سامانثا نورث – نيوانترناشونالست
نسمع الكثير عن الدول التي تقاتل من أجل السيطرة على النفط؛ إلا أننا لا نسمع سوى القليل عن النضال في سبيل العدالة في توزيع الماء. والمياه هي أحد الموارد الحيوية، وتعد أكثر أهمية من النفط بالنسبة للوجود الإنساني اليومي. وفي حين أصبحت موارد الماء شحيحةً على نحو متزايد في جميع أنحاء العالم، أصبح الماء أيضًا مسببًا رئيسًا للصراعات.
وتسيء الدول التي تحصل على المياه من مصدر مشترك استخدامه في كثير من الأحيان، وهو ما يتسبب بمشاكل اجتماعية وعملية بعيدة المدى لأولئك الذين يشتركون مع هذه الدول في المصدر نفسه. وينطبق هذا خصوصًا على الوضع في الشرق الأوسط اليوم.
ويتواجد الأردن على قائمة أفقر عشر دول بالمياه في العالم، وهو يعتمد بشكل رئيس على إسرائيل لتوفيره بما يلزمه منها. ويشتري الأردنيون المياه المنزلية، وتكلفهم حوالي 23 دينارًا (36 دولارًا) لما يكفي الأسرة المتوسطة العدد لحوالي أسبوع فقط. ولأن هذه المياه غير صالحة للشرب، فإنهم يضطرون أيضًا إلى الاعتماد على المياه المعدنية المعبأة في زجاجات.
وهناك في الشرق الأوسط الكبير أكثر من 40 مليون شخص في حاجة للماء، وفقًا لتقرير مجموعة الاستبصار الاستراتيجي. وتنتشر هذه المجموعات السكانية في مساحات واسعة من تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، وسوريا. وهناك أيضًا صراعات عسكرية شديدة ومستمرة في بعض هذه الدول، ممايجعل الأمور أسوأ.
وقد جاء اندلاع الحرب الأهلية السورية في جزء منها بسبب نقص المياه الناتج عن الجفاف الشديد بين عامي 2006 و2010، وفقًا لمجموعة الاستبصار الاستراتيجي أيضاً. وحاولت “الدولة الإسلامية” كذلك أن تسيطر استراتيجيًا على موارد المياه في شرق سوريا وغرب العراق، ولا سيما من خلال السيطرة على سد الموصل، وهو الأكبر في العراق. ومن يسيطر على هذا السد يسيطر على معظم الموارد المائية والطاقة الكهربائية في العراق؛ وبالتالي يستطيع أن يستخدمه في ممارسة الضغط على الحكومات والسكان.
واستطاعت القوات الكردية والأمريكية استعادة السيطرة على سد الموصل؛ إلا أن الوضع هناك لا يزال غير مستقر، وهو ما يمنع بعض أفضل المتخصصين في إدارة موارد المياه في العالم من العمل في هذه المنطقة المضطربة لابتكار أساليب لإدارة المياه على نحو أكثر فعالية.
وقال أخصائي المياه في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، كريستوف بوش، متحدثًا في المنتدى الأزرق للسلام الذي عقد في إسطنبول: “شرد ثلاثة ملايين شخص في سوريا. هذه الأزمة واسعة النطاق؛ ولكننا نأمل بأن تكون إدارة المياه عنصرًا من عناصر عملية إعادة البناء والمصالحة في المستقبل“.
وقد تصب القضايا الثقافية والدينية والسياسية المزيد من الزيت على النار، ولكن غالبًا ما تكون الأسباب وراء حدوث الصراعات هي الفقر، وسوء إدارة المياه. وعندما تكون المياه شحيحة، يصبح هناك صراع للسيطرة على مواردها، وهو الصراع الذي يتصاعد بسرعة ليصبح عنيفًا وتمييزيًا بين الجماعات المختلفة.
ويعد أكثر السكان تأثرًا بهذه الصراعات، ومشاركةً فيها، بالعادة هم الفقراء، والريفيون، والمزارعون؛ وبالتالي، لو تم التركيز على تنفيذ سياسات تنموية شاملة، لكان من الممكن المساعدة في معالجة بعض مظالم هؤلاء، وجعل حياتهم اليومية أسهل، وتقليل احتمالات قيام الحروب.
وقد أثبت التعاون بين الدول في مجال المياه نجاحًا في أجزاء من أمريكا اللاتينية، وإفريقيا، وآسيا. ولكن معظم الدول في الشرق الأوسط كانت مترددة في تبني هذه الفكرة حتى الآن. ويشير تقرير مجموعة الاستبصار الاستراتيجي بشأن المنطقة إلى أن العقبة الرئيسة لا تزال “عدم وجود التزام سياسي قوي” بالمشاركة في هذه العملية.
وفي حال لم يتم قريبًا تطبيق نهج لإدارة هذا العنصر الحيوي والرئيس في الشرق الأوسط، فسيكون من المرجح استمرار مشكلة ندرة المياه، وربما تزيدها سوءًا في العقود القادمة. وبناءً على العديد من الأمثلة والتجارب الدولية السابقة، سوف يكون التعاون الأفضل في مجال المياه المفتاح لتخفيف خطر حدوث مزيد من الصراعات في تلك المنطقة.
التقرير يعبر عن وجهة نظر الصحفية