غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر لماذا يقاوم الفلسطينيون: منطق الحياة والموت في غزة

فشل المجتمع الدولي في التحرك بعد الجولة الأخيرة من المجازر في غزة يعني أنّ الفلسطينيين هناك بلا دعم

فورين بوليسي جورنال 

صراع آخر يختمر بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية، حماس، بشأن إطلاق سراح إبراهام مينجتسو، وهو مواطن إسرائيلي تسلل إلى غزة في 7 سبتمبر عام 2014، وذلك بحسب ما ذكرته مصادر عسكرية إسرائيلية.

لا تزال ظروف دخول مينجتسو إلى قطاع غزة غير واضحة، خاصة وأن الزعيم السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، نفى أن الجناح العسكري لحركة حماس احتجز المواطن الإسرائيلي.

وصرّحت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن هناك إسرائيليًا آخر محتجز في غزة. وقد رفع أمر حظر النشر حول اختفاء مينجتسو، ولكن لا يزال هناك أخبار أخرى عن اعتقال مواطن إسرائيلي آخر في غزة.

لم تبدأ المفاوضات غير المباشرة من أجل إطلاق سراحهما، وذلك وفقًا لمسؤولين إسرائيليين. وقال خالد مشعل إنّ إسرائيل حاولت التواصل مع حماس عبر وسطاء من أوروبا، ولكن لن تكون هناك مناقشة حتى تفرج إسرائيل عن 71 فلسطينيًا، وهذا هو عدد الفلسطينيين الذين أُعيد اعتقالهم بعد وقت قصير من الإفراج عنهم في عام 2011 بعد تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل. وفي ذلك الوقت، تم تأمين صفقة لتبادل الأسرى وإطلاق سراح 1027 فلسطينيًا (477 تابعون لحماس) وجلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي الذي اعتقل واحتجز من قِبل مقاتلي حماس لمدة خمس سنوات.

الآفاق الجديدة من المفاوضات سوف تسمح لحماس بإثارة مسألة انتهاك إسرائيل لاتفاق تبادل الأسرى الماضي؛ فمن خلال إعادة اعتقال السجناء المفرج عنهم، فإن أي اتفاقيات مستقبلية مع إسرائيل ستبدو تافهة وكأنها تدبير مؤقت لتأمين مصالح إسرائيل الحالية، دون الالتزام الكامل وغير المشروط بشأن حرية الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم مؤخرًا.

كونها القوة المحتلة التي تمتلك حق الوصول دون عائق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس والضفة الغربية، يمكن لإسرائيل القبض على أي فلسطيني واتهامه ‘بالإرهاب’، دون دليل أو أمر قضائي واجب النفاذ. الجهود الإسرائيلية لخنق أي شكل من أشكال المقاومة، مسلحة أو غير ذلك، غالبًا ما تدعمها السلطة الفلسطينية؛ حيث يتم تدريب وتجهيز الحمقى من قوات الأمن التابعة لها لسحق أي معارضة في الضفة الغربية. غزوة الاعتقالات الأخيرة التي تستهدف بشكل أساسي أنصار حماس والأصوات المعارضة الأخرى هي أحدث دليل على ذلك.

شكّك العديد من المتشائمين في اتفاقية تبادل الأسرى في عام 2011، وتساءل البعض: “ما هي قيمة تأمين الإفراج عن مئات السجناء إذا كان يمكن لإسرائيل إعادة اعتقالهم وقتما تشاء؟”.

ما زال الفلسطينيون يواجهون نفس المعضلة لكل حركة تحرر وطني في العصر الحديث. عانى الهنود الحمر أيضًا من المعضلة عينها وواجهوا الإبادة الجماعية.

في الآونة الأخيرة، قال لي مثقف حسن النية إنّ الفلسطينيين يجب أن يلقوا أسلحتهم ويفككوا مؤسساتهم ويسمحوا لإسرائيل بالاستيلاء على غزة، الأمر الذي، بدوره، يثبت أن إسرائيل تلتزم بالقواعد التي تحكم الأراضي المحتلة.

لكن، هل سبق وأن اهتمت إسرائيل بمطالبات اتفاقية جنيف الرابعة أو أية قوانين دولية أخرى معنية بحقوق دولة محتلة؟ تنتهك إسرائيل الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض، ونادرًا ما كان الاهتمام بشؤون المدنيين المحتلين من ضمن الأولويات الإسرائيلية.

لقد أثارت حرب إسرائيل على غزة منذ عام المزيد من الخراب، أكثر من أي حرب أخرى في الماضي. التقرير الأخير الذي نشرته الأمم المتحدة يدين كلًا من إسرائيل والفلسطينيين باستهداف المدنيين على حد سواء. وبالرغم من أنّه كان من المتوقع أن التقرير سوف يرفض الإطلاق العشوائي للصواريخ محلية الصنع في مناطق مدنية؛ إلّا أنّ السردية ككل، وضعت إسرائيل الكيان المعتدي المحتل، على قدم المساواة مع الفلسطينيين، الذين هم في حالة دائمة من الدفاع عن النفس.

