غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر زيارة مشعل للسعودية

إسماعيل ياشا

زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” للمملكة العربية السعودية لم تكن مفاجئة للمتابعين، بل كانت هناك بوادر لهذه الزيارة التي من المنتظر أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الحركة والرياض، بعد قطيعة استمرت حوالي ثلاث سنوات في آخر عهد الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذي أعلن الحرب على جماعة الإخوان المسلمين وجميع فروعها المنتشرة في البلدان العربية والإسلامية واعتبرها “منظمات إرهابية”.

هذه الزيارة مؤشر لرغبة جادة في ترميم العلاقات بين الطرفين في العهد الجديد وخطوة هامة بالاتجاه الصحيح، لأن السعودية، كما يلفت إليه العلماء والدعاة والمفكرون، قلب العالم الإسلامي، وقدرها تاريخيا وجغرافيا أن تحتضن قادة الأمة الإسلامية وترحب بجميع المسلمين وتدافع عن قضاياهم، وبالتالي فإن التقارب بين الرياض وحركة حماس ما هو إلا عودة المياه إلى مجاريها الطبيعية والقيام بالواجب دينيا ووطنيا.

زيارة مشعل والوفد المرافق له للسعودية في آخر أيام رمضان المبارك وجهود التقارب بين الحركة والمملكة تحظى بتأييد عربي وإسلامي، بالإضافة إلى تأييد الشعب السعودي الذي لو استطلعت آراؤه حول هذا التقارب والزيارة الأخيرة لخرجت النتائج مؤيدة لهما بنسبة عالية تعكس اهتمام الشعب السعودي بالشعب الفلسطيني الشقيق ودعمه لقضيته العادلة. ومع هذا التأييد الشعبي الواسع، لا شك في أن هناك أطرافا دولية وإقليمية بل وحتى محلية، منزعجة من رغبة الرياض في ترميم علاقاتها مع حركة حماس الفلسطينية وحزب الإصلاح اليمني وغيرهما من الجماعات الإسلامية، وخائفة من انعكاسات هذه السياسة الجديدة على موقف السعودية من الانقلاب العسكري في مصر. ومن المؤكد أن تلك الأطراف ستسعى جاهدة لعرقلة هذا التوجه الجديد ومواجهته بكل ما تملك من سبيل وقوة. ولذلك، إن كانت السعودية عازمة على المضي قدما باتجاه ترميم علاقاتها مع حماس والإصلاح وغيرهما من الجماعات التي تعد جزءا لا يتجزأ من الأمة الإسلامية والمجتمعات العربية، فلا بد من حماية توجهها من محاولات العرقلة وتحرش المفسدين.

حركة حماس، في البيان الذي أصدرته عقب الزيارة، عبرت عن ارتياحها من نتائج الزيارة وحسن استقبال مشعل والمرافقين له من قادة الحركة. ووصف نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية الزيارة بــ”الناجحة” و”المثمرة”. ونجاح هذه الزيارة يسر الفلسطينيين عموما وسكان القطاع على وجه الخصوص، كما يسر كل من يقف إلى جانب القضية الفلسطينية، ويغضب أعداء الأمة وكل من لا يريد للمنطقة خيرا.

ومن المأمول أن يتم الآن تتويج هذه الزيارة بخطوات عملية تخفف معاناة حوالي مليوني فلسطيني يعيش تحت وطأة حصار خانق يفرض على قطاع غزة العدو الصهيوني من جهة والعدو السيسي من جهة أخرى، بالإضافة إلى الإسراع في إعادة إعمار القطاع المدمر قبل دخول موسم الشتاء، والضغط على مصر السيسي لفتح معبر رفح الحدودي لخروج المسافرين من غزة والعودة إليها.

ومن المأمول أيضا لترميم العلاقات وفتح صفحة جديدة وبناء ثقة بين الطرفين أن يكف بعض الإخوة السعوديين عن اتهام حركة حماس بالخيانة لاتفاق مكة، لأن جميع المطلعين والمنصفين يعرفون جيدا أن سلطة عباس هي التي لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه في لقاء تاريخي بجوار المسجد الحرام، وأن حماس حريصة على الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة ونجاحها ولكن فريق أوسلو لا يريد المصالحة ولا مشاركة حماس أو فصائل أخرى في صنع القرار ورسم مستقبل فلسطين، بل يريد منها الاستسلام ويسعى لاجتثاث الحركة.

هذه الزيارة وأمثالها بحاجة إلى الدعم إعلاميا، ولكن وسائل الإعلام، التي يقول معظم السعوديين إنها لا تمثل الشعب السعودي وتوجهاته بل يصفونها بــ”الصهيونية” لانحيازها السافر ضد المقاومة الفلسطينية، غير مؤهلة للقيام بهذا الدور. ومن الخطوات العملية التي لا بد من تقديمها لتعزيز توجه الرياض الجديد إيجاد إعلام قوي يحظى باحترام الشعب السعودي وينطق باسمه ويعكس توجهاته.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".