التالي للحرب.
وينص المقترح على أن يتولى ماجد فرج إدارة غزة بمساعدة شخصيات ليس بينها عضو في حركة حماس.
وقالت مصادر مطلعة على المناقشات إن فرج لم يكن الاسم الوحيد الذي تدرس "إسرائيل" إمكانية تسميته مسؤولا عن إدارة غزة في اليوم التالي للحرب.
لكن زعيم المعارضة في "إسرائيل" يائير لبيد قال إنه “من الطبيعي أن نذكر اسم فرج، فهو في السلطة الفلسطينية من أكثر الشخصيات التي عملت معنا ضد حماس”.
وأضاف في مقابلة تلفزيونية “الجهاز المدني ليس لديه عائق أمام العمل مع السلطة الفلسطينية، لأنه حتى اليوم يعمل معهم. يجب على الحكومة أن تقرر ما إذا كانت ستتعامل مع السياسة أو أمن "إسرائيل". إذا كان الأمر يتعلق بأمن "إسرائيل"، فسنعمل مع السلطة الفلسطينية”.
وتابع لبيد “نحن فقط سنضمن أمننا، وليس اقتراح الاعتماد على السلطة الفلسطينية في الحرب على الإرهاب”.
وسبق أن طرح اسم ماجد فرج كبديل محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ووفق تقارير الصحافة العبرية، فإن ماجد فرج (61 عاما) هو أقوى وأكبر شخصية أمنية في السلطة الفلسطينية، ويعتبر مقربا من الرئيس عباس، وله علاقات ممتازة مع كبار المسؤولين الأمنيين "الإسرائيليين".
وبحسب هذه التقارير، ينسق ماجد فرح نيابة عن السلطة مع كل من الشاباك ووكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ووكالات الاستخبارات العربية والغربية.
يأتي ذلك، بينما تفيد تسريبات بأن واشنطن تضغط على تل أبيب لتقديم تصور عن رؤيتها لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب.
وفي وقت سابق، قدم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو للمجلس الوزاري المصغر وثيقة مبادئ تتعلق بسياسة اليوم التالي لحرب غزة.
وتتضمن الوثيقة احتفاظ "إسرائيل" بحرية العمل في كامل قطاع غزة دون حد زمني، كما تتضمن أيضا إقامة منطقة أمنية في القطاع متاخمة للبلدات "الإسرائيلية".
وقالت هيئة البث العبرية إن وثيقة نتنياهو تنص كذلك على إبقاء "إسرائيل" على الإغلاق الجنوبي على الحدود بين غزة ومصر، كما تشتمل أيضا على بند إغلاق وكالة الأونروا وأن تحل محلها وكالات إغاثة دولية أخرى.
وأكدت هيئة البث أن وزراء المجلس الوزاري الأمني المصغر لم يصوتوا بالموافقة على وثيقة نتنياهو.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن "إسرائيل" حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية ومجاعة بعدد من المناطق، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.
ومع هذه المعطيات الجديدة.. هل سيكون اللواء فرج هو الحاكم الفعلي لغزة بعد المجازر والدماء الفلسطينية التي سالت ولا زالت تسيل؟ وهل ستوافق السلطة الفلسطينية على هذا الخيار؟