يركض خالد بين الخيام مُتخبطاً على وقع سلسلة انفجارات عنيفة.. الحريق الهائل يلتهم خيام النازحين في منطقة مواصي خانيونس التي صنفها الاحتلال على أنها مناطق "آمنة"، يتصاعد من المكان دخان أسود كثيف يغشى السماء، صرخات النساء وعويل الأطفال وآهات الرجال واستغاثاتهم تزداد وتعلو، أجساد ممزقة وأشلاء متناثرة في كل مكان.. صاروخ آخر يستهدف نفسَ المكان بشكل مباشر كوَّن حفرةً كبيرة مُلِئت بعشرات الشهداء.
يستذكر خالد أبو العينين (33 عاماً)، لحظات الاستهداف، فيقول لمراسل "شمس نيوز": "كنتُ يومَ الاستهداف جالساً على الرصيف، فإذ بسلسلة غارات جنونية تقصف المكان الذي نأوي فيه من كل فجٍ، وكأننا في يوم القيامة، فهرعتُ من مكاني، لأرى ماذا يحدث، وإذ بصاروخ آخر يستهدف مصنعاً صغيراً لبيع الحلويات، كان بعض النازحين قد بنوه من الخشب وكسوه بالنايلون؛ ليكون لهم مصدراً للرزق وإعالة أسرهم".
أدى الاستهداف الثاني وفقاً لـ "أبو العينين"، إلى انفجار أسطوانات الغاز الموجودة في مصنع الحلويات، وتناثر الشظايا في كل مكان، ما نجم عنه إصابة عدد كبير جداً من النازحين.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
سريعاً، وصلت سيارات الدفاع المدني لإخماد الحريق، وهنا استهدفتها طائرة مسيرة بصاروخٍ اصطدم في منتصف الشارع، ما أسفر عن إصابة عدد آخر من النازحين، واستشهاد اثنين من عناصر الدفاع المدني.
حينها، هرع أحد المواطنين، وكان يقود عربة تجرها دابة "كارة"، لنقل الشهداء والمصابين، إلا أن مسيرة إسرائيلية أخرى استهدفته بشكل مباشر؛ ليرتقي شهيداً على الفور.
ويُتابع أبو العينين حديثه: "القنابل التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي غريبة وثقيلة جداً، والدمار الذي أحدثته لم أشاهد مثله من قبل".
الحُجَج التي ساقها الاحتلال لتبرير جريمته هي وجود قيادات من المقاومة في المكان المستهدف، وهي حجج واهية فنَّدها أبو العينين، الذي قال: "لا وجود لأيِّ قيادي هنا، هذا المخيم يأوي نازحين من الشمال وغزة ورفح وكلهم نساء وأطفال ورجال مدنيون، ولا يُشكِّلون أي تهديد للاحتلال وجيشه".
ويوضح أن مزاعم الاحتلال بخصوص وجود مناطق "آمنة" في قطاع غزة، هي مزاعم كاذبة ولا صحة لها، مبيناً أن "لا مكان آمناً في غزة"، وأن الفلسطيني هدف مشروع لجيش الاحتلال في الأوقات كلها.
واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي نحو 5 قنابل ثقيلة تزن الواحدة منها (طن) من المتفجرات استلمها قبل أيام قليلة من الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الدعم اللامحدود للاحتلال في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
ونقلت صحيفة الغارديان عن مسؤول أممي مقيم بغزة، قوله إن "القنابل التي ألقتها إسرائيل بزنة 2000 رطل غيَّرت التضاريس الفعلية للقطاع".
نجا خالد أبو العينين وعائلته بأعجوبة من المجزرة المروعة، بالرغم من إصابة عدد منهم في مناطق متفرقة من أجسادهم، لكنهم أضحوا بلا مأوى؛ نتيجة حرق خيمتهم بفعل الغارات المتتالية.
ويؤكد أبو العينين أنهم لن يرحلوا من المكان، وسيقومون ببناء خيمة جديدة، وسيبقوا صامدين في أرضهم مهما حصل، مُعرباً عن فخره بالشهداء والتضحيات التي تتخضب بها أرض فلسطين.
وأعلنت وزارة الصحة بغزة، ارتفاع عدد ضحايا المجزرة الكبيرة التي ارتكبها الاحتلال في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس إلى 90 شهيداً و300 جريح، نصفهم من الأطفال والنساء.
وأوضحت الوزارة أنها لم تتمكن من تقديم الإسعافات العاجلة واللازمة للمصابين والجرحى؛ نظراً للأعداد الكبيرة من المصابين التي وصلت لمستشفيات "ناصر والأوروبي والكويتي والأمل" إضافة للمستشفيات الميدانية المنتشرة في منطقة خانيونس.
وعلى مدار الأشهر السابقة، طالب الجيش الإسرائيلي سكان مناطق مختلفة من القطاع بالتوجه إلى منطقة المواصي بدعوى أنها "آمنة".
اخترنا لكم: الخطر يحوم على رؤوس المرضى.. مستشفيات غزة بلا أجهزة طبية!