غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

"مسك المدهون".. طفلة تصارع الموت ووالدتها تصرخ: "قلبي يحترق عليها"!

الطفلة مسك المدهون.jpg
شمس نيوز - مطر الزق

ترتجف أناملها كلما اقتربت من لمس ابنتها الصغيرة "مسك"، وتسارعت نبضات قلبها مع تساقط دموعها الساخنة على جسد الطفلة البالغة من العمر (5 أعوام)؛ فبجسد منهك يكسوه عظم، بعكس المعتاد عليه عند البشر، وشفتين مائلتين إلى الزرقة تعيش الطفلة مسك المدهون مع عائلتها النازحة في ظروف قاهرة بدير البلح وسط قطاع غزة.

تعاني الطفلة "مسك المدهون" من ضمور في الجسد وشلل دماغي وسوء تغذية منذ الولادة؛ لكن حالتها ساءت بشكل كبير منذ بدء حرب الإبادة الجماعية؛ لعدم توفر الأدوية اللازمة ونقص الغذاء، إذ تقول والدتها آية لمراسل "شمس نيوز": "أخشى على صغيرتي مسك من الموت في أي لحظة، والله تعبنا يا عالم بدنا حد يطلع للأطفال وينقذ هـ الأرواح البريئة من الإبادة".

وتحدثت والدة مسك عن الحكاية المؤلمة لطفلتها التي باتت طريحة الفراش منذ بدء حرب الإبادة: "كانت مسك تتلقى العلاج اللازم قبل الحرب في مستشفى المقاصد بالقدس، وفي مصر، وتحسنت حالتها كثيرًا وبدأت ترسم الابتسامة على شفتيها".

تحتفظ آية في هاتفها النقال بصورة طفلتها الصغيرة عقب تحسن حالتها الصحية، في تلك اللحظة رصد مراسلنا ابتسامة رقيقة على وجهها؛ لكن عينيها امتلأت بالدموع ولسان حالها يقول: "يا رب ترجعِ مثل هيك يا بنتِ وافرح عليكِ مثل إخوانك الصغار".

 

نزوح مؤلم

تعاظمت معاناة مسك عندما بدأت حرب الإبادة الجماعية إذ تقول والدتها: "نزحنا منذ بداية الحرب من الشيخ رضوان في غزة إلى مدينة رفح جنوب القطاع، وعندما بدأ جيش الاحتلال عمليته العسكرية في رفح انتقلنا إلى مدينة دير البلح".

لم تجد عائلة مسك المدهون مكانًا فارغًا في دير البلح نتيجة النزوح الكبير من رفح وخانيونس، سوى شاطئ البحر؛ فالتجأت إليه ونصبت خيمتها مع صغيرتها المريضة "مسك" وتعرضت لمعاناة مضاعفة نتيجة العيش أمام البحر أخطرها ارتفاع حرارة الطفلة، فقد أشارت والدتها إلى أن درجة حرارة مسك كانت تصل إلى (40 درجة مئوية).

 

أمواج غادرة

تنقلب حياة آية عندما ترتفع درجة حرارة جسد طفلتها، حيث تركض إلى المستشفيات أو العيادات الطبية القريبة من خيمتها؛ لكن دون جدوى؛ فحرارة جسدها تستقر عند الـ(40 درجة مئوية) لعدة ساعات لعدم تلقيها الغذاء المناسب لحالتها الصحية.

تعود والدتها للخيمة ووجهها شاحب وهي تتساءل: "متى سيفتح معبر رفح؟ متى يتم إنقاذ طفلتي الصغيرة؟ من يستطيع النظر إلى جسد طفلتي دون أن يبكي دماً؟"، بهدوء تام تضع آية طفلتها مسك على الفراش وتجلس جانبًا تبكي وضعها المأساوي.

ورغم الألم والمعاناة والنزوح المتكرر تفاجأت آية بدخول فصل الشتاء وما تلاه من رياح شديدة وحالات المد والجزر للبحر، حيث تعرضت للغرق تقول: "في أحد الأيام الماطرة تعرضت الخيمة لدخول مفاجئ لمياه البحر وتساقط الأمطار الأمر الذي أدى إلى غرق الخيمة بالكامل".

 

زنزانة مظلمة

تستذكر والدة مسك تلك اللحظات بألم وحزن تقول: "لولا يقظتنا لغرقت مسك في مياه البحر، وانتقلنا فورًا إلى الشارع الرئيسي لنعيش تلك الليلة الباردة جدًا"، وبعد فترة وجيزة من هدوء المنخفض الجوي وجدت عائلة مسك نفسها داخل زنزانة صغيرة في مركز الإصلاحية التابع للشرطة الفلسطينية قرب مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح.

مكان معتم بالكاد تصل إليه أشعة الشمس؛ لتكشف عن جدرانه الرطبة، النافذة التي تطل جهة الشمال تسمح بضوء النهار لاختراق الجدران، وتدفع بالأطفال للعب داخل تلك الزنزانة، تقول والدة مسك: "نواجه صعوبة كبيرة في التأقلم بهذا المكان، يصاب الأطفال بأمراض لم نسمع عنها من قبل، نحن نعيش في بؤرة لانتشار البعوض والحشرات الضارة".

تحاول آية ترتيب زنزانتها، ثم تهرب بأطفالها في الفناء الخارجي حيث أشعة الشمس، تلفت لمراسلنا: "إلى أنها تستغل أوقات الصباح الأولى وما بعد الظهيرة لوضع طفلتها تحت أشعة الشمس ليستفيد جسم الطفلة منها".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

وضع مأساوي

تتوقف آية عن سرد شريط ذاكرتها لتتحدث عن الواقع المُر وتقول: "تعيش مسك في وضع مأساوي جدًا، فالمكان غير مهيأ لطفلة تعاني من ضمور في جسمها، الذي بات أشبه بالهيكل العظمي، حتى الطعام لا تأكله".

وتكتفي آية بإطعام طفلتها الصغيرة مسك بـ "المكمل الغذائي" فقط، إذ توضح: "بأن غذاء الحرب في غزة والتي تتمثل بالمعلبات غير صحية مطلقًا لطفلة مريضة، تحتاج إلى علاج وغذاء خاص"، مشددة على ان الطعام المتوفر في الأسواق أسعاره مرتفعة جدًا".

وتكرر آية حديثها عن خوفها الشديد تقول: "في الصباح الباكر قلت لزوجي، أشعر بأن البنت مش مطولة، أخشى عليها من الوفاة، فحالتها تسوء بشكل مستمر دون أن يقف معنا أي إنسان أو أي منظمة صحية طبية أو حتى دولة عربية لإنقاذ الطفلة من الموت المحدق بها".