غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أزمة أسطوانات الغاز.. معاناة النازحين في غزة بين نيران الحطب وأحلام تعبئة الغاز

شمس نيوز - خالد الشرباصي

"تسليم الأسطوانة"، يفترض أن تُدخل تلك الرسالة الفرحة لقلب أبو خالد حبيب وترسم الابتسامة على وجه زوجته التي تعاني من استخدام الحطب لطهي الطعام؛ لكن سرعان ما استُبدلت علامات الفرح والسرور بعلامات القهر والألم الشديدة، إذ يواجه أبو خالد معضلة جديدة تتعلق بعدم توفر أسطوانة غاز بحجم (12 كيلو).

عدم تمكن أبو خالد من توفير الأسطوانة ذات حجم (12 كيلو) في الوقت المطلوب سيهدد استفادته من تعبئة الغاز، وبخاصة فإن الموزع عندما يرسل الأسطوانات دفعة واحدة لمحطة تعبئة الغاز، يتوقف عن استقبال أسطوانات الغاز لأي شخص تأخر عن تسليمها في الوقت المناسب.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

ونزح أبو خالد من مدينة غزة إلى دير البلح وسط قطاع غزة جراء استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية التي تشن ضد أبناء شعبنا منذ السابع من أكتوبر الماضي، ويستخدم كغيره من النازحين الحطب لطهي طعام أبنائه على مدار نحو 10 أشهر كاملة.

يقول حبيب لمراسلنا: "عندما أعلنت هيئة البترول عن تسجيل أسماء للاستفادة من غاز الطهي سارعتُ بالتسجيل لعل الحظ يحالفني لينهي معاناة زوجتي التي باتت تعاني من أمراض عدة بسبب دخان النار والحطب".

يُشير حبيب إلى أن الحظ قد حالفه بعد شهرين تقريبًا من تسجيل اسمه على رابط هيئة البترول، وبعينه الدامعتين يقول تفاجأت بعدم قدرتي على تعبئة الأسطوانة لأنها بحجم (5 كيلو) والمطلوب أسطوانة بحاجم (12 كيلو) وهو الأمر الذي رفضه الموزع وطالبني بضرورة الحصول على أسطوانة ذات حجم كبير ليتمكن من تعبئتها".

يدور حبيب حول نفسه قرب نقطة توزيع الغاز يسأل الناس عن إمكانية العثور على أسطوانة غاز بحجم كبير؛ لكن الإجابة واحدة: "طلع اسمي ضمن الكشف الجديد وسأرسل أسطوانتي للموزع"، وآخر قال له: "أنا استعرت الأسطوانة من أبناء عمي بشرط أن أعيدها لهم معبئة بـ 2 كيلو من الغاز مقابل أن أحصل فقط على 6 كيلو فقط".

تفاجأ حبيب من حديث الناس وغادر المكان وهو يضرب كفًا بكف تاركًا لسانه يقول: "اللي ما إلو بخت لا يتعب ولا يشقى"، أسرع مراسلنا نحو المواطن حبيب وسأله عما سيفعله الآن حيث أجاب سأعود إلى الخيمة وأساعد زوجتي في طهي الطعام على الحطب.

وعن إمكانية شرائه لأسطوانة غاز بحجم (12 كيلو) أوضح حبيب، أنه بحث قبل أيام عن أسطوانة في الأسواق والطرقات فكانت النتيجة صادمة فالأسعار مرتفعة جدًا حيث يصل سعر الأسطوانة الفارغة 500 شيكل نحو (130 دولار).

دقائق صغيرة حتى غاب جسد أبو خالد حبيب بين أزقة سوق معسكر دير البلح وسط قطاع غزة، وخلفه عدد آخر ممن فقدوا حقهم من تعبئة غاز الطهي لعدم قدرتهم على توفير أسطوانة بحجم (12 كيلو)، وعلى قارعة الطريق يجلس المواطن أبو محمد المغربي يقول بأعلى صوته: "يا عالم.. يا بتطلبوا جرة -أسطوانة- صغيرة، يا بتجيبوا لنا كبونات فيها جرار.. أما أشتري جرة ب 500 شيكل عشان ٨ كيلو غاز.. في أي دين هادا؟!".

وتنازل أبو محمد عن حقه اضطراريًا لأحد جيرانه النازحين بشرطين، عدم دفع سعرها والحصول على 2 كيلو ونصف لتعبئة أسطوانته الصغيرة، يقول: "الحل الوحيد الذي أستطيع أن أنفذه هو إعطاء الأسطوانة لأحد جيرانه من النازحين ليستفيد منها بدلًا من سرقتها سواء من الموزع أو غيره" كما يقول.

على مقربة من أبو محمد يقف عبد الله حجاج حاملًا أسطوانته على كتفه متجهًا بها إلى الموزع لتسليمها إذ يقول: "حصلت على الأسطوانة من أحد أقربائي فقط لتعبئة الأسطوانة 12 كيلو ثم إعادتها له"، وفيما يتعلق إذا اشترط عليه إعادتها وفيها نحو كيلو من الغاز كضريبة على استخدام اسطوانته يقول: "أنا طبعي إعادة الأسطوانة وفيها جزء من الغاز لكن هو لم يطلب مني ذلك مطلقًا".

ولم يعثر حجاج على أسطوانة الغاز بسهولة إذ يقول لمراسلنا: "ذهبت لإخوتي لم أجد عندهم وذهبت لأعمامي وأبنائهم دون العثور على أسطوانة، حتى عثرت على أحد أقربائي في مخيم بعيد عن مخيمنا نحو 3 كيلو وعثرت عنده على أسطوانة بشرط إعادتها خلال يومين خشية من ظهور أسمه في الكشف الثاني".

وعن عدم توفر أسطوانة بحجم 12 كيلو أشار حجاج إلى انه نزح من مدينة غزة بملابسه فقط ولم يتمكن من حمل أسطوانات أو فراش أو ملابس أو ما شابه ذلك من ممتلكات؛ لذلك كان من الصعوبة عليه توفير أسطوانة بحجم كبير لا سيما وأن سعرها مرتفع جدًا.

يبدو أن غاز الطهي لم يعد يشكل أزمة حقيقية للنازحين جنوب قطاع غزة؛ لكن المعضلة الكبيرة تتمثل بعدم توفير أسطوانات بحجم (12 كيلو) ليستفيد النازح من نشر اسمه في كشوفات تعبئة الغاز التي يتم نشرها عبر الهيئة العامة للبترول.