غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر في ذكراها الأولى.. كوابيس الحرب تقتحم أحلام الغزّيين

شمس نيوز/عمر اللوح

(7/7/2014) تاريخ لن ينساه الفلسطينيون، ولن يتجاهله التاريخ، لما يحمله هذا اليوم من معاني الألم والوجع الذي ترك بصماته في كل بيت وكل زاوية من زوايا قطاع غزة المكلوم.. فلا يكاد يخلو منزل من قصة ورواية ومشهد، فشهيد في هذا البيت، وجريح فقد جزء من جسده في البيت المجاور، ومفقود هنا، وأطلال هناك، ومآذن من ركام طالما صدحت بالتكبير والنداء "حي على الصلاة حي على الفلاح".

انفجارات ضخمة بمعدل واحد كل 5 دقائق، وعلى مدار 50 يوما، لا زالت تدوي في آذان سكان غزة، ومشاهد الأشلاء والدماء والدمار، تسيطر على ذكرياتهم وتترك أثرها البالغ في نفوسهم.

يقول الطفل محمد نصر(17 عاماً) من حي الشيخ رضوان بغزة: لا زال في مخيلتي ذلك المشهد المروع عندما شاهدت صاروخ اف16 ينسف المبنى المجاور لمنزلنا، لقد كانت لحظة صعبة لا يمكن أن تغيب عن مخيلتي".

واستشهد في عدوان 2014 على غزة أكثر من 2100 فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، فيما أصيب ألوف بجراح، منها إصابات خلّفت لأصحابها عاهات مستدامة.

كما ودمرت الحرب آلاف المنازل والمؤسسات الأهلية والرسمية والمساجد، وأتت على مئات الدونمات الزراعية.

وتركت آثار الحرب صدمات نفسية لدى كثير ممن عاشوا فصولها، وعاينوا القصف عن قرب.

يضيف الطفل نصر: منذ ذلك الوقت  وأنا اشعر بحالة من الهلع والخوف، كلما مررت بذاك المنزل، أتخيل أنه حدث قبل دقائق".

وأشار والد محمد لــ" شمس نيوز" إلى أن أكثر ما يعاني منه ابنه القلق والتوتر الشديدين والخوف من تكرار الحرب.

ويتابع بالقول: كان قبل الحرب يتحدث مع كافة من يلتقي بهم في الشارع، والأقرباء الذين يزورون البيت؛ ولكن اليوم أصبح أكثر عزلة على نفسه" لافتا إلى انه رغم ذهابه إلى أخصائي نفسي وتلقي العلاج اللازم، إلا أنه يتحسن لفترة، وتسوء حالته بعد وقت قصير.

أشاهد كوابيس

فيما تعرضت منى زعرب من منطقة الزنة في خان يونس لصدمة نفسية قاسية نتيجة فقدانها اثنين من أبنائها، لتقول: لا زال عالقا في ذهني ذلك المشهد المروع عندما قصفت الطائرة والدبابات محيط منزلنا". وأضافت: أثناء خروجنا من المنزل، إذ بقذيفة تصيب الشارع الذي كنا نسير فيه، لأصاب بهلع وخوف شديد".

وتقول متحدثة لـ"شمس نيوز": رأيت أطفالي الاثنين شهداء، حيث كانت جثتيهما ممزقتين، فبدأت بالصراخ بشدة، وما زالت تلك اللحظة منقوشة في داخلي حتى الآن، لا يمكن أن أنساها أبدا" مبينة أنها تعاني في حالات كثيرة من كوابيس الحرب في نومها، وعندما تكون جالسة لوحدها تتذكر ذلك المشهد.

وأوضحت أنها رفضت الذهاب لتلقي جلسات علاجية عند العديد من المؤسسات التي عرضت عليها ذلك.

أفضل من السابق

الطفل نضال الخور( 14 عاماً): ، أصيب هو الآخر باضطرابات نفسية أثرت على حياته اليومية بعد المشهد المروع الذي رآه أثناء مغادرة بيته هروبا من نيران القصف، بعد استهداف منزل عائلة "أبو عقلين" بحي الصبرة. يقول الخور: لقد شعرت بحالات من الخوف والرعب عندما كان أبي يحملني على كتفيه ونحن نركض في الشارع، بعد قصف منزل أبو عقلين، فقد كانت النيران تشتعل في المنطقة بالكامل.

وتبين والدة الطفل لــ" شمس نيوز": ذهبنا بنضال إلى مراكز عديدة، وخلال العديد من الجلسات والاستماع لكلام الطبيب الذي أمرنا بتنفيذها تحسن وضعه كثيرا، وأصبح مع مرور الأيام أكثر حيوية من السابق، ونطمح بأن يتحسن وضعه بسرعة كبيرة ويعود كما كان يلعب مع الأطفال ويتحدث مع الأقارب" لافتة إلى أن جلسات العلاج مستمرة حتى الآن.

صدمة نفسية

وأكد خالد اللوح من منطقة وادي غزة بأنه يذهب كل ثلاثة أيام للطبيب النفسي ليؤهل أبنائه الثلاثة بعدما انعدمت الحياة بداخلهم عقب المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بقصف منزل قريب منهم، أسفر عن استشهاد جميع سكانه.

وقال لـ" شمس نيوز": تعرض أولادي إلى صدمة نفسية أفقدت العديد منهم القدرة على الحديث بطلاقة، وحدثت لهم مضاعفات عديدة، منها التبول اللاإرادي وضعف الشخصية ورفضهم الحديث مع الناس".

اضطرابات نفسية قاسية

وفي ذات السياق، أكد أستاذ التربية وعلم النفس في جامعة الأزهر بغزة د. محمد الأغا، أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة خلفت آلاف الحالات النفسية والاجتماعية والصحية من كافة الفئات والأعمار خاصة في صفوف الأطفال والنساء.

وقال د. الأغا لـ"شمس نيوز" :أبرز الأمراض التي خلفها العدوان التبول اللاإرادي والإصابة بأمراض السكر والضغط، بالإضافة إلى أن العديد من المواطنين يعانون أمراضا في الأصل، وحصلت لهم مضاعفات صحية".

وأشار إلى أن أبرز الأعراض النفسية "ضعف في العلاقات الاجتماعية والانكباب على النفس وعدم الاختلاط بالآخرين والشعور بالخوف والقلق من تكرار ما حدث في السابق من مشاهد مروعة.

وأضاف أستاذ التربية وعلم النفس بأن "المطلوب هو زيادة الوعي الثقافي من خلال وسائل الإعلام وخطباء المساجد". وطالب المواطنين بالتوجه إلى المراكز الصحية لتلقي جلسات من العلاج حتى يخرج كافة المصابين بسلام مما يعانون ونصبح مجتمعا سليما وخاليا من حالات الاضطرابات النفسية.