غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

يواجهون البرد والركام بلا مأوى

بالصور نازحون يسكنون تحت الركام… انتظارٌ ثقيل وحياة على حافة الانهيار

شمس نيوز - نضال ابو شربي

 

في قلب غزة المدمَّرة، حيث تحولت الأحياء إلى أطلال صامتة، يعيش آلاف النازحين الذين فقدوا منازلهم بلا مأوى حقيقي. لا خيام تحميهم، ولا مراكز إيواء قادرة على استيعابهم، فيلجؤون إلى بقايا منازل متصدعة وآيلة للسقوط، يقتسمون معها الخوف والبرد والمجهول.

يعيش النازحون الذين فقدوا بيوتهم بين أنقاض الركام، في أماكن غير صالحة للسكن وآيلة للسقوط في أي لحظة.

لا جدران تحميهم، ولا سقف يقيهم المطر والبرد، ولا تتوفر لديهم أدنى مقومات الحياة؛ فالعائلات تنام على الأرض وسط بقايا منازلهم المدمرة، يحاولون النجاة بما تبقى لهم من أمل، بينما تتسرب الأمطار عبر الشقوق، ويزداد الخطر مع كل ساعة تمر.

ومع غياب المأوى البديل وندرة المساعدات، يجد هؤلاء النازحون أنفسهم عالقين بين الخوف والجوع والبرد، ينتظرون بصيص دعم يخفف قسوة الحياة التي فرضتها عليهم الحرب.

تحت أنقاض المنازل المدمرة، يعيش مئات العائلات النازحة في ظروف لا تشبه الحياة.

ليست خيامًا تأويهم، ولا غرفًا تحميهم، بل بقايا جدران متشققة وأسقف معلقة تكاد تسقط فوق رؤوسهم في أي لحظة. هنا، تتجسد المأساة الإنسانية بكل تفاصيلها: حياة عالقة بين الركام والخوف والبرد.

يقول أحد النازحين وهو يشير إلى ركام منزله الذي يعيش تحت سقفه من المتوقع سقوطه باي لحظة فهذا المكان خطير لكن ما عندنا بديل… إذا تركناه أين نذهب؟ لا خيمة ولا مأوى ولا حتى سقف ننام تحته."

وكما قال ان البيوت التي لجأنا إليها ليست سوى جدران منهكة وآيلة للانهيار، ومع كل هطول للأمطار يزداد القلق من سقوطها فوقهم.

رغم ذلك، نضطر للبقاء، فالمدارس ممتلئة، والخيام شحيحة، والمساعدات لا تغطي حتى الحد الأدنى من احتياجاتهم.

وأضافت أم محمد، نازحة من شمال القطاع، تقول بصوت متهدّج:

"أولادي ينامون قرب الحائط خوفًا من السقف… المطر ينزل علينا من كل الجهات، ما بنعرف كيف نعيش يوم جديد."

وتؤكد على ان الأطفال ضحايا البرد والحرمان فيبحث الأطفال بين الركام عن قطع خشب صغيرة لإشعالها، أو أدوات مكسورة يمكن أن تخفف معاناتهم.

عائلات كاملة تنام على البلاط المبتل، وبين أيديهم بعض الأغطية البالية التي لم تغرقها الأمطار بعد. الأطفال يلتفون حول نار صغيرة أشعلوها من بقايا الخشب، فيما تحاول الأمهات حماية صغارهن من الرياح الباردة التي تتسلل من بين الشقوق الواسعة.

وفي ذات السياق قال احد الأطفال بنطلع كل يوم ندور على حاجة نعمل منها ناربرد كتير وما في بطانيات."

الوضع الإنساني يتدهور يومًا بعد يوم، والنازحون يناشدون المؤسسات الدولية والعربية والمحلية لتوفير خيام، وأغطية، ومواد غذائية، ومراكز إيواء آمنة بعيدًا عن خطر السقوط والانهيارات.

ختامًا، تظل معاناة هؤلاء العائلات شاهدة على جرح غزة المفتوح؛ جرح لم يندمل بعد، ويزداد ألمًا مع كل ليلة باردة يقضيها النازحون تحت بقايا المنازل المهدمة، بانتظار يد تمتد إليهم وتنقذ ما تبقى من حياتهم.

وسط هذا الركام، تتكسر أحلامهم كل ليلة، وتبدأ معركة جديدة كل صباح، في مشهد يختصر عمق المأساة التي لم تجد بعد من ينتشلها.

لم يجد كثير من الأسر سوى العودة إلى منازلهم التي تحولت إلى ركام، بحثًا عن جدار متبقي يصدّ عنهم الريح.

وتفيد أم عبدالله وهي تجلس بين حجارة منزلها المنهار"هنا بيتنا… حتى لو صار ركام. ما لقينا خيمة ولا مكان نروح عليه. بنام على الخطر بس وين نروح؟ كل الملاجئ مليانة.

الجدران متصدعة، الأسقف معلّقة، والأرض غارقة بالمياه التي تتسرب من كل اتجاه، ومع ذلك يصرّ الناس على البقاء لأن البديل… لا وجود له.

مع أول هطول للأمطار، غرقت البطانيات القليلة، وتهدمت أجزاء إضافية من المنازل، وتحولت الأرض إلى طين بارد.

يصف أبو محمد وضعه قائلاً الليل كله صحوة. المطر صار ينزل علينا مباشرة. ما في شادر نغطي فيه أولادنا بنضل نركض من زاوية لزاوية ندور على مكان جاف."

الأطفال يلتصقون ببعضهم اتقاءً للبرد، بينما تحاول الأمهات إنقاذ ما تبقى من الملابس والأغطية قبل أن تجرفها المياه.

المباني التي يسكنها النازحون لم تعد صالحة للبقاء؛ أي هزة باليد قد تُسقط جدارًا، وأي ريح قوية قد تُسقط سقفًا.

تجلس أم أحمد قرب نار صغيرة أشعلتها من بقايا الخشب:

"أطفالي بيصرخوا من البرد. ما عندنا بطانيات، ولا عندنا أي شيء نغطي فيه السقف. كل يوم بخاف إنه الجدار يوقع علينا. بس ما في جهة تساعدنا. لو يعطونا خيمة واحدة كنا نعيش بأمان أكثر."

وتضيف "أحلامنا صارت بسيطة… بدنا مكان ننام فيه بدون خوف."

رجل مسن فقد منزله بالكامل يروي الحاج أبو يوسف وهو ينظر إلى سماء مفتوحة فوق رأسه:

"بيتنا عاش فيه أجيال… اليوم صرنا نعيش فوق ركامه. أنا مريض وما بقدر أتحرك كتير. لا دواء، ولا سرير، ولا حتى جدار نميل عليه. كل ما ينزل الشتاء بنقول يمكن هاي الليلة الأخيرة."

تبقى حياة النازحين تحت الركام شاهدة على قسوة الحرب، وعلى صمت العالم أمام مأساة تتعمق كل يوم.

لا شيء يمكن أن يبرر أن ينام طفل فوق أرض مبللة، أو أن يرتجف شيخ من البرد داخل غرفة بلا سقف.

هذه العائلات لا تطلب الكثير فقط مكانًا آمنًا يحميهم من الموت البطيء

وحتى يتحقق ذلك، سيظل صراخهم صامتًا تحت الأنقاض، ينتظر من يسمعه وينقذهم من حياة على الحافة.