غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

"من بين الأنقاض يولد الأمل".. أحمد شعت يفتتح مَشغلاً للخياطة في منزله المدمر

الخياطة في زمن الحرب.jfif
شمس نيوز - وليد المصري

ترتص الطاولات الخاصة بماكينات الخياطة بتسلسل منتظم يشبه لوحة فنية عنوانها "الإصرار والكفاح"، أصوات محركات الماكينات التي تملأ المكان تتناغم بين حركة الأيدي المرنة والدقيقة، بتركيزٍ شديد وبإتقان عميق إذ يعمل الخياطون كخلية نحل.

ويجلس محمد أمام ماكينته بشكلٍ متزن يُحيك قطعة قماش طويلة، بإتقانٍ وتفانٍ عالٍ؛ ليحولها إلى ملابس يحتاجها النازحون في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، والذين فقدوا ممتلكاتهم جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر.

داخل المنزل المدمر ينتقل أحمد شعت ذهاباً وإياباً مُحفِّزاً الخياطين ومُثنياً على أدائهم، فهو تاجر وصاحب مشاغل لخياطة وتصميم الملابس، من سكان مدينة خانيونس، فقد استطاع إعادة تشغيل مشغل الخياطة الخاص به بما تبقى لديه من معدات، في "حاصلٍ" بمنزله الذي تضرر خلال التوغل البري لجيش الاحتلال الإسرائيلي في المدينة.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

وخلال الحرب، دمرت آليات الاحتلال منزلَ أحمد ومصانعه كافة، واضطر مع أسرته للنزوح قسراً إلى مدينة رفح، وهناك افتتح مشغلاً صغيراً لإعالة أسرته، وحاز على ثقة النازحين؛ لدقة عمله وأمانته وعدم استغلاله، كما أن أسعاره في متناول أيدي الجميع.

كان شعت يمتلك عدة مشاغل ومصانع للخياطة في مدن قطاع غزة كافة، تنتج حوالي 1000 قطعة قبل العدوان، لتُشَكِّل له مصدراً أساسياً للرزق، ومكاناً يحقق فيه شغفه وطموحه، علاوةً على توفير فرص عمل لعشرات العمال؛ إلا أن الحرب الإسرائيلية لم تترك له سوى الأنقاض والذكريات المؤلمة، ووجد نفسه فجأةً بلا مكان يأويه وبلا أمل واضح!.

لم يستسلم أحمد للواقع المرير الذي خلَّفته الحرب المستمرة، وفور رجوعه إلى مدينة خانيونس استطاع استخراج جزءٍ من بضاعته (أقمشة وخيوط) من أسفل ركام مصنعه الذي دمَّره جيش الاحتلال في حي "جورة العقاد" جنوبي مدينة خانيونس، وافتتاح مشغلٍ صغير أسفل منزله المدمر.

أبرز التحديات التي يُواجها في عمله، هي نقص المعدات الناتجة عن تدمير ماكينات الخياطة والحياكة، وعدم توفر المواد الخام اللازمة لعملية الخياطة، ما دفعه لشراء آلات جديدة بمبالغ باهظة عِوَضاً عن تلك التي دُمِّرت، وشراء القماش والخيوط، بأضعاف أسعارها، وهي أمور أجبرته على رفع أسعار منتجاته جزئياً بما يتناسب مع متطلبات المعيشة.

مشكلة انقطاع التيار الكهربائي هي الأخرى شكَّلت تحدياً كبيراً له في البداية، ولكنه تغلَّب عليها مؤقتاً من خلال نقل خلايا الطاقة الشمسية الخاصة بمحل الخياطة في رفح، وشراء ألواح أخرى وضعها فوق البيت المقصوف، لكنه في حال كان الجو غائماً والشمس خافتة يُجبر على استخدام المولد الكهربائي الذي يعمل بالسولار، وقد وصل سعر اللتر الواحد منه إلى 120 شيكلاً، ما يُثقل كاهل شعت ويزيد من معاناته.

من جهة أخرى، أعاد تشغيل شعت لمحله ومشغله، الأملَ إلى أكثر من 40 نازحاً يعملون في مهنة الخياطة، هم بحاجة ماسة لمصدر رزق لإعالة أسرهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية، بعد أن فقدوا منازلهم وممتلكاتهم وعملهم، يقول محمد (أحد النازحين من مدينة غزة)، وهو منهمكٌ في خياطة وتطريز "ترنق للأطفال": "استنزفنا كل الأموال التي كانت بحوزتنا، وبعد مشقة كبيرة في البحث، وجدنا عملاً في هذا المشغل. في البداية استخرجنا المَكَن من تحت أنقاض المصنع، وكان في ذلك مخاطرة عالية لكن لم يكن لدينا خيار آخر في ظل غلاء الأسعار الجنوني وعدم دخول المساعدات والسلع الأساسية".

اخترنا لكم: بالصور مصطفى فياض.. 65 يومًا من التعذيب والإهانة في سجون الاحتلال ولقاء مؤثر بالدموع والقُبل