يُشير خالد بأصابع مترددة ويردد بصوت مختنق داخل غرف التهمتها النيران المشتعلة: "هنا كانت تنام طفلة صغيرة، وهناك كانت نهايتها"، يدير جسده نحو جدار الغرفة الصفية الممتلئة بالدماء يُكمل وقلبه يشتعل ألمًا: "تمزق جسد الطفلة واحترقت بالكامل، ولم يبقَ منها سوى رأسها شاهدًا على هويتها!".
لم يكن هذا مشهد سينمائي أو روائي يبث عبر قنوات متخصصة بصناعة الأفلام المرعبة، إنما مشهدًا حقيقيًا يعيشه المواطن الغزيَّ يوميًا جراء استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" منذ السابع من أكتوبر 2023، وقد وثق مراسل "شمس نيوز" المشهد المرعب عقب مجزرة داخل مدرسة يافا شرق مدينة غزة، والتي استشهد داخلها أكثر من 15 مواطنًا غالبيتهم من الأطفال والنساء.
بدأت المجزرة المرعبة عندما وصلت عقارب الساعة إلى الثانية ليلًا، يقول خالد: "الجميع كان نائمًا في الخيام التي نصبت في ساحة المدرسة وفي صف المدرسة التي تحولت إلى ملجأ لمئات العائلات، وفجأة انقلبت الحياة رأسًا على عقب".
صرخات مدوية، ونيران مشتعلة، ودخان يتصاعد من كل زاوية في المدرسة، يصف خالد المشهد بـ: "أهوال يوم القيامة"، الكل يركض ويصطدم بمن حوله، وبسرعة حمل خالد ابنته "المشلولة" وصراخ المصابين يعلوا شيئًا فشيئًا يقول: "لا أعرف أين أتجه؟ الخيام فتحت على بعضها البعض وكشفت عورة النساء من هول المشهد.
دقائق قليلة حتى تمكن خالد من نقل أسرته الصغيرة خارج أسوار المدرسة، وعاد مسرعًا حيث أخاه وأسرته داخل أحد الفصول الصفية، فلم يجد أحدًا هناك، كانت عيناه تدور هنا وهناك، وأطلق العنان لصرخاته المدوية، أين الأطفال؟ ليجيبه أحدهم تم نقلهم لمكان آمن؛ لكن كل ما يملكه شقيقه بات رمادًا.
ارتاح قلب خالد قليلًا قبل أن يشتعل نارًا عندما لاحظ رأس طفلة صغيرة بين ركام الغرفة الصفية وجسدها محترق تمامًا، هنا ذرف خالد دموعًا كثيرةً وهو يردد: "ايش ذنب أطفالنا! يقتلون يوميًا؟، أين الإنسانية؟، أين العالم؟، صرخات صدحت من قلبه المحترق بنار الشوق لحياة آمنة بعيدًا عن القصف والدمار ودماء الشهداء.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
ألقى خالد بجسده المنهار صوب الأرض وهو يقول: "كل الي ماتوا أطفال ونساء، كنا نايمين يا عالم!؟، بكفي حرب ودمار بكفي يا عالم، ساعدونا بدنا نعيش بأمن وأمان".
وكرر خالد روايته وهو مترددًا قائلًا: "الكل كان نايم في خيمته، وفي نص الليل أطلقوا صاروخين علينا، وبعديها الكل صار يفقد بحاله وبأولاده وبناته، المشهد كان صعب يا جماعة، وقفوا الحرب، وقفوا الحرب؟".
واستشهد في مجزرة مدرسة يافا نحو 15 مواطنًا غالبيتهم من الأطفال والنساء، وفقًا لإحصائية نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، مؤكدة أن الشهداء كانوا عبارة عن أشلاء ممزقة والمصابين أجسادهم متفحمة.
