تواصل قوات الاحتلال محاولاتها السيطرة على بلدة الخيام الواقعة في جنوب لبنان، ضمن عملية التوغل البري المستمرة منذ نحو شهرين، فيما تتصدى المقاومة اللبنانية بشراسة سواء في منطقة الخيام، أم باقي المناطق التي تشهد محاولات التوغل.
بلغت الاشتباكات ذروتها ليلة أمس الجمعة، في حين شن حزب الله هجوماً ضخماً بالمسيرات الانقضاضية، استهدفت تجمعات جيش الاحتلال، في حين شهد الميدان إنسحاب جنود الاحتلال من أماكن تجمّعهم في محيط المدينة في اتجاه العمرة جنوبها، وفق ما أكدته مصادر لبنانية.
ويتواصل سماع دوي الانفجارات والصليات الرشاشة، صباح اليوم السبت، غربي بلدة الخيام، بعد غارات جوية شنتها طائرات الاحتلال فجراً على البلدة، واشتباكات عنيفة دارات في ساعات الفجر.
وأكدت مصادر ميدانية لبنانية، إنه وفي ظل فشل جيش الاحتلال بالتقدم نحو الخيام، حاول الالتفاف من جوانب البلدة في اتجاه إبل السقي والأطراف المطلة على الخيام، فيما كانت المقاومة تستهدف محاولات الالتفاف هذه على الرغم من الغطاء الناري الكثيف الذي شكله جيش الاحتلال.
وبحلول الساعة 5 من فجر اليوم تقدمت قوة عسكرية إسرائيلية من شمع باتجاه البياضة غرباً وبعد انطلاقها من نقطة تمركزها في محيط مركز اليونيفيل واجتيازها مئات الأمتار استهدفتها المقاومة وأصابت دبابتي من طراز "ميركافاه" تابعتين لها.
وتدور رحى المعركة منذ 6 أيام متتالية، خاض بها حزب الله قتالاً عنيفاً ضد الفرقة 210 من جيش الاحتلال، فيما دارت اشتباكات لا تقل ضراوةً في عدة محاور من الجنوب اللبناني، فيما أعلن أعلن حزب الله استهدافه تجمّعات قوات الاحتلال في الأطراف الشرقية في الخيام 8 مرات، منذ الساعات الأولى لفجر أمس الجمعة وحتى المساء، بالصليات الصاروخية والمسيّرات الانقضاضية.
وفي صباح اليوم، حاولت قوات الاحتلال توسيع المساحات التي تعتبرها "مؤمّنة" من وجود عناصر المقاومة عبر محاولة التثبيت في بلدة الجبّين، ليتبيّن أنّ المقاومين يترصّدون هذه القوات في البلدة، حيث دارت اشتباكات بالأسلحة الصاروخية والرشاشة أوقعتهم بين قتيل جريح، إضافةً إلى تدمير دبابة "ميركافاه".
لماذا الخيام؟
يكثف جيش الاحتلال من محاولاته لاقتحام البلدة لما تشكله من بوابة استراتيجية تمكّنه من توغل بري سريع على عكس ما جرى في البلدات الجنوبية الأخرى.
ويولي جيش الاحتلال الطرف الشرقي للبلدة الأولوية الكبرى كبوابة محتملة لنجاح التوغل البري داخلها، ثم الانطلاق بعملية التوغل في كافة مناطق الجنوب، في حين يسعى جيش الاحتلال لتحقيق أكبر استفادة من موقع البلدة الجغرافي والتي يتسم بالاستراتيجية، إضافة للسيطرة على الطرق والمفترقات الحيوية.
الخيام وتاريخ المعارك
قبل أكثر من 24 عاماً، وتحديداً بين شهرين نيسان وأيار من عام 2000، دارت معارك عنيفة في الخيام بين حزب الله، وجيش لبنان الجنوبي المتعاون مع الاحتلال، في حين كانت هذه المعركة الفاصلة بتفكيك جيش العملاء وكسر سيطرته على المدينة، ثم انسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان.
خلال شهر نيسان هاجم حزب الله مقرات الجيش الجنوبي قرب معتقل الخيام سيء السمعة، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، ثم أعاد الحزب شن الهجمات، فيما كان الهجوم الكاسح خلال شهر أيار، عندما حرك حزب الله مقاوميه والجماهير اللبنانية التي حاصرت المعتقل وحررت الأسرى في مشهد وثقته الكاميرات، وأسرت عناصر من جيش لبنان الجنوبي.
يعتبر معتقل الخيام، أبرز معالم الاضطهاد الصهيوني في جنوب لبنان أبان احتلاله، وتعود فترة إنشاء السجن إلى حقبة الانتداب الفرنسي للبنان وتم إنشاءه في الثلاثينات، ويقع على تلة مرتفعة ضمن بلدة الخيام، ويُطل على شمال فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل.
بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982، وقعت البلدة والمعتقل تحت السيطرة الإسرائيلية، في حينها اعتمدت عليه قيادة الاحتلال كمركز اعتقال وتحقيق ضد الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين، وأوكلت إدارته لجيش لبنان الجنوب، ومليشيات العملاء اللبنانية، وخلال سنوات الثمانينات والتسعينات، كان المعتقل الأسوأ الذي قضى به عشرات الشهداء تحت التعذيب، إلى حين تحرير الجنوب اللبناني عام 2000.
خلال حرب تموز 2006، شهدت الخيام اشتباكات ضارية بين المقاومة اللبنانية من جهة وجيش الاحتلال من جهة، تكبد جيش الاحتلال خلالها خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، والتي انتهت بهزيمته وانسحابه من جنوب لبنان، في حين تشهد البلدة هذه المرة قتالاً أعنف