تدور عيني هيثم يُمنة ويسرة؛ ليراقب حركة النازحين وسط الانفجارات المدوية والدخان المتصاعد في كل زاوية، لا صوت يعلوا فوق صراخ النساء وعويل الأطفال وصدمة الرجال، فهناك نيران مشتعلة تأكل خيام النازحين، وعلى بعد أمتار قليلة فقط كانت حفرة كبيرة ابتلعت أعدادًا هائلة من الناس.
يحاول هيثم بكل جهد؛ ليصرخ بأعلى صوته: "اطلعوا برا الخيام المكان ليس آمنًا"، لم ينتهِ من صرخاته حتى فاجأه صاروخ من طائرة استطلاع إسرائيلية اصطدم في منتصف الشارع لتتناثر شظايا الصاروخ في كل مكان، وهنا أصيب هيثم ومن معه من رجال الدفاع المدني.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
هيثم وزملائه في الدفاع المدني كانوا في مقرهم داخل مستشفى الخير بالقرب من المحكمة الشرعية في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، قبل أن تهاجم طائرات الاحتلال الإسرائيلي منطقة شارع النص المؤدي إلى جامعة الأقصى في خانيونس بعدد كبير من القنابل المدوية.
واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي نحو 5 قنابل ثقيلة تزن الواحدة منها (طن) من المتفجرات استلمها جيش الاحتلال قبل أيام قليلة من الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الدعم اللا محدود للاحتلال في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
وبالعودة إلى هيثم الذي قفز مسرعًا مع زملائه أبطال الدفاع المدني فور سماع الانفجارات المدوية، وصرخ بزملائه: "الجميع يتجه صوب الانفجارات وتقديم اللازم للمصابين والجرحى"، لكن هيثم لم يكن يدرك أنه جيش الاحتلال ما زال في بداية عمليته الإجرامية بحق النازحين في منطقة مواصي خانيونس التي أطلق عليها سابقًا "مناطق آمنة".
وصل هيثم برفقة زملائه الرجال وصدموا بحجم الجريمة الإسرائيلية المدوية بحق النازحين، وعلى الفور بدأ الرجال في محاولة إخراج الناس لمناطق آمنة، وتأمين الطريق لهم يقول: "كنت أدفع بالنازحين للخروج من منطقة الانفجارات إلى مناطق أكثر أمانًا، وأثناء القيام بواجبنا الإنساني سقط صاروخ استطلاع أمامنا".
وسقط هيثم ومن معه من الرجال على الأرض بعدما، أصابت شظايا الصاروخ أجسادهم الطاهرة فيقول: "كل ما أعرفه أننا كنا ندفع بالناس للنزوح خارج المخيم ثم شاهدت دخان أبيض على بعد أمتار قليلة والدماء تتناثر من جسدي وأجساد زملائي رجال الدفاع المدني".
وعن النيران المشتعلة يقول: "كان هناك نيران ودخان متصاعد في كل زاوية في شارع النص في منطقة مواصي خانيونس ويبدوا أن النيران بفعل الصواريخ الإسرائيلية وأسطوانات الغاز وما تسببت به طائرات كواد كابرت وطائرات الاستطلاع التي منعت رجال الدفاع المدني والناس من تقديم الإسعافات اللازمة للمصابين والجرحى على وجه السرعة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد نحو 71 نازحًا وإصابة أكثر من 300 آخرين بجروح مختلفة غالبيتهم من الأطفال والنساء جراء قصف إسرائيلي استهدف منطقة النص في مواصي خانيونس جنوب قطاع غزة.
وأوضحت الوزارة أنها لم تتمكن من تقديم الإسعافات العاجلة واللازمة للمصابين والجرحى نظرًا للأعداد الكبيرة من المصابين التي وصلت لمستشفيات "ناصر والأوروبي والكويتي" إضافة للمستشفيات الميدانية المنتشرة في منطقة خانيونس.
اخترنا لكم: أزمة غاز الطهو تعصف بالنازحين: أخطار صحية واقتصادية
