"كأنك تسلخ الجلد عن اللحم" بهذه الكلمات المؤلمة وصف محمد والد الطفلة مريم أبو هلال (6 أعوام) حال طفلته وهي تصرخ من شدة الألم أثناء محاولة والدتها إزالة الملابس عن جسدها؛ فهي تعاني من مرض خطير ونادر يهدد حياتها.
"مريم أبو هلال" هي طفلة فلسطينية أصيبت قبل الحرب باحمرار طفيف أسفل البطن، وقد تلقت علاجًا طبيًا أدى لإنهاء الاحمرار وتخفيف الآلام الشديدة، وفجأة دون سابق إنذار ومع مرور الشهور الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية انقلبت حياة مريم رأسًا على عقب.
فقد تعرضت مريم؛ لهجوم شرس من مرض نادر يشبه -المادة القشرية- التي تغطي جميع أنحاء الجسد، حيث تتجدد المادة القشرية كل لحظة ما يُسبب آلامًا شديدة جدًا مع توقف ثلاث حواس رئيسية عن أداء مهامها الرئيسية "السمع - البصر - الشم".
لا تتوقف مريم عن الصراخ والآنين طوال الوقت، يقول والدها لمراسل "شمس نيوز": "منذ إصابتها بمرض المادة القشرية وهي تعاني آلامٍ شديدة جدًا تشبه آلام الحروق، وباتت حياتنا صعبة، إذ لا بد من التوجه يوميًا إلى المستشفيات والعيادات الطبية للحصول على بعض الأدوية التي تخفف آلامها".
بداية المرض
وبدأت حكاية مريم وفقًا لوالدها قبل بداية الحرب يقول: "أصيبت مريم باحمرار في صرتها وتم السيطرة على المرض والانتهاء منه في وقت سريع جدًا؛ لكن تفاجأنا خلال الحرب بهجوم شرس للمرض على جسد الطفلة".
تنقل والد الطفلة مريم بين أروقة المستشفيات جنوب قطاع غزة؛ للكشف عن المرض وأسبابه والواقية منه، مشيرًا إلى أنه عرض طفلته على أطباءِ ووفود أجنبية كانت تتوافد لمستشفيات القطاع -لعلاج مصابي وجرحى الحرب- بهدف التعرف على مرض طفلته وأسبابه وطرق علاجه؛ إلا أن محاولته باءت بالفشل.
وأبلغ الأطباء والد الطفلة مريم بأن مرض طفلته خطير على حياتها ونادر، لا يوجد له علاج في قطاع غزة مطلقًا لذلك دعوه للسفر لأوروبا: "هذه الطفلة تعاني من مرض نادر ويجب إجراء فحوصات مخبرية جينية للتمكن من تشخيص حالتها".
ومع مرور الوقت تتفاقم حالة مريم سوءًا، إذ تعاني من انسداد في الأذن والعين والأنف، يُبين والدها: "أن المرض يتسبب بإغلاق فتحات الأنف لدى الطفلة ما يعرضها لصعوبة في التنفس، كما تتعرض لإغلاق في فتحات الأذن وإغلاق فتحات العينين بالكامل".
وتعاني والدة مريم كثيرًا في كل صباح لفتح عيون طفلتها مريم بالماء الدافئ، فيُشير والدها إلى أن مريم تستفيق يوميًا على كابوس مرعب؛ لأن المادة القشرية تغطي عيونها وأذنيها؛ لذلك تستخدم الماء الدافئ بهدوء تام لإزالة المادة القشرية.
وتجد عائلة مريم صعوبة كبيرة في إزالة المادة القشرية بسبب النزيف الحاد، يقول والدها: "يسبب النزيف آلامًا شديدة لمريم ونشعر بالعجز عن تقديم المساعدة، نقضي كل ليالينا بالبكاء والأمل بأن الله تعالى سيكتب لطفلتهم مريم مخرجًا من هذا المرض الخطير".
دماء خضراء وأورام تحت الجلد
وفيما يتعلق بالسفر خارج قطاع غزة، أوضح أن الجهات الصحية وافقت على خروجها للعلاج بالخارج لكن الاحتلال الإسرائيلي اجتاح معبر رفح وتم تأجيل سفرها لإشعار آخر"، ومنذ تلك اللحظة يحاول والد مريم التواصل مع المؤسسات الدولية والأجنبية العاملة في قطاع غزة لتسهيل سفر طفلته خارج القطاع لتشخيص المرض والعثور على علاج مناسب لها.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
ونتيجة لتفاقم معاناة الطفلة مريم وانتشار المادة القشرية في جميع أنحاء جسدها بشكل سريع بدأت تخرج من عينيها وأذنيها مادة خضراء غير معروفة فيما بدأت تتشكل أورامًا في رأسها وعنقها تحت الجلد ولم يتم تشخيصها حتى الآن.
وفقدت مريم القدرة على الحركة بالكامل الأمر الذي يسبب آلام مضاعفة للأسرة، يبين والدها إلى أن الآلام تفاقمت بشكل كبير جدًا ولم تعد مريم تعاني فقط بل بدأت العائلة كلها تعاني من تأثير مرضها يقول: "أصيبت مريم والعائلة بحالة نفسية صعبة حيث بدأ الأطفال يبتعدون عن مريم فيما يهمس الناس بآذان بعضهم البعض عن صعوبة حالتها".
يقول: "مريم ذكية جدًا وتستطيع فهم أحاديث الناس، وفي كل ليلة تسألني لماذا الناس يتحدثون عني؟، لماذا يبتعدون عني؟، لماذا أصدقائي الأطفال لم أعد أراهم؟".
ويتمنى والد الطفلة مريم أبو هلال أن يحصل على تحويلة للعلاج خارج قطاع غزة وأن يتم الكشف عن مرض طفلته الصغيرة وأسبابه وعلاجه لتعود إلى حياتها الطبيعية قائلًا: "كل يوم يتقطع قلبي عليها وهي تقول يا رب أطلع برا غزة وأتعالج وأعيش زي ما كنت، يا رب يوافقوا على سفري واتعالج خارج غزة".