وبصرف النظر عن تقرير الأمم المتحدة، إلى جانب وجود عدد قليل من التقارير الأخرى، فضلًا عن المحاولات الخجولة من السلطة الفلسطينية للحصول على مشاركة محكمة العدل الدولية للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، لم يتغير شيء يذكر في غزة؛ فالمعاناة تزداد والمساعدات غير الكافية التي تبقي الناس على قيد الحياة تنخفض، ولم تتم عملية إعادة الإعمار، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة ومتكررة، ولا يزال الحصار قائمًا وأكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وعلاوة على ذلك، فإنّ وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى المخصصة لرعاية الفلسطينيين، مدينة بمبلغ 101 مليون دولار، مع وجود القليل من التمويل النقدي من المانحين لإنقاذها.

الفكرة العابرة بأن “العالم لن يقف مكتوف الأيدي في أعقاب حرب إسرائيل التي استمرت 51 يومًا على غزة (عملية الحافة الواقية)، كانت مجرد فكرة عابرة، على غرار التمني الذي جاء في أعقاب “عملية الرصاص المصبوب” في 2008-2009″. كان عدد القتلى في صفوف الفلسطينيين من كلا الحربين ما يقرب من 4 آلاف، معظمهم من المدنيين، وكانت نسبة كبيرة منهم من الأطفال. ولكن المعاناة، بطبيعة الحال، امتدت إلى أبعد من هذا العدد وأسرهم الثكلى؛ حيث كان هناك عشرات الآلاف الذين أصيبوا أو شُوّهوا، إلى جانب تدمير البنية التحتية الفقيرة للقطاع والصدمة الجماعية التي لم يسبق له مثيل.

التبرير الإسرائيلي بأن تصرفاتها كانت بدافع حماية المدنيين في المناطق الحدودية هو تبرير واهٍ في أحسن الأحوال؛ حيث قُتل 69 أو 73 جنديًا إسرائيليًا خلال الحرب الأخيرة، وكانوا في مهمة لاجتياح القطاع المحاصر.

ولكن هل صحيح أنه إذا لم يقاوم الفلسطينيون، فإنّ إسرائيل لم تكن لتستخدم الكثير من القوة النارية؟ وربما كان من الممكن أن تكون رحيمة في معاملتها للفلسطينيين؟

المقاومة المسلحة في الضفة الغربية والقدس محدودة للغاية، خاصة في ظل وجود الكثير من الجيش الإسرائيلي المتمركز هناك إلى جانب المستوطنات اليهودية المحصنة التي في توسع مستمر. راشقو الحجارة أو المتظاهرون غير المسلحين يقتلون أيضًا ويجرحون على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود بشكل منتظم. وفي حين تلعب السلطة الفلسطينية دورًا حاسمًا في السيطرة على السكان، فإنّ إسرائيل تجمع ثروة طائلة من احتلالها. إنّ احتلال إسرائيل للضفة الغربية ليس الأقل تكلفة من جميع أنواع الاحتلال غير المشروعة في العصر الحديث فقط؛ بل الأكثر تحقيقًا للأرباح أيضًا.

توقع عدم المقاومة من غزة هو دعوة لإسرائيل لإتمام إذلال للشعب الفلسطيني، والاستفادة من القطاع لتحقيق مكاسب مالية (على سبيل المثال، الغاز الطبيعي بالقرب من الساحل والمنتجعات الشاطئية العنصرية، وغير ذلك)، وتحويل الرجال والنساء والأطفال إلى عمالة رخيصة، في محاولة لكسب قوت يومهم من أجل ضمان بقائهم على قيد الحياة. في الواقع، كان هذا هو الحال لسنوات عديدة، ابتداءً من عام 1967 وحتى ما يُسمى فك الارتباط الإسرائيلي في عام 2005.

فشل المجتمع الدولي في التحرك بعد الجولة الأخيرة من المجازر في غزة يعني أنّ الفلسطينيين هناك بلا دعم، على الأقل حتى الآن، بينما أشقاؤهم العرب منشغلون بالمصائب الخاصة بهم، أو بالتآمر علنًا ضد هذا القطاع الصغير قوي الإرادة.

لذلك؛ حتى لو كانت حسابات المقاومة لا تضيف الكثير -سواء في عملية تبادل الأسرى غير المضمونة، أو عدد القتلى المرعب- سوف يستمر الفلسطينيون في غزة في المقاومة. لقد فعل ‘الفدائيون” ذلك، وظهروا في عام 1948. ويقف الجيل الحالي متيقظًا على الحدود في عام 2015.

هذه ليست مسألة استراتيجية، ولكنه فعل يحكمه منطق بسيط يعيشون به، وهو: إما العيش بكرامة أو الموت بشرف.