غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مشاهد تخلع القلوب

رؤوس متطايرة في مجزرة خانيونس وأهوال تقشعر لها الأبدان: "في رأس بني آدم مفقود"!

تصميم - مجزرة خانيونس.. صور مفجعة تدمي القلوب.jfif
شمس نيوز - وليد المصري

مزَّق دويُّ الانفجار صفحةَ السماء، واهتزت الأرض كأنَّ زلزالاً ضربها، تبعه ظلامٌ مرعبٌ من سحب الدخان والغبار.. وقتها، تعالت صرخات الأطفال وعويل النساء، وتناثرت الأشلاء، وتطايرت الرؤوس، وانفجرت أسطوانات الغاز، جراء غارة إسرائيلية من الطيران الحربي، استهدفت مدرسة "الشيخ جميل" التابعة لوكالة "الأونروا"، لتُحوِّلها إلى مقبرة جماعية وجحيم مشتعل على مئات النازحين الذي اتخذوها مأوى لهم غربي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، في مجزرة "بشعة" بحق المدنيين العزل، تُضاف إلى آلاف المجازر التي ترتكبها "إسرائيل" في حربها العدوانية التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م، وتمارس فيها تطهيراً عرقياً وإبادة جماعية لم يُشهد مثلها في التاريخ الحديث.

المجزرة حدثت، حين كانت عقارب الساعة قد تخطت التاسعة مساءً، حيثُ اعتاد عدد من النازحين على السهر والتسامر في ساحة المدرسة، علَّهم يخففون عن أنفسهم قليلاً من وطأة الحرب ويهربون من أهوال الإبادة، من خلال سرد الذكريات الجميلة والمواقف الطريفة، كان الليل هادئاً نوعاً ما، عدا من صوت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المذخرة، والتي اعتاد الناس على سماعها وأصبحت جزءاً من روتين معاناتهم اليومية، وإذ بصوتٍ أشبه بصاعقة يبدد ذلك الهدوء ويضرب الطابق الثالث من المدرسة، لتتناثر الأشلاء وتختلط الدماء في كل مكان، كأنه فيلم رعب، لا، بل كان أسوأ!

سريعاً، وصلت سيارات الإسعاف لنقل الشهداء والجرحى، والدفاع المدني لإخماد الحريق الناجم، وهالَهم مشهد الدمار المرعب، وجمعوا ما استطاعوا من أشلاء ووضعوها في "وعام للطعام" تآكلَ نظراً لحجم اللهب الناجم عن الانفجار، وبدأ الناجون في معاونة الطواقم الطبية والدفاع المدني في البحث عن جثث أو مصابين تحت الأنقاض، قبل أن يصرخ أحدهم: "في رأس بني آدم مفقود" بعد أن وجد جثة شهيد بلا رأس، بجانب أطفال انصهرت أجسادهم وذابت جلودهم بفعل اللهب، في مشهد تشيب له الولدان.

ومساء أمس الأحد، ارتكب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مجزرة وحشية مروّعة باستهدافه بالطيران الحربي ثلاثة فصول في مدرسة تأوي نازحين بمدينة خانيونس، ما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء وإصابة آخرين، جلُّهم من الأطفال والنساء.

وقالت مصادر طبية، إن أكثر من 20 شهيداً وصلت جثامينهم لمجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

انهارت جدران الفصول الثلاثة، التي لم تعد سوى مساحة مفتوحة تتشابك فيها الأنقاض مع رماد الذكريات، بفعل القصف، واخترقت الشظايا سقوف تلك الغرف الصفية التي كانت تأوي تلك العائلات، حتى غزتها الثقوب وباتت كالغربال، وعلى الأرض، امتزجت بقايا الخبز الذي لم يتناوله الشهداء مع دمائهم، واختلطت بالملابس التي التهمتها النيران التهاماً. 

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

النازح "أبو حسين"، وهو أحد شهود العيان، يقف على أنقاض الفصل المدمر الذي كان يأوي أسرته، ويروي شهادته على المجزرة الدموية، فيقول: "رأيتُ بعيني رأس أحد النازحين يطير أمامي، وانهار المبنى وبدأت الشظايا تتطاير في كل مكان، وكأنها تسابق صراخ الأطفال والنساء في حصاد أرواح هؤلاء النازحين الذي أُخرجوا ظلماً وقهراً من ديارهم". 

ويضيف: "لا يوجد مبرر لاستهداف المدرسة على الإطلاق، فهي تحمل شعار الأونروا، وتكتظ بالنازحين المدنيين من أطفال وشيوخ ونساء يبحثون عن مأوى من الموت، ولا يوجد فيها أي شخص تابع لأي تنظيم". 

أما الشاب "خالد"، وهو ناجٍ آخر على المجزرة، فيقول: "كنتُ أجلس برفقة عدد من عائلتي وأصدقاء النزوح عند باب الفصول، وفجأة استهدفت طائرات الاحتلال الحربية المدرسةَ دون أي إنذار أو تحذير مسبق، كأنَّ الأرض انفجرت من تحتنا، وهوت الحجارة والأسقف علينا"، مضيفاً: "حاولنا الزحف مراراً من تحت الأنقاض، حتى نجونا بأعجوبة". 

وأعلنت وزارة الصحة بغزة ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45,028 شهيداً و106,962 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر للعام 2023م.

وقالت الوزارة إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، خلال الـ (24 ساعة الماضية)، وصل منها للمستشفيات 52 شهيداً و203 إصابات.

وأوضحت الوزارة أن عدداً من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.