غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر إرهاب مذموم هنا وآخر مدلل هناك

بينما انتشر في مواقع التواصل فيديو للمدعو «أبوعزرائيل»، أحد قيادات مليشيات الحشد الشعبي في العراق وهو يحرق ويقطّع أوصال رجل لم تعرف هويته؛ قال النشطاء إنه عراقي سنّي، عاد المذكور إلى توضيح الموقف في فيديو آخر قائلا إن الرجل لم يكن سنيّا عراقيا، بل كان صينيا، وفي مرة أخرى قال قوقازيا، ويبدو أن لا يفرق بين الصيني والقوقازي، وفي معرض التبرير أقرَّ أيضا بأنه حرق من سماهم بـ «الدواعش».

وفي حين لا يحتاج المرء إلى كثير فطنة كي يدرك أنه أمام بلطجي قاتل، وليس مناضلا ضد إرهابيين آخرين، وذلك من طبيعة شكله وخطابه، فإن «أبوعزرائيل» يبدو في الخطاب الرسمي العراقي (دعك من الشعبي الذي يضفي عليها صفات أسطورية من البطولة، تماما كما يحدث مع قاسم سليماني)، يبدو في الخطاب الرسمي بطلا يستحق التكريم، ويكفي أن يقبّل رئيس الوزراء حيدر العبادي رأسه أمام الكاميرات كي يتأكد ذلك، ولا تسأل عن المسؤولين الآخرين مثل هادي العامري أو المالكي وسواهم.

مثل هذا الكائن ينبغي أن يُقدم لمحكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، والاعتراف سيد الأدلة كما يقال، وهو بلسانه يعترف بتقطيع البشر وحرقهم، بصرف النظر عما إن كانوا صينيين أم قوقازيين أم «دواعش» بحسب وصفه، لكنه مع ذلك يتلقى التكريم من أوساط رسمية عراقية تسافر في كل الأمصار، وتلتقي مع زعماء العالم كما هو حال العبادي والمالكي.

أليس في ذلك ما يستحق التوقف، في وقت يجري التركيز على ذات الممارسات من تنظيم الدولة، واعتبارها جرائم حرب، وشن حرب جوية على رموز التنظيم واغتيالهم في سوريا والعراق، بوصفهم مجرمين وإرهابيين؟!

لا أحد يدافع عن الإجرام ولا عن البشاعة أيا تكن مبرراتها، لكن هذه الازدواجية في المعايير تستحق التوقف بكل تأكيد، وذلك في معرض فضح هذا العالم المنافق، إن كان من أولئك الداعمين للحلف الإيراني، أم من الغرب الذي يزعم الدفاع عن حقوق الإنسان.

وفي حين قد يرى البعض أن ذلك لا يعدو أن يكون ممارسة فردية، بينما يمارس تنظيم الدولة الأمر على نطاق أوسع، فإن الأمر لا يبدو كذلك، فالمليشيات الطائفية التي أسسها سليماني تمارس ما هو أبشع بكثير من ممارسات الآخرين بمجموعهم في سوريا والعراق، ولا حاجة للحديث عن الإجرام الرسمي الذي يمارسه نظام بشار والمليشيات المتحالفة معه في سوريا، والذي يحظى بإدانات خجولة من هنا وهناك.

ما تفعله مليشيات ما يسمى الحشد الشعبي في العراق هو أكثر بشاعة من أية ممارسات أخرى، وإن لم يُسجل أكثره على فيديوهات (حدث مرات عديدة) ويُنشر كما يفعل تنظيم الدولة، وسياسات التطهير العرقي والطائفي ليست من اللون الذي يحتاج إلى إثبات، إذ يقر بها كثيرون في سياقات مختلفة كما يفعل مقتدى الصدر بين حين وآخر.

المصيبة أن أكثر تلك البشاعات التي تُرتكب على أيدي مليشيات الموت في سوريا والعراق لا تحظى بإدانات من قبل القطاعات الشيعية وعموم الحلف الإيراني، بينما نجد أصواتا عربية سنيّة لا تتوقف عن مهاجمة ممارسات تنظيم الدولة، ما يعني أن الفارق كبير بين ممارسات تنظيم ترفضها القطاعات الأوسع من غالبية الأمة، وبين أخرى تحظى بالدعم والتغطية من قبل الحلف الإيراني. ثم يأتي من يتحدث بخطاب وحدوي في الظاهر، لكأنه يغني عن دعم جرائم تتم في وضح النهار، والتغطية عليها أو تبريرها.

إيران تعتدي على غالبية الأمة في سوريا والعراق واليمن، وما يفعله تنظيم الدولة هو ردة فعل على ذلك، من دون أن يعني ذلك تبريرا بحال، وهو كان في وضع متراجع قبل أن تدعم إيران طائفية المالكي ودموية بشار وجنون الحوثي، فما قيمة الكلام الوحدوي والحالة هذه مع وجود الإجرام المفضوح على الأرض؟!

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".