في قلب النار وتحت أزيز الطائرات، يواصل أهالي غزة كتابة فصل جديد من ملحمة البقاء. هنا لا يُقاس الصمود بوفرة الإمكانات، بل بإرادة لا تنكسر. فرغم الفقر والحصار وضيق الحال، اختار الناس أن يبقوا في بيوتهم وأرضهم، متحدّين آلة الحرب التي أرادت اقتلاعهم.
إرادة تتجاوز المستحيل
النزوح في غزة لم يعد مجرد قرار بالبحث عن مأوى بعيد، بل اختبار يومي لإرادة لا تقهر، فوسائل النقل شحيحة، والإيجارات باهظة، وأسعار الغذاء والدواء تثقل كاهل الجميع. لكن ما يعجز المال عن تحقيقه، يحققه الإصرار: البقاء في مواجهة الموت وعدم التفريط بالجذور.
قال أحد المواطنين: "لسنا هنا لأننا عاجزون عن الرحيل.. نحن هنا لأننا أصحاب هذه الأرض، ولن نتركها مهما اشتد القصف."
ما بين الموت والتهجير
يجد الغزيون أنفسهم أمام خيارين قاسيين:
مواجهة القصف بصدور عارية وإيمان راسخ بحقهم في الحياة والحرية.
أو النزوح إلى المجهول بعيدًا عن أرضهم وذكرياتهم.
ومع ذلك، كان القرار الجمعي واضحًا: البقاء حيث وُلدوا، حتى وإن كانت السماء تمطر نارًا.
رسالة إلى العالم
غزة اليوم ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل رمز للصمود الأسطوري. رجالها ونساؤها وأطفالها يرفعون رسالة واحدة إلى العالم: "بقاؤنا هنا ليس ضعفًا، بل قوة. ليس عجزًا، بل إصرارًا. لن نهزم، ولن نُقتلع."
إنها ملحمة يكتبها الفقراء بدمائهم وصبرهم، لتقول إن الاحتلال قد يمتلك السلاح، لكنه لا يمتلك القدرة على كسر روح غزة.
