تحوّلت ساحة مستشفى «الأهلي» (المعمداني) في مدينة غزة إلى مسلخ بشري، إذ وصل العشرات من المصابين والشهداء إلى قسم الطوارئ والاستقبال، بواسطة سيارات الإسعاف والسيارات المدنية والعربات التي تجرّها الدواب، فيما كانت جثامين الشهداء تُكفّن في الباحة من دون المرور بأقسام المستشفى، وخيوط الدماء تملأ الممرّات المؤدية إلى الأقسام. هذا المشهد خلّفته عشرات الغارات التي شنّتها الطائرات المُسيّرة على تجمعات المواطنين، في وتيرة قصف تجاوزت الأيام والأسابيع الأولى من حرب الإبادة، وطاولت، في معظمها، تجمّعات المواطنين في الشوارع والطرقات وعلى أبواب المنازل، في مؤشر يربطه البعض بقرب التوصل إلى اتفاق يمكن أن يفضي إلى وقف مؤقت لمسلسل القتل، في حين ينظر إليه آخرون على أنه أداة ضغط على المفاوضين لتقديم المزيد من التنازلات.
وفي مدينة غزة، نفّذت الطائرات المُسيّرة أكثر من 18 غارة، إحداها استهدفت تجمعاً للمواطنين على البوابة الرئيسية لمستشفى «الشفاء» غرب المدينة وقضى فيها 5 مواطنين. كذلك، تسبّب قصف آخر في محيط محطة بهلول في شارع النصر شمال غرب المدينة بارتقاء 3 شهداء، كما استشهد 3 أطفال في استهداف منطقة الشمعة في حي الزيتون، وارتقى 7 شهداء في غارتين طاولتا حي الشيخ رضوان. واستهدفت مُسيّرة أيضاً موقف سيارات يؤوي نازحين في حي الشجاعية، موقعةً 6 شهداء، ثم شنّت الطائرات الحربية 3 غارات طاولت تجمعات للمواطنين في أحياء الصحابة والسامر والمغربي، ما تسبّب بارتقاء 7 شهداء.
ولم تكن الأوضاع الميدانية في جنوب وادي غزة وتحديداً في المحافظة الوسطى، أحسن حالاً منها في الشمال، حيث شنّت الطائرات الحربية عشرات الغارات على منازل المواطنين في حي الدعوة في مخيم النصيرات وحي الزوايدة ودير البلح، ما أوقع 10 شهداء وعشرات الجرحى. على أن الساحة الأكثر اشتعالاً كانت المناطق المحاصرة في شمال القطاع؛ فبعد أن فرغ جيش العدو من مستشفى «كمال عدوان»، شنّ، أمس، هجوماً على مستشفيي «الإندونيسي» و»العودة» في حي تل الزعتر. ووفقاً لإحدى المحاصرات في «الإندونيسي»، طالب الاحتلال الجرحى والطواقم الطبية ومرافقيهم بإخلاء المستشفى الذي تعرّض لإطلاق نار كثيف جداً من الطيران المُسيّر. أما مستشفى «العودة» الذي يعمل فيه مئات الأطباء والممرضين، فقد قصف جيش الاحتلال بوابته وقسم الطوارئ والاستقبال فيه بـ3 قنابل أدّت إلى إصابة فردين من الكادر الطبي فيه، قبل أن يرسل أحد مندوبيه ويسلّم مدير المستشفى تهديداً بإخلائه على الفور «وإلا سيتم قصفه على رؤوس من فيه».
وفي غضون ذلك، كثّف جيش العدو عمليات نسف الأبنية والمربعات السكنية، وتدمير العشرات من الأبراج في مدينة الشيخ زايد في بيت لاهيا، وهدمِ مدن سكنية صغيرة في عزبة بيت حانون، فضلاً عن تكثيف عمليات حرق المباني القائمة. وفي المقابل، أعلنت «كتائب القسام» تدمير مقاوميها 4 دبابات «ميركافا» شرق حي جباليا البلد، واستهداف دبابة بعبوة «شواظ» في حي التوام. وقالت الكتائب إن مقاوميها استهدفوا بمشاركة «ألوية الناصر صلاح الدين» طائرة مروحية في سماء وسط القطاع، بصاروخ مضاد للطيران محمول على الكتف من طراز «سام7».
المصدر: الأخبار اللبنانية