تسمى الفترة الانتقالية في الولايات المتحدة والممتدة بين يوم ظهور نتائج الانتخابات والتنصيب بفترة «البطة العرجاء»، إشارة إلى الأيام الأخيرة لبقاء الرئيس في الحكم، واستلام الرئيس المنتخب مهامه رسمياً، ويشير مصطلح «البطة العرجاء» إلى الوضع الضعيف سياسياً الذي يكون فيه الرئيس بعدما تم انتخاب خليفته.
صحيح أن الرئيس بعد اختيار خليفته يعتبر ضعيفًا سياسيًا وينشغل عادة بقضايا داخلية أو خارجية لا تحتاج الكثير من الوقت للإنجاز، لكن لا يوجد ما يقلص صلاحياته أو يحد منها خلال الفترة الانتقالية في الدستورالأمريكي، بالعكس هو يبقى يتمتع بكامل صلاحياته حتى النهاية.
يتخوف نتنياهو من مرحلة «البطة العرجاء» وتحديدًا من أن يتجه بايدن إلى تصفية الحساب معه على كل ما فعله وتسببه بإحراج إدارة بايدن خلال الفترة الأخيرة وتحديدًا خلال الحرب على غزة، بجانب امتناعه عن تقديم تنازلات لإبرام صفقة، وبالتالي منع إمكانية استخدام الاتفاق كورقة لصالح هاريس في حملتها الانتخابية، وهذا ما تسبب بخسارتها للأصوات العربية.
بالواقع، إن مخاوف نتنياهو في محلها، فأغلب الظن أن يتجه الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن إلى تصفية الحسابات مع نتنياهو، ولديه من الأدوات ما يكفيه للقيام بذلك، خاصة خلال هذه المرحلة الحساسة التي ما زالت «إسرائيل» في خضم أكبر الحروب في تاريخها، ووسط عدة أزمات داخلية وخارجية.
في عام 2016 أراد الرئيس أوباما وفي نهاية ولايته قبل تسلم ترامب تصفية الحسابات مع نتنياهو، فلم تستخدم واشنطن حينها وللمرة الأولى منذ 1979 الفيتو ضد قرار يدين «إسرائيل»، وهو قرار مجلس الأمن القاضي بوقف وتجريم الاستيطان بالضفة في خطوة عكست حينها أن أوباما قرر توديع نتنياهو برصاصة في الرأس.
إذا قارنا أوباما في بايدن، فإننا سنجد أن حجم استياء بايدن من نتنياهو بالوقت الحالي يفوق بأضعاف حجم استياء أوباما منه حينها، لكن ماذا سيفعل الرئيس الذي سيغادر البيت الأبيض بعد نحو 11 أسبوعًا، هل يتجه نحو خطوات مصيرية ضد «إسرائيل»، بالطبع لا.
لن يتخذ بايدن خطوات مصيرية تؤثر على «إسرائيل» وتزيد من صعوبة حالها الآن وفي هذا الوقت الحساس الذي تعيش فيه أسوأ أحوالها، فهو يريد تصفية الحساب مع نتنياهو لا «إسرائيل» ودون المساس بها.
سيزيد بايدن الذي تحرر من القيود الانتخابية من الضغط على نتنياهو للتوصل إلى تسوية وإنهاء الحرب وزيادة المساعدات وتحسين الواقع الإنساني في غزة، وقد يستخدم أساليب لم يستخدمها سابقًا حين كان يقيس خطواته بميزان من ذهب قبل الانتخابات، وسيسعى لإضعاف نتنياهو وزعزعة مكانته داخل «إسرائيل» بشتى الطرق والأساليب.
يمكن أن يستخدم بايدن ورقة تزويد «إسرائيل» بالأسلحة الأمريكية دون المساس بصلب القدرات العسكرية، ويمكن أن يمرر قرارات دولية لصالح الفلسطينيين في مجلس الأمن مثلا، فضلًا عن الضغط السياسي والإعلامي الذي يمكن أن يتسبب بزعزعة مكانة نتنياهو داخليًا.
نتنياهو سيحاول تجنب أي قرارات أمريكية تمس به شخصيًا، سيحاول استرضاء بايدن على الأغلب، لكن لن يعطيه صفقة شاملة تنهي الحرب كما يتمنى الرئيس المنتهية ولايته، قد يعطيه تسهيلات تخفف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة، مرحلة من صفقة أو ما شابه، بالنهاية سيحاول تجنب طلقة الوداع من «البطة العرجاء»، لكن السؤال الأهم هل لدى الفلسطيني ما يمكن أن يأخذه من بايدن في نهاية ولايته؟